في أحوال ملوك الإسلام  في هذه الأيام
  • كيف أنبأ المسيح الموعود ع قبل قرن من الزمان بأحوال ملوك المسلمين هذه الأيام؟

____

اعلمْ، رحمك الله، أن أكثر طوائف الملوك وأولي الأمر والإمرة، الذين يُعَدّون مِن كبراء هذه الملّة، قد مالوا إلى زينة الدنيا بكل الميل والهمّة، واستأنسوا بأنواع النعم واللُّهْنيّة، وما بقي لهم شغل من غير الخمر والزمر والشهوات النفسانية. يبذلون خزائن لاستيفاء اللذّات الفانية، ويشربون الصهباء جهرةً على شاطئ الأنهار المصرّدة والمياه الجارية، والأشجار الباسقة، والأثمار اليانعة، والأزهار المنوّرة، جالسين على الأنماط المبسوطة، ولا يعلمون ما جرى على الرعيّة والملّة. ليس لهم معرفةٌ بالقانون السياسي وتدبيرِ مصالح الناس، وما أُعطيَ لهم حظ من ضبط الأمور والعقل والقياس. والذين يُتخيَّرون لتأديبهم في عهد الصبا، فهم يرغّبونهم في الخمر والزمر وعلى منادمةٍ على الرُبى، سيّما في أوقات المطر وعند هزيز نسيم الصبا. كذلك يقرُبون حرماتِ الله ولا يجتنبون، ولا يؤدّون فرائض الولاية ولا يتّقون، ولذلك يرون هزيمة على هزيمة، وتراهم كل يوم في تنـزُّل ومنقصة؛ فإنهم أسخطوا ربّ السماء، وفُوِّضَ إليهم خدمة فما أدّوها حق الأداء. أتزعمون أنهم خلفاء الإسلام؟ كلا، بل هم أخلدوا إلى الأرض وأنَّى لهم حظّ من التقوى التام؟ ولذلك ينهزمون مِن كل مَن نهض للمخالفة، ويولّون الدبر مع كثرة الجند والدولة والشوكة، وما هذا إلا أثرُ السخط الذي نزل عليهم من السماء، بما آثروا شهواتِ النفس على حضرة الكبرياء، وبما قدّموا على الله مصالح الدنيا الدنيّة، وكانوا عظيم النهمة في لذّاتها وملاهيها الفانية، ومع ذلك كانوا أُسارى في ذميمة النخوة والعُجْب والرياء، الكسالى في الدين والفاتكين في سبل الأهواء. فكيف يُعطى لسَقَطٍ جُلَّى ومكرمة؟ وكيف يوهب لفُضلةٍ فضيلةً ومرتبة؟ فإنهم بسَأوا بالشهوات، ونسوا رعاياهم ودينهم وما أدّوا حقّ التكفّل والمراعاة. يحسبون بيت المال كطارفٍ أو تالدٍ ورثوه من الآباء، ولا ينفقون الأموال على مصارفها كما هو شرط الاتّقاء، ويظنّون كأنهم لا يُسألون، وإلى الله لا يُرجعون. فيذهب وقتُ دولتهم كأضغاث الأحلام، والفيءِ المنتسخ من الظلام. ولو اطّلعتَ على أفعالهم لاقشعرّت منك الجلدة، واستولت عليك الحيرة. ففكِّروا.. أهؤلاء يشيّدون الدين ويقومون له كالناصرين؟  (الهدى والتبصرة لمن يرى ص 23 و24)

Share via
تابعونا على الفايس بوك