الحظر على صلاة الجماعة في المساجد
  • توضيح أسباب توقف صلاة الجماعة.
  • توضيح إجراءات الحكومات في ظل جائحة الوباء العالمي.
  • التذكير بتصرف الرسول عليه السلام والصحابة الكرام في ظروف مشابهة.
  • التأكيد على نهج منهج المهدي عليه السلام على الدوام.
  • التأكيد على تقديم العون والدعاء للبشرية لرفع البلاء.
  • إجراءات وقائية في ظلّ انتشار وباء الكورونا

..

رسالة خاصة من سيدنا أمير المؤمنين مرزا مسرور أحمد أيده الله تعالى بنصره العزيز

الخليفة الخامس للمسيح الموعود و الإمام المهدي عليه السلام

ألقاها من مكتبه في إسلام آباد بالمملكة المتحدة في بريطانيا بتاريخ 27/3/2020م

.

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه، وأشهد أن محمّدًا عبده ورسوله. أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرّجيم. بسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحيم* الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمينَ * الرَّحْمَن الرَّحيم * مَالك يَوْم الدِّين * إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعينُ * اهْدنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقيمَ * صِرَاط الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْر الْمَغْضُوب عَلَيْهمْ وَلا الضَّالِّينَ ، آمين.

فرضت الحكومات من جرّاء تفشي وباء فيروس الكورونا في هذه الأيام بعض القيود في كثير من بلاد العالم ومن ضمنهم حكومة بريطانيا. ومن هذه القيود الحظر على الصلاة جماعةً في المساجد، ولكن يمكن أن يصلي مصليان أو بضعة أفراد من العائلة أو الأقارب. فالقانون لايزال غير واضح، فللناس تفسيرات مُتباينة للقانون إذ إنَّ بعضهم يقولون إنَّ هذا يخص الأقارب فقط، وبعضهم الآخرون يقولون إنَّه يشمل الأصدقاء أو المقيمين في مبنى واحد. باختصار لا نستطيع أداء صلاة الجمعة في هذه الأوضاع ما لم يتّضح مدلول القانون، ولكن في الجمعة بعض الأمور التي تتطلب التّوضيح أيضاً، لذا قد قرّرت اليوم بعد التّشاور، أنْ أُخاطبكم من المكتب وأعطيكم رسالة بهذه المناسبة على ألاّ نصلي الجمعة اليوم. لقد تعوّد الأحمديون على الاستماع إلى خطبة خليفة الوقت على القناة الإسلامية الأحمدية يوم الجمعة. فلو لم أخاطبكم اليوم في هذا الوقت لأصاب النّاس شيء من اليأسٌ، وبعض النّاس عندهم نزعة نشر أحاديث شتّى تخمينًا من عند أنفسهم. لذا رأيتُ من المناسب أنْ أُخاطب أبناء الجماعة بأيِّ أسلوبٍ كان، واتخذتُ من أجل ذلك هذا الأسلوب فرأيت أن أخاطبكم من المكتب وأوجه إليكم رسالة.

باختصار، لن نصلي اليوم صلاة الجمعة كما قلت سابقًا، وما هي الطّريقة التي سأتّخذها في المستقبل سوف نُخبركم عنها إن شاء الله تعالى، إذ لا نستطيع أن نترك الجمعة لمدة طويلة.لذا سوف أتشاور مع المحاميين والمعنيين وأبحث عن حل لذلك إن شاء الله. وسأقول لأفراد الجماعة أيضًا أنْ يلتزموا بتعاليم الحكومة عن فيما يتعلّق بفرض الحظر على المجيء إلى المسجد. لم يُفرض الحظر التّام هنا في المملكة المتحدة، بل يمكن أن يأتي النّاس إلى المسجد فرادى ويصلّوا، أو يمكن أن يصلي بعض أفراد العائلة معاً، ولكن يجب أن يكون بينهم فواصل بحسب تعاليم الحكومة وألا يقتربوا من بعضهم، ولكن لا يمكن أداء الصلاة بالجماعة هكذا، لذا في هذه الحالة يجب على أفراد الجماعة أن يهتموا بالصلاة جماعة في البيوت وأن يصلوا الجمعة أيضًا مع أفراد العائلة، ويمكن إلقاء خطبة الجمعة بقراءة مقتبس من الملفوظات أو من كتب الجماعة أو من كتب المسيح الموعود أو من جريدة الفضل أو جريدة الحكم أو من أي مجلة أخرى للجماعة، ويمكن أن يؤم صلاة الجمعة والصّلوات أحد الرجال في الأسرة أو أحد الأبناء الذين بلغوا سنَّ الرُّشد. ولا يمكن ترك صلوات الجمعة لمدة طويلة.

باختصار، لن نصلي اليوم صلاة الجمعة كما قلت سابقًا، وما هي الطّريقة التي سأتّخذها في المستقبل سوف نُخبركم عنها إن شاء الله تعالى، إذ لا نستطيع أن نترك الجمعة لمدة طويلة.لذا سوف أتشاور مع المحاميين والمعنيين وأبحث عن حل لذلك إن شاء الله. وسأقول لأفراد الجماعة أيضًا أنْ يلتزموا بتعاليم الحكومة عن فيما يتعلّق بفرض الحظر على المجيء إلى المسجد.

وحين سيُلقي النّاس خطبة الجمعة في البيوت ويستعدون لها فلا بد أن يقرؤوا، وذلك سيزيدهم علمًا، وهكذا سيكون المكوث في البيت بسبب قيود الحكومة سببًا لفائدة دينية وروحانية وعلمية. وقد بدأت جريدة الحكم أخذ آراء النّاس عن كيفية قضاء وقتهم في البيوت في هذه الأيام يكتب فيها معظم النّاس إنّنا ننمي معارفنا بقراءة القرآن والحديث وكتب المسيح الموعود وكتب الجماعة. وكذلك يكتب النَّاس من كل مكان في العالم تعليقات كثيرة على المواقع الاجتماعية العامّة ويقولون إنّهم وجدوا فرصة لتحسين حالتهم وحياتهم العائلية، وقد عادت حياتنا الأسرية بعد أن كنا فقدناها.

ويجب أن نقضي نحن أيضًا وقتنا سعياً لتحسين حالاتنا الاجتماعية وحياتنا العائلية وتربية أطفالنا. هناك برامج جيدة جدًا تُبَثّ في قناتنا ايم تي ايه mta))، فاسعوا لمشاهدتها مع أهل البيت بعض الوقت. وكما قلت من قبل، إنَّ الحكومات قد أعطت بعض التعليمات وسُنَّت بعض القوانين لصالح الجماهير للحفاظ على صحتهم، فالتزموا بها كلّ الالتزام. وفوق كل ذلك اهتمّوا بالدّعاء كثيرًا كما قلت في الخطب السّابقة، فمن خلال الأدعية تستطيعون استزال أفضال الله تعالى والحفاظَ على صِحَّتِكم الرّوحانية والبدنية. وهذا ما أوصانا به سيّدُنا المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام مرارًا، ونصحنا أنّه من الضروريّ في مثل هذه الظّروف أن نسأل الله تعالى أنْ يغفرَ لنا ذنوبنا، وأن نُطهّرَ قُلوبَنا، ونَشتغِل بفعل الصّالحات. إنَّ اللهَ تعالى قَدْ آتانا سلاحًا عظيمًا وهو الدّعاء، فعلينا السّعي للّجوء إلى ملاذِ اللهِ تعالى من خلال هذا السِّلاح، وأنْ نهتم به.

أما السُّؤال عن أداء صلاة الجمعة، فاعلموا أنَّه يجوز بحسب بعض الأحاديث تركُ الصلاة بالجماعة وأداءِ الجمعة في بعض الظروف. فقد ورد في البخاري مثلًا أنَّ سيِّدَنا ابن عَبَّاسٍ قال لِمُؤَذِّنِهِ فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ: إِذَا قُلْتَ أَشْهَدُ أَنّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَلَا تَقُلْ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، قُلْ صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ. قَالَ فَكَأَنَّ النَّاسَ اسْتَنْكَرُوا ذَاكَ، فَقَالَ أَتَعْجَبُونَ مِنْ ذَا؟! قَدْ فَعَلَ ذَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي (أي النبيُّ ). إِنَّ الْجُمُعَةَ عَزْمَةٌ (أي ضرورية)، وَإِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أُخْرِجَكُمْ فَتَمْشُوا فِي الطِّينِ وَالدَّحْضِ.

ووردت الرّواية نفسها في صحيح مسلم بتغيير بعض الكلمات كما يلي: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ ( ) قَالَ لِمُؤَذِّنِهِ فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ إِذَا قُلْتَ أَشْهَدُ أَنّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَلَا تَقُلْ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ قُلْ صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ. قَالَ فَكَأَنَّ النَّاسَ اسْتَنْكَرُوا ذَاكَ. فَقَالَ: أَتَعْجَبُونَ مِنْ ذَا؟ قَدْ فَعَلَ ذَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي، وَإِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أُخْرِجَكُمْ فَتَمْشُوا فِي الطِّينِ وَالدَّحْضِ. يقول الإمام النووي في شرح هذا الحديث: “فِي هَذَا الْحَدِيث دَلِيل عَلَى سُقُوط الْجُمُعَة بِعُذْرِ الْمَطَر وَنَحْوه، وَهُوَ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَب آخَرِينَ، وَعَنْ مَالِك رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى خِلَافه. وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ”. لقد عدّ الفقهاءُ المرضَ الذي يصعب فيه حضور المسجد من الأعذار لترك الجمعة والصلاة جماعةً، واستدلّوا على ذلك بقولِ الله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ .

عندما مرض النبي امتنع عن حضور المسجد، وقال: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ. هذه الرواية وردت في صحيح البخاري وفي صحيح مسلم أيضًا. كذلك إذا كان أحدٌ يخاف إصابة مرض فهو أيضًا معذور، والدّليل على ذلك مذكور في رواية ابن عباس حيث أعذر النبي مَن كان يخاف المرض. هذه الرواية وردت في سنن أبي داود.

على أيّ حال، هذا مرض يتضمن خطرًا بسبب سرعة انتشاره، ولأجل ذلك سنّت الحكومة بعض القوانين وأصدرت بعض التعليمات، وعلى الجميع التّقيد بها التزامًا بقوانين البلد. ولذلك فإنَّه يَصعُبُ في هذه الأوضاع الاجتماع في مكانٍ واحدٍ وأداءِ الصلاة بالجماعة أو إقامة صلاة الجمعة. ولكن كما قُلْت لكم أنَّه عليكم أنْ تعتادوا على الصلاة بالجماعة في البيوت، ومن هنا سيتعلَّم الأطفال أنَّ أداء الصلاة ضروريّ جدًّا بل إنّ أداءَها جماعةً ضروريّ أيضاً.

لا نستطيع الذّهاب إلى المسجد في الأوضاع والظّروف السَّائدة في هذه الأيام إلا أنَّنَا لا بد أنْ نقوم في البيت بهذا الواجب الذي لا بد من أدائه، وعليكم أن تولوه اهتمامًا خاصًّا. ولقد حصل مع المسيح الموعود عليه السلام أيضًا أثناء بعض أسفاره أنَّه لم ي يستطع فيها أداء صلاة الجمعة. على أيِّ حال هذه الرّوايات كلها موجودة وهي تُصرّح أنّه لا يحبّذ الاجتماع في أيام تفشّي الأمراض المعدية ولا الالتقاء مع الآخرين، بل ينبغي الانعزال والبقاء منفصلًا عن النَّاس.

ولكن كما قلت فإننا لا نستطيع أن نترك صلاة الجمعة بشكل مستمر، ومن أجل ذلك فإننا نوصي أن يصلى النّاس الجمعة في البيوت كبديل عن الصّلاة جماعةً في المسجد، وسأحاول تدبير هذا الأمر لنفسي أيضًا. ومن الضّروري جدًّا الآن أن تدعو الله تعالى -كما أكدت عليه سابقًا أيضًا- أن يمنّ الله تعالى بفضله ويطهّر العالم عاجلًا من هذا الوباء، ويوفق العالم لتحقيق المقتضيات نحو الإنسانية، وأن يوفق الجميع لمعرفة الله تعالى. وفقنا الله تعالى جميعًا لذلك، آمين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

Share via
تابعونا على الفايس بوك