الخير كله في القرآن

الخير كله في القرآن

حضرة مرزا مسرور أحمد (أيده الله)

حضرة مرزا مسرور أحمد (أيده الله)

الخليفة الخامس للمسيح الموعود (عليه السلام)
  • رمضان والقرآن الكريم
  • مفتاح الرقي والنجاح كله هو القرآن الكريم
  • يضع الشيطان العراقيل ليمنع المسلم من الوصول إلى كنز القرآن الثمين
  • كيفية قراءة القرآن
  • حياة رسول الله كتاب عملي وبمنزلة شرح وتفسير للقرآن الكريم
  • في القرآن الكريم دواء لكل داء

 __

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسْم الله الرَّحْمَن الرَّحيم * الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمينَ * الرَّحْمَن الرَّحيم * مَالك يَوْم الدِّين* إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعينُ * اهْدنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقيمَ * صِرَاط الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْر الْمَغْضُوب عَلَيْهمْ وَلا الضَّالِّين . (آمين)

شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّام أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (البقرة: 186)

اليوم سألقي بعض الأضواء على الجزء الأول من هذه الآية. إن لشهر رمضان علاقة خاصة بالقرآن الكريم كما قد وضَّح الله نفسه بقوله في هذه الآية التي تلوتها عليكم:

شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ

وبذلك قد برهن الله تعالى على أن صيام رمضان لم يُكتب عبثا واعتباطا بل قد نزل هذا الكتاب العظيم الذي هو القرآن الكريم على النبي في هذا الشهر أو بدأ نزوله. ونقرأ في الأحاديث قول النبي :

إنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُنِي الْقُرْآنَ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً وَإِنَّهُ عَارَضَنِي الْعَامَ مَرَّتَيْنِ. (البخاري كتاب المناقب باب عَلامَاتِ النُّبُوَّةِ فِي الإِسْلامِ)

فمما يزيد في أهمية هذا الشهر هو أن شريعة الله الأخيرة والكاملة قد نزلت في هذا الشهر أو بدأ نزولها. ففي الآية التي سبقت الآية التي تلوتها أمرنا الله بالصيام حين قال:

كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ

ثم بشَّر باستجابة الدعوات في الآية التي تليها وتتضمن الآيات بعدها بعض الأحكام الأخرى عن رمضان. ومن هنا بين جليا أن مجرد العبادة وصيام رمضان لا يكفي بل يجب أن يكون لديكم الاهتمام بتلاوة القرآن الكريم أيضا في هذا الشهر الفضيل. إن أهمية رمضان ازدادت لأن الله قد أنزل في هذا الشهر شريعته الأخيرة الكاملة على الإنسان الكامل في صورة القرآن الكريم. لقد تعلمتم أساليب الدعاء والفوز بقرب الله لأنه قد علَّم في القرآن الكريم تلك الأساليب التي تمكِّن المرء من قربه وتُظهر علامات استجابة الدعاء. فتلاوة هذا الكتاب العظيم في رمضان أيضا مهمة جدا لكي تظلوا مهتمين به طوال العام. إن جبريل قد عارض النبي القرآن الكريم مرتين في آخر رمضان في حياته. وينبغي أن يسعى المؤمن أيضا تأسيا بأسوة النبي أن يكمل دورتين للقرآن الكريم في رمضان، وإن لم تستطيعوا ذلك فيجب إكمال دورة واحدة على الأقل بقراءته شخصيا، كما يمكنكم الاستماع إليه بالحضور في دروس القرآن الكريم في المساجد وصلاةِ التراويح أيضا. وإن الذين لا يستطيعون الحضور في الدروس والتراويح بسبب طبيعة عملهم فيمكنهم أن يسمعوا تلاوة القرآن الكريم بتشغيل السيديهات والأشرطة في السيارة أثناء السفر مثلا. على كل حال، يجب الإكثار من قراءة القرآن الكريم والاستماع إليه في هذا الشهر قدر المستطاع. ثم لا تكتفوا بتلاوة القرآن الكريم فحسب بل يجب استخراج الأحكام الواردة فيه والسعيُ طوال العام للعمل بتلك الأحكام. ثم يجب السعي للوصول إلى أرفع المعايير لهذه الأحكام. عندها فقط تتبين للمرء أهمية رمضان ويتمكن من أداء حق الصيام والعبادات الأخرى. لأنه إذا كان لا يعلم ما هو الهدف من أعماله، ولِم أنزل الله الأحكام المختلفة فلا يستطيع أن يؤدي حق تلك الأعمال بل لا يهتدي الإنسان إلى ما يجب عليه من الأعمال أصلا. وإذا كنا نسمع دائما: “اتقوا الله واعملوا صالحا” ولم نعرف ما هي التقوى وما هي الأعمال الصالحة فهذا يعني أن الناس سيتابعون ما يجري في رمضان من البرامج وينجزون بعض الأعمال تقليدا للآخرين، أو يسمعون الخطاب والخطب على جاري العادة. ففي هذه الحالة سيقومون ببعض الأعمال كتقليد وعادة لكنهم لن يدركوا مغزاها ولبها. ولذلك قال الله إن المسلمين الحقيقيين هم

الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ (البقرة: 122)

أي الذين يتلونه بانتظام ويتدبرونه جيدا ثم يسعون للعمل بما قرأوا. لقد قال سيدنا المسيح الموعود بل القرآن نفسه يقول ألا تتخذوه مهجورا. فيجب تلاوة القرآن الكريم والتدبر في آياته والسعي للعمل بما ورد فيه من أحكام وألا يُتخَذ مهجورا. وبعد أن قال الله تعالى:

شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ

في الآية التي تلوتها عليكم أردف قوله

هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ

أي قد أُنزل القرآنُ الكريم لهداية للناس وفيه تفصيل الهدى وفُصِّلت فيه أمور تميز بين الحق والباطل. وما لم يؤدِّ المرء حق تلاوته لا يمكنه الاطلاع على تفصيل الهداية ولا يتمكن من التمييز بين الصدق والكذب. فمن واجب كل مؤمن يريد أداء حق الصيام حقا أن يقرأ القرآن الكريم ويستخرج منه الأحكام. وقد أمر الله بتلاوة القرآن الكريم في موضع آخـر حيث قال

وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآَنَ (النمل: 92-93)

فالطاعة الحقيقية هي أن ننفذ الشريعة الكاملة التي أنزلها الله تعالى على النبي – والتي ندّعي إيماننا بها كما ندّعي الإيمان بمسيح الزمان والإمام المهدي – وأن نسعى جاهدين لأداء حق تلاوة الكتاب الكامل القرآن الكريم. وعلينا أن نتعهد في رمضان هذا بتلاوته بانتظام بل يجب أن نتلوه فعلا، فلنعقد العزم أيضا على أننا سنقرؤه يوميا بعد رمضان أيضا وسنجعل تلاوته لزاما علينا، وسنسعى للامتثال لأوامره قدر المستطاع لأن هذا ما سيقرِّبنا إلى الله وبهذا سينال صيامنا قبولا عند الله.

فهذا يعني أن الناس سيتابعون ما يجري في رمضان من البرامج وينجزون بعض الأعمال تقليدا للآخرين، أو يسمعون الخطاب والخطب على جاري العادة. ففي هذه الحالة سيقومون ببعض الأعمال كتقليد وعادة لكنهم لن يدركوا مغزاها ولبها.

هذا ما لفت إليه انتباهَنا سيدُنا المسيح الموعود بشكل خاص حيث قال حضرته :

“ومن التعاليم الضرورية لكم هو أن لا تتخذوا القرآن الكريم مهجورًا، فإنّ لكم في القرآن وحده حياةً.

(أي حذار أن تنسوا العمل بهذا التعليم الحقيقي. فلا تكتفوا بمجرد القراءة والتلاوة بل يجب العمل به وإلا ستصيرون كالموتى، ولن تبقى فيكم الحياة الروحانية. وإن عهد البيعة الذي قطعناه مع سيدنا المسيح الموعود سيصبح عبثا وعديم الجدوى فلا تتخذوا القرآن مهجورا)

يتابع المسيح الموعود ويقول: “مَن أكرمَ القرآنَ فسوف يُكرَم في السماء، ومَن آثر القرآن على كل حديث وعلى كل قول سيُؤثرُ في السماء.”

“وما معنى نيل الإكرام والأثرة في السماء، إنما تعني أن الله سيقربهم إليه فضلا منه، وسوف يحظون باستجابة الدعاء ويتخلصون من مساوئ المجتمع في هذه الحياة الدنيا. فكما قال الله لنا إنكم إذا بادرتم ومشيتم إلي فسوف آتيكم هرولة، فلمشاهدة هذه المشاهد لا بد أن نكرم القرآن الكريم، ولا بد من أداء حق تلاوته والسعي للامتثال لأوامره”

يقول : “الآن لا كتابَ لبني البشر على ظهر الأرض إلا القرآن، ولا رسولَ ولا شفيعَ لبني آدم إلا محمد المصطفى . فاجتهدوا أن تصِلوا نبيَّ الجاه والجلال هذا بآصرة الحبّ الصادق ولا تفضّلوا عليه سواه بأيّ شكل، لكي تُعَدّوا في السماء من زمرة الناجين. وتذكروا أنّ النجاة ليست بشيء يظهر بعد الموت وإنما النجاة الحقيقية هي تلك التي تُري لمعانها في هذه الحياة الدنيا. ألا من هو الناجي؟ هو ذاك الذي يوقن بأن الله حق وأَن محمّدا شفيع وسيط بينه وبين الخلق كله. وأن لا كفوَ له من رسول ولا مثيلَ للقرآن من كتاب مكانةً تحت أديم السماءِ، وأنه لم يشأ الله لأحد أن يحيا خالدًا، إلاّ أنّ هذا النبي المصطفى حيّ إلى أبد الآبدين، وقد مهّد لحياته الأبدية إذ جعل إفاضته التشريعية والروحانية مستمرةً إلى يوم القيامة، ومِن فضل فيضانه الروحاني أرسل الله إلى العالم أخيرًا المسيح الموعود هذا الذي كان لا بدّ من مجيئه لتكميل البنيان الإسلامي، فإنه كان ضروريًا أن لا ينتهي هذا العالم ما لم يؤتَ للسلسلة المحمدية مسيحٌ بالصبغة الروحانية كما كان قد أوتي للسلسلة الموسويّة.  (سفينة نوح، الخزائن الروحانية المجلد 19 ص 13-14)

فمن سعادتنا أننا بالانضمام إلى جماعة المسيح المحمدي عاهدنا بفهم شريعة الله الكاملة التي بين أيدينا في صورة القرآن الكريم، وإدراك المكانة السامية لختم نبوة النبي ، بينما المسلمون الآخرون محرومون من هذا. فهذا الشرف يجعلنا متميزين عن غيرنا ويلفت انتباهنا إلى أن نفهم تعليم القرآن الكريم وندرك حقيقته ونرسخ في قلوبنا إكرامه الحقيقي. بل ينبغي أن يترشح ذلك من كلّ قول وفعل لنا. والذين لا تشهد بذلك أقوالهم وأفعالهم فهذا يعني أنهم قد اتخذوا القرآن مهجورا. وهذا ما تنبأ به الله في القرآن الكريم. فقد قال الله في سورة الفرقان

وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا (الفرقان: 31)

أي إنهم يقرأونه ولا يعملون به. فهذا تحذير شديد يدعو كل أحمدي إلى التفكير والتأمل فيه. لقد وفقنا الله تعالى أن نؤمن بإمام الزمان حتى نخضع بشكل كامل لسلطة القرآن الكريم ونقضى حياتنا بحسب هذا التعليم الجميل. فإن العمل بتعاليم القرآن بعد تلاوته سيجنّبنا أن نترك هذا الكتاب العظيم وعديم النظير كالمهجور.

يقول المسيح الموعود بهذا الخصوص: “اعلموا أن القرآن الكريم مصدر للبركات الحقيقية وذريعة حقّة للنجاة. ومن خطأ هؤلاء الناس أنهم لا يعملون بالقرآن الكريم. ومن هؤلاء الذين لا يعملون بحسب تعاليمه حزبٌ لا يؤمن بالقرآن ولا يعتبره كلام الله تعالى، وبالتالي إنهم بعيدون جدًّا عنه. أما إذا لم يعمل به من يؤمنون بأنه كلام الله تعالى، وأنه وصفة شافية للحصول على النجاة فهو أمر يبعث على التعجب والأسف الشديدين. منهم من لم يقرأ القرآن مرة واحدة في حياته. ومثلُ هؤلاء المتغافلين عن كلام الله تعالى وغير مبالين به كمَثَلِ شخص يعلم علمَ اليقين أن ثمة عينًا صافية عذبة وباردة، ماؤها شفاء وترياق لكثير من الأمراض، ولكن ما أشقاه وما أجهله إذا كان لا يتوجه إلى هذه العين رغم علمه ذاك، ورغم عطشه وإصابته بأمراض كثيرة. كان ينبغي له أن يضع فاه على هذا الينبوع ويرتوي بمياهه العذبة الشافية. ولكنه رغم علمه بعيدٌ عنه كمن لا يعرف عنه شيئا، ويظلّ بعيدا حتى يأتيه الموت وينهي أجله. لا شك أن في حالة هذا الشخص عبرة كبيرة وعِظة. هذه هي حالة المسلمين اليوم. إنهم يعلمون يقينا أن مفتاح الرقي والنجاح كلِّه هو القرآن الكريم الذي يجب أن يعملوا به، مع ذلك لا يولونه أدنى اهتمام. وإذا دعاهم أحد إلى القرآن بدافع مواساة ونصيحة وبكل رفق ولين، بل بأمر من الله تعالى وبإشارته فينعتونه بالكذاب والدجال. (يقول المسيح الموعود عن نفسه أنني كلما دعوتهم بأمر من الله تعالى للتمسك بالقرآن قالوا لي إنك كذاب ومفتر ودجال) هل يمكن تصور حالة أتعس لهذا القوم مما آلو إليه؟ كان ينبغي على المسلمين – وهو ما يجب عليهم الآن أيضا – أن يعتبروا هذا الينبوع نعمة عظمى ويقدروها حق قدرها، وقدرُها أن يعملوا بتعاليمه، ثم لينظروا كيف يخرجهم الله تعالى من المصائب والمشاكل. يا ليت المسلمين يفهمون هذا الأمر ويدركون أن الله تعالى قد جعل لهم سبيل البر والحسنة هذا فليسلكوه ولينتفعوا به.” (الملفوظات ج 4 ص 140-141 طبعة ربوة)

يعرض المسيح الموعود في هذا المقتبس حالة المسلمين، وبقراءته تزداد مسؤوليتنا أن نعمل بهذه التعاليم الجميلة ونبدي نماذجها في حياتنا اليومية بحيث لا يجرؤ بعض غير المسلمين على رفع إصبع الاتهام على الإسلام والقرآن بسبب تصرفات بعض الفرق المسلمة، بل يجب أن يضطرهم سلوك الأحمديين لتغيير أفكارهم. هناك عدد كبير من الأحمديين يقدمون أمام الناس تعاليم جميلة للقرآن الكريم في مناسبات شتى مثل الجلسات والندوات وغيرها، فكلما قدمنا تعاليم القرآن الكريم قال هؤلاء الناس على الملأ إنهم سمعوا عن هذا الجانب من التعاليم الإسلامية لأول مرة. فإذا طبقنا هذه التعاليم في حياتنا اليومية أيضا فلن نكون من الذين يُسمِعون فحسب هذا التعليم الجميل بل يقدمون نماذجها من خلال أعمالهم أيضا. ويجب على الأحمديين إيصال هذه التعاليم الجميلة إلى المسلمين غير الأحمديين أيضا. ويجب أن تقولوا لهم: يمكنكم أن تختلفوا معنا ولكن يجب ألا تشوهوا التعاليم الإسلامية الكاملة باسم الإسلام نفسه. وإن سبيل نجاتكم يكمن ليس في الادعاء بالإيمان بالقرآن الكريم فحسب بل بالتفكر والتدبر فيه أيضا. إن حالة المسلمين التي أوردها المسيح الموعود والمصائب والمشاكل التي ذكرها حضرته لا تزال قائمة إلى الآن، بل إن حالتهم يرثى لها في بعض الأمور، فلا يسعهم الخروج من عصر المصائب والمشاكل ما لم يتخذوا القرآن الكريم منهج حياتهم. لا يمكن أن يصبح أحد مسلما حقيقيا بإقراره باللسان فقط، بل إن جمال الإسلام يظهر من خلال العمل بتعاليمه الرائعة. لا يمكن لأي عالِم أن يقوم بتفسير القرآن الكريم بنفسه ما لم يعلّمه الله تعالى أساليبه، ولم يعلّم الله تعالى تلك الأساليب في هذا العصر إلا شخصًا ينعتونه بالدجال والكذاب وما إلى ذلك من أسماء. رحمهم الله تعالى ووهبهم العقل ووفقنا لأداء حق تلاوة القرآن الكريم والعمل بتعاليمه، ووفقنا لنكون ممن يقيمون شرف القرآن ويؤثرونه على الدوام. وقد أخبرتكم كيف يمكننا إقامة شرف القرآن وإيثاره على كل شيء. وفي هذا الخصوص أرشدنا القرآن الكريم نفسه أيضا من خلال أحكامه المختلفة الواردة في مواضع شتى منه. أقدّم هنا بشكل مختصر بعض الآيات أو أجزاء منها ليتضح لكم الجمال والروعة التي دلّنا الله تعالى من خلالها على مكانة القرآن وتعاليمه السامية، قد لا أستطيع إنهاء هذا الموضوع اليوم أو بالأحرى إنهاء الجزء الذي أريد طرحه، وإلا فإن القرآن الكريم بحر زخار من المعارف التي لا تنفد مهما ذكرها الإنسان، بل كل من تدبر فيه حسب كفاءته استخرج منه معاني ومعارف جديدة.

فأولا: ما هي آداب تلاوة القرآن الكريم؟ أو كيف يجب تصفية الذهن قبل تلاوة القرآن الكريم؟ يقول الله تعالى:

فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (النحل 99).

كما نعلم أن الشيطان قد أعلن تحدّيه لتضليل الإنسان عن سبيل التقوى. أما القرآن الكريم فكل حرف منه يقود الإنسان إلى الله تعالى ويثبته على التقوى ويرشده إلى سبل تؤدي إلى الله تعالى. لذلك قال الله تعالى إذا كنتم تريدون الوصول إلى مستويات قربه وتريدون فهم هذه التعاليم المذكورة في القرآن الكريم فعليكم قبل تلاوة القرآن الدعاء إلى الله مخلصين له لينجيكم من وساوس الشيطان وهجماته ويوفقكم للعمل بهذه التعاليم التي تقرأونها، وبما أنه كنـز ثمين جدًّا فلا بد أن يضع الشيطان آلافا من العراقيل ليمنعكم من الوصول إليه. وبدون استعاذتكم بالله من الشيطان الرجيم لا تدركون كيف ومتى يحول الشيطان دون فهمكم رسالة الله تعالى. لا شك أن القرآن الكريم كلام الله تعالى ولكنكم إذا كنتم في شَرَك الشيطان فلا تتمكنون من الاستهداء بقراءة هذا الكلام. فالأمر الأول هو أن تتلوا القرآن مستعيذين بالله بكل إخلاص وإلا فلن تفقهوا منه شيئا، لذلك قال تعالى:

وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (الإسراء 83)

في حين أنه يزيد المؤمنين نفعًا.

ثم يقول الله تعالى:

وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآَخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ (المزمل 21)

لقد نبه الله تعالى في الجزء الأول من هذه الآية إلى نوافل التهجد فيأمرنا أن نتلو فيها الجزء الذي نحفظه من القرآن، كما أكد على ضرورة تلاوة القرآن والتدبر فيه بشكل عام، بل يجب أن يكون هذا دأب المؤمنين. يجب ألا يُفهَم مِن مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ أن نقتصر على تلاوة ما نحفظه من القرآن الكريم ولا داعي لحفظ المزيد، أو أن نكتفي بالتعاليم التي تعلمناها ولا داعي لمحاولة تعلّم المزيد منها، بل يجب أن يسعى الإنسان لتعلم المزيد منها. قال الله تعالى في مكان آخر: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ (البقرة 149) وإذا كان أحد لا يعرف الخيرات والحسنات والأعمال المذكورة في القرآن الكريم التي يجب عليه القيام بها فلا يسعه الاستباق في هذا المجال. فلا بد من تلاوة القرآن وتعلمه والتدبر فيه. تلقّى المسيح الموعود إلهامًا: “الخير كله في القرآن.” ومعناه أن القرآن الكريم يشمل جميع أنواع الخيرات والحسنات. فليس المراد من مَا تَيَسَّرَ أن يكتفي الإنسان بما حفظه ولا يحاول لحفظ المزيد بل عليه أن يسعى دوما لزيادة علمه وتنمية مواهبه حتى يستفيض من بركات القرآن الكريم أكثر فأكثر. صحيح أنه في بعض الحالات الخاصة مثل المرض والسفر وغيرهما يقصر الإنسان الصلاة ويقلل من تلاوة القرآن ولكنه لا يعني أن يكتفي بما حفظه ولا يحاول لحفظ المزيد. ثم يقول تعالى: أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا (المزمل: 5).

أي ينبغي أن يُقرأ كل حرف في أثناء التلاوة بصورة واضحة ومفهومة وبلحن جميل، وليس أن تقرؤوا القرآن قراءة سريعة جدا بحيث لا يُفهم منها شيئا كما يقرأ كثير من عامة المسلمين القرآنَ في صلاة التراويح مثلا بسرعة هائلة لدرجة لا تُفهَم الكلمات. يقول المسيح الموعود إن تلاوة القرآن الكريم بلحن جميل أيضا عبادة.

وقد ورد في الحديث الشريف: عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ : لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ. (سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب استحباب الترتيل في القراءة)

ويقول الله تعالى في القرآن الكريم:

وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ (البقرة: 232)

أي أن جميع أحكام الله تعالى الواردة في القرآن الكريم إنما هي نعمة من الله التي أعطاكم إياها، وقال تعالى في سورة النور أيضا إن هذه النعمة التي أُعطيتموها تتضمن أحكاما فتدبروها. فما لم تقرؤوا القرآن لن تطلعوا على تلك النعم ولن تدركوها حق الإدراك. إذن، ففي قراءة القرآن مواعظ وعِبَر، الأمر الذي يهم المؤمنين كثيرا لأنه مدعاة لتقدمهم في التقوى.

ثم يقول الله تعالى:

كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ (ص:30)

فالذين يؤمنون بالقرآن الكريم ويتلونه هم أولو الألباب. ولكن لماذا هم أولو الألباب؟ لأن هذا الكتاب يضم أيضا أحكاما احتوت عليها تعاليم الأنبياء السابقين التي أراد الله إثباتها، أي تلك الأحكام التي كانت صالحة وضرورية لهذا العصر. كذلك في القرآن الكريم أحكام وتعاليم كانت ضرورية لسد حاجات الإنسان الحالية والمستقبلية والتي كانت صالحة فقرر الله إثباتها وبقاءها إلى يوم القيامة فأنزلها على النبي . فالأمر الذي وجَّهه القرآن الكريم إلينا أن نقرأه ونتدبره ونتأمل فيه ونتَّعظ به – وهذا ما يقوم به أولو الألباب – لا نستطيع حثّ الآخرين عليه ما لم نعمل به نحن قبلهم.

كما أن القرآن الكريم كتاب الله  وكلامه، وكما أن قانون الطبيعة صحيفة الله العملية كذلك إن حياة رسول الله إنما هي كتاب عملي وبمنـزلة شرح القرآن الكريم وتفسيره».

ثم يقول الله تعالى عن آداب سماع التلاوة:

وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (الأعراف: 205)

هذا هو الاحترام اللائق الذي يجب على كل أحمدي أن يخلقه في قلبه تجاه القرآن الكريم، كما ينبغي أن يبرهن على أهميته لأولاده أيضا. إن بعض الناس يخطئون في هذا الصدد ويظلون مشغولين في أحاديثهم حين يُقرأ القرآن الكريم. ففي بعض الأحيان تُبثّ تلاوة القرآن على التلفاز في بيوتهم ويكون أهل البيت مشغولين في أحاديثهم. عليهم إما أن يستمعوا للتلاوة صامتين أو أن يغلقوا التلفاز إذا كان الكلام ضروريا بحيث لا يستطيعون الامتناع منه بحال من الأحوال. إن هذا الأمر يثبت صدقه فيما يتعلق بغير المسلمين أيضا، بمعنى أنهم لو استمعوا إلى الكلام العظيم بالإنصات لأدركوا عظمته. ولو فعلوا ذلك لهيأ الله تعالى أسبابا لهدايتهم أيضا. فعلينا أن ننتبه إلى هذا الأمر جيدا ونسمع كلام الله بالإنصات ونتدبر ونتأمل فيه محاولين الاستفادة من رحمة الله أكثر فأكثر.

ثم يقول الله تعالى في موضع آخر:

فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (هود: 113)

فهذا الأمر لم يكن موجَّها إلى النبي وحده. مما لا شك فيه أن كل أمر من الأوامر النازلة عليه كان موجَّها إلى أتباعه وأمته. أما هذه الآية فإنها تشمل المؤمنين والتائبين كلهم وقيل لهم أنِ اعملوا بكافة الأوامر، ومُروا الآخرين أيضا للعمل بها. وينبغي أن تذكروا دائما ألا تقتصروا على العبادات الظاهرية فقط بل ينبغي أن تبحثوا عن مغزاها وهي نيل رضا الله تعالى. فقد أمر الله تعالى النبيَّ بذلك وقال بأن الذين يدّعون بالإيمان والتوبة من واجبهم أن يعرفوا حدود الله ويعلموها أكثر ما يمكن فلا يتجاوزوها بحال من الأحوال، عندها فقط يحظون برضا الله . فمن هذا المنطلق يتحتم علينا أن نربّي أولادنا تربية حسنة حتى يكونوا من الذين يفهمون كلام الله ويتدبرونه وينفِّذونه في حياتهم.

يقول المسيح الموعود في هذا الصدد:

“إنني أتأسف كثيرا حين أرى أن المسلمين لا يتنبهون إلى الموت حتى مثل الهندوس. انظروا إلى رسول الله فقد شيَّبه أمر واحد هو: فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ ، ثم انظروا كم كان متنبِّها إلى الموت! لماذا طرأت عليه هذه الحالة؟ ذلك لنتعظ بها.”

عندما نزلت هذه الآية على النبي قال: لقد شيَّبتْني هذه الآية. وقد قال ذلك ليتعظ بها المؤمنون. فكان النبي قلقا بالنسبة إلى أمته.

يتابع المسيح الموعود ويقول:

“وإلا هل من حجة على طهارة حياته وقداستها أكبر وأعلى من أن الله تعالى بعثه هاديا كاملا إلى العالم كله وإلى يوم القيامة! إن كافة وقائع حياته مجموعة من التعليمات العملية. كما أن القرآن الكريم كتاب الله وكلامه، وكما أن قانون الطبيعة صحيفة الله العملية كذلك إن حياة رسول الله إنما هي كتاب عملي وبمنـزلة شرح القرآن الكريم وتفسيره”. (الملفوظات، المجلد 3 ص 34، طبعة ربوة)

ثم زاد الأمر إيضاحا وقال:

“لقد قال رسول الله لدى استفسار الناس: شَيَّبَتْنِي هُودٌ، لأني قد كُلِّفت بمسؤولية جسيمة بسبب هذا الأمر. إن تسوية الإنسان نفسه وعملَه بأوامر الله تعالى كما هو حقها ممكنٌ له. ولكن جعلُ الآخرين كذلك ليس سهلا. فمن هنا تتبين عظمة نبينا الأكرم وقوته القدسية. انظروا كيف عمل بهذا الأمر! فقد جهَّز جماعة طاهرة من الصحابة رضوان الله عليهم حتى قال الله في حقهم: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ (آل عمران: 111) وسمعوا نداء يقول: رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ . ولم يبق في حياته في المدينة الطيبة منافق. فقد حاز نجاحا لا يوجد له نظير في وقائع حياة أي نبي آخر. وكان الله تعالى يريد من وراء ذلك ألا يقتصر الأمر على القيل والقال فقط، لأنه إذا بقي مقتصرا على القيل والقال والرياء فحسب فما الذي يميزنا عن غيرنا؟ وهل لنا من فضل على غيرنا؟” (جريدة الحَكَم، ج5 رقم 29 عدد 10 آب/أغسطس 1901م ص1)

فهذا درس لنا أيضا ألا نظل خائضين في القيل والقال بل ينبغي أن نفهم أوامر الله تعالى فهما حقيقيا وننفِّذها في حياتنا، لأن هذا ما أمرنا به الله تعالى كما يقول:

وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (الأنعام: 156)

والآن أريد أن أذكر أمرا هاما يتعلق بأمن المجتمع وسلامته. بل كان ينبغي أن يُذكر قبل ذلك. يقول الله تعالى في القرآن الكريم:

وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (الأنعام: 55)

فهذا هو التعليم الذي يزيد في جمال المجتمع. فإذا تبادل الناس رسالة السلام فيما بينهم فسوف تتلاشى الشكاوى والخصومات تلقائيا. وسيحل الصلح والوئام محل الشجار والخصام بين الإخوة الذين كانوا ساخطين من قبل من بعضهم بعض. فإذا كنا ندّعي أننا أحمديون وندعي بالإيمان بالقرآن الكريم إيمانا كاملا وأننا نحاول العمل بتعاليمه كما هو حقها فلنعرف أن القرآن يأمرنا أن نهيئ الأمن والسلام للآخرين، لكن مع ذلك هناك خصومات بين الناس. لذا علينا أن نفكر جيدا في هذا الموضوع ولا نضحّي بأوامر الله تعالى وتعاليمه الجميلة على أمورنا البسيطة. فمن واجب كل أحمدي أن يقرأ القرآن بكثرة ويتدبر فيه. إنه لكتاب عظيم لم يترك جانبا من الجوانب إلا وقد أحاط به. فمن الضرورة بمكان – من أجل أمن المجتمع وسلامته ولتقدمنا الروحاني ولنيل قرب الله تعالى – أن نبحث عن أوامر وردت في القرآن الكريم ونحاول العمل بها. وهذا لا يمكن إلا إذا واظبنا على تلاوة القرآن الكريم والتدبر فيه.

لم يتم بيان الدين بصورة كاملة في الإنجيل. قد يكون تعليمه منسجما مع ظروف سائدة في ذلك الزمن، ولكنه لا ينسجم مطلقا مع جميع العصور والظروف. لقد تميز القرآن الكريم بفضل أن الله تعالى قد بين فيه دواءَ كلِّ داء وربّى جميع القوى.

وكما قلت من قبل لا يمكن أن أتناول كل الأمور في هذه الخطبة لذا سوف أتناول بعضها في مناسبة أخرى بإذن الله.

يقول المسيح الموعود : “تدبروا في القرآن الكريم إذ يوجد فيه كل شيء. ففيه تفصيل الحسنات والسيئات، والأنباءُ المستقبلية وغيرُها من الأمور. اعلموا جيدا أنه يقدم دينا لا يمكن أن يقع عليه اعتراض، لأن بركاته وأثماره تُنال كل حين. لم يتم بيان الدين بصورة كاملة في الإنجيل. قد يكون تعليمه منسجما مع ظروف سائدة في ذلك الزمن، ولكنه لا ينسجم مطلقا مع جميع العصور والظروف. لقد تميز القرآن الكريم بفضل أن الله تعالى قد بين فيه دواءَ كلِّ داء وربّى جميع القوى. وما ذكر فيه من سيئة فقد بين سبل التخلص منها أيضا. لذا يجب أن تواظبوا على تلاوة القرآن الكريم وتستمروا في الدعاء وأن تجعلوا أعمالكم بحسب تعليمه.”

ندعو الله تعالى أن يوفقنا لتلاوته وفهمه فهما حقيقيا والعمل به، حتى نحظى برضا الله تعالى ونوفَّق لتوجيه أولادنا أيضا إلى تعاليم القرآن الكريم الجميلة ولخلق حبه في قلوبهم، آمين.

Share via
تابعونا على الفايس بوك