- كيف يسوغ العقل اتهام الإسلام بظلم المرأة وهو في الأصل منقذها الأول؟!
- أي مبدأ تعاملت به شريعة الإسلام مع قضايا المرأة؟
- كيف تثبت الوقائع التاريخية أن المرأة المسلمة أمكنها خوض الميادين التي كانت حكرا على الرجال؟
____
هكذا يجري تقديم الصورة النمطية الكاذبة عن الإسلام، أنه نظام يمتهن المرأة بأسلوب ممنهج ومؤصَّل، على الرغم من أن الإسلام لم يجعل من المرأة سلعة تباع وتشترى قط، بل لقد كانت هذه هي حالها قبل بزوغ فجر الإسلام الأول، فلما جاء الإسلام قرر من التشريعات ما إن نُفِّذَ على الوجه الأكمل لضمن للمجتمع عموما والمرأة خصوصا الحرية والرقي الفوري.
ومن بين الرموز والممارسات الإسلامية التي جُعلت عُرضة لسهام المغرضين ممارسة «الحجاب» التي أطال هؤلاء بحثها واستقصاءها، تارة بدعوى أنه سجن مضروب على حياة المرأة المسلمة وقامعٌ لإظهار مفاتنها، وتارة أخرى بدعوى أنه مُعطل رئيس لها عن الحركة ومعوِّق لها عن العمل في مجالات شتى، علما أنه في المحافل الأكاديمية الغربية المعنية بالدراسات الأنثروبولوجية (علم الإنسان)، ثمة مقياس ملحوظ، وإن لم يكن رسميا، لمدى تحضر المجتمعات القديمة، إنه مقياس الأزياء، ومفاده باختصار أن البشرية منذ بواكير ظهورها حتى أَوُجِّ نهضتها كان الاحتشام والاستتار ديدن النساء بالأخص، حتى إننا نلاحظ في المجتمعات الملكية الغربية، ناهيك عن الشرقية، أن الاحتشام هو عادة نساء الأسر المالكة على تعددها.
إن الحجاب الإسلامي يحمل الكثير من المعاني والدلالات، التي ليس من ضمنها بتاتا الكبت أو الاضطهاد للنساء كما يحاول الغربيون المتحاملون وأشياعهم في المشرق أن يظهروه للعالم.
فبئس من قال بأن الحجاب مظهر من مظاهر التخلف! كلا بل هو قمة مظاهر الرُّقي الإنساني لأنه يعبر عن الحماية والوقاية لكل ما هو جميل وثمين، وهو ليس حجبا لشخصية المرأة أو خنقا لحريتها، أو تشويهًا لمظهرها، بل على العكس تماما، فهو يضفي عليها مسحة الوقار والهيبة والاحترام.
إن الحياء شعبة من شعب الإيمان كما نصت على ذلك التعاليم النبوية، والتي كانت احترازا استباقيا لما صار يجري في هذه الأيام، فقد أصبح الانفتاح والتحرر المزعوم شائعا بشكل ليس له ضابط ولا رابط، ومع ذلك التحرر غير المنضبط، انتقلت مؤشرات الجريمة الأخلاقية إلى مستويات الخطر.
إن المرأة الغربية نفسها أصبحت تدرك أهمية الحجاب والاحتشام، فبعد أن تفشى الفساد والخلاعة بين أفراد المجتمع الغربي، بما جعل من المرأة أداة للتسلية وواجهة إعلانية للسلع الاستهلاكية ليس إلا، فقدت الأمان والاطمئنان الذي تتمتع به المرأة المسلمة، في كنف عائلتها وفي ظل أسرتها.
فإن كان وضع المرأة في المجتمع الإسلامي مؤخرا قد مُني بالكثير من التزوير والتشويه، فهذا أيضا راجع إلى السنة الربانية الجارية على التعاليم الإلهية الحقيقية عموما، والتي تكون في كل الأحوال منزهة عن هذا التشويه والظلم، وإلا فليس في تلك التعاليم الرائعة ما يعيق تقدم أم إنسان ذكرًا كان أم أُنثى، وما تروجه الأبواق الإعلامية والأكاديمية والسياسية المتحاملة على الإسلام من قضايا ازدراء لحجاب المرأة المسلمة لهو محض افتراء واضح، تشهد عليه اختراعات هذا العصر التي يرجع فضلها إلى نساء مسلمات أتين بها وهن بحجابهن، نذكر على سبيل المثال «مريم الأسطرلابية» صاحبة براءة اختراع جهاز الأسطرلاب، الذي يُعدُّ النواة الأولى بكافة تطبيقات تعيين إحداثيات المواقع، علما أن اسم «مريم الأسطرلابية» ليس الوحيد في هذا الصدد، بل هو قطرة من فيض أسماء نساء مسلمات راعَيْنَ مقتضيات حجابهن دون أن يَحُوْلَ ذلك الحجاب بينهن وبين خدمتهن للبشرية.
إن الحياء شعبة من شعب الإيمان كما نصت على ذلك التعاليم النبوية، والتي كانت احترازا استباقيا لما صار يجري في هذه الأيام، فقد أصبح الانفتاح والتحرر المزعوم شائعا بشكل ليس له ضابط ولا رابط، ومع ذلك التحرر غير المنضبط، انتقلت مؤشرات الجريمة الأخلاقية إلى مستويات الخطر.
قراء التقوى الأعزاء، لأن قضايا المرأة من الأمور التي أساء خصوم الإسلام توظيفها، خدمة لأجنداتهم الفكرية أو العقائدية، كان لزاما على المسلمين الالتفات إليها للرد والذود عن حياض هذا الدين القويم، لذا فقد ارتأت أسرة التحرير تخصيص عدة أعداد كل عام لمناقشة القضايا المثارة بهذا الصدد وأشباهها. وفي هذا الشهر، سبتمبر 2024، تقتنص المرأة المسلمة نصيب الأسد من مواد العدد، ففي كلمة حضرة أمير المؤمنين (أيده الله بنصره العزيز) نطلع على بُطُولات المُقَاتِلات المُسْلِمَات زمن الفتوحات الإسلامية في صدر الإسلام. وفي إطار هدي الخلافة نقدم مراجعة مفيدة لكتاب قيم رأيناه على أَرْفُفِ المكتبة الإسلامية الأحمدية مؤخرا، وهو كتاب «الحجاب» والذي يتألف من مقتبسات تربوية من خطب وخطابات حضرته (أيده الله) تحدث فيها عن أعماق هذا الموضوع.
نسأل المولى العظيم أن يجعل في هذا العدد من مجلة التقوى بذرة صلاح للأفراد والمجتمعات، بما فيه من مصلحة للنساء وتوقير للأمهات، آمين.