«رب أصلح أمة محمد» صلى الله عليه وسلم
ابتدأ حضرته بالتذكير بالخطب التي ألقاها حضرة سيدنا الخليفة الرابع رحمه الله قبل 16 عاما إبان أزمة الخليج الأولى، حيث بين حضرته الإساءات التي ألحقها بالإسلام المسلمون أنفسهم وكذلك أعداؤهم. وكيف أن حالة العرب تتدهور باستمرار ولا تزال، وأن الدول الغربية تستغل هذا الوضع. وكان حضرة الخليفة الرابع رحمه الله قد ألقى تلك الخطب الكثيرة المتوالية التي قام خلالها بتحليل الأوضاع، كما قدم النصح والمشورة للمسلمين حول الوسائل التي ينـبغي عليهم أن يتخـذوها للخـروج من الأزمة. حيث كانـت الظـروف الخطـيرة تحيق بالعالم العربي تحديدا والعالم الإسـلامي بأسـره. إلا أنهـم للأسـف لم يـلتفـتوا لهذا النصـح والمشـورة. كما كان حضرة الخليـفة الرابـع قد طـلب من الأحمـديــين الدعـاء لإخـوانهـم المسـلمـين.وأضاف حضرته أن حضرة الخليفة الرابع، رحمه الله، كان قد استخلص نتائج تحققت وتحليلات ثبتت. وما تزال الأمور تسير على نفس المنوال، فها هو العراق الآن قد دُمِّر تدميرا وكلنا نعرف ماذا حل به وما يحل. والعراق اليوم الذي هوجم بحجة تغيير النظام أصبح مشتعلا بالنيران التي لا تزال تزداد اشتعالا. وقد نشبت فيه الحروب الأهلية والاقتتال الداخلي. وأشار حضرته إلى العملية العسكرية الكبيرة التي حدثت بالأمس في العراق بحجة تدمير مواقع المتمردين.وقال حضرته إن هذه الأوضاع تؤلم كل أحمدي، فلا يمكن أن نقبل أن يحيق ذلك بأمة الرسول صلى الله عليه وسلم والمنسوبين له، فيكونوا في أسوأ وضع. وقد طلب حضرته من الأحمديين الدعاء للعراق كي تزول العداوات الداخلية من بينهم ويزول الخطر الخارجي عنهم، وأن يوفق الله تعالى قيادات المسلمين لما فيه الخير لشعوبهم. فغالبية القادة المسلمين للأسف يؤثرون مصالحهم الشخصية على المصالح القومية لشعوبهم.وقد أشار حضرته إلى كتاب كان قد قرأه قبل أيام يبين الخطط والاستراتيجيات التي تقوم من خلالها الدول الغنية المتقدمة ببسط سيطرتها وإحكام قبضتها على العالم الثالث؛ حيث تبدأ تلك الدول عملها عن طريق الشركات إلى أن تستولي على تلك البلاد للأبد. وحسب هذا الكتاب فإن ما يدَّعون تقديمه من مساعدات لتلك الدول لا يصل منه إليها في الحقيقة إلا ما يقل عن 3% مما يعلنون. ويؤكد الكتاب أن تلك الدول المتقدمة تريد الاستيلاء على هذه الدول لنهب ثرواتها المائية والنفطية. ويقول الكتاب أن مخزون النفط في العراق أكبر من السعودية، وكان لا بد لتلك الدول أن تفكر في الاستيلاء عليه، إضافة إلى الماء الذي يوفره النهران في العراق. وقد يقول البعض إن هذه التحليلات ليست صحيحة ولكن ثبت مع مرور الأيام أنها صحيحة.وقال حضرته إنه عند الهجوم على العراق في المرة الأولى كان المفكرون والسياسيون يدعون أنهم لا يهمهم نفط العراق وإنما يهمهم الأمن والسلام العالمي، وأن كل من يهدد السلام العالمي لا بد أن يعاقب. إلا أن العقوبة كانت طويلة وقاسية ولا تكاد تنتهي. ولسوء حظ المسلمين، فإنهم بسبب عدم محاولتهم حل مشاكلهم بأنفسهم فقد أصبحوا دمية في أيدي الغرب. ويقول الكتاب إن إيران سيأتيها الدور في هذه المؤامرة. وهذا بسبب أن الغرب يرغب في إقامة حكومة خاضعة له.
ولسوء حظ المسلمين، فإنهم بسبب عدم محاولتهم حل مشاكلهم بأنفسهم فقد أصبحوا دمية في أيدي الغرب.
ويقول حضرته إنه كان من الواجب أن يلتفت المسلمون إلى ما قدمه سيدنا الخليفة الرابع رحمه الله قبل 15 عاما، ولكن للأسف لم يستفد من ذلك الزعماء ولا العامة. فقد أصبحوا دمية بيد القوى الأخرى وأصبحوا يتقاتلون ويقتلون بعضهم بعضا في حروب طائفية وهجمات انتحارية كما يحصل في العراق. إن هذه الحروب أعمت أعين هؤلاء الناس، فهم لا يقتلون إلا أبناء وطنهم وجلدتهم، والغالبية العظمى من القتلى هم منهم، فأي حق وأي عدل وأي إسلام يريدون أن يقدموه للناس. وقد استغلت الدول الغربية هذه الأوضاع المضطربة، وأدت هذه الهجمات المتلاحقة الانتحارية إلى مزيد من إحكام القبضة على الدول الإسلامية. ولكن الحكومات للأسف لا تهتم إلا بمصالحها الخاصة ولا تهتم بخسائر الأرواح. وقد استغل هؤلاء هذه الأوضاع للإثراء والغنى الفاحش ونهب الثروات.
وقال حضرته إنه قبل بضعة أيام نشر خبر في جريدة أن بعض البلاد الغربية قد كسبت المليارات بسبب الحرب بحجة إعمار العراق من جديد. فهم يسرقون الأموال والثروات من الشعوب ويدعون أنهم يقدمون لهم الخدمات الأساسية كالماء والكهرباء. وهم إن كانوا يفعلون ذلك فعلا فهم ينهبون ويكنـزون الأموال لأنفسهم. ووفقا لما أشار إليه الخليفة الرابع رحمه الله، فكان يجب على الدول العربية والإسلامية أن تهبَّ لإدارة شئونها بأنفسها، إلا أن أكثر الحكومات الإسلامية للأسف تقف في صف الغرب.ويقول حضرته، إن إيران هي هدف مؤامرات الغرب حاليا، وإذا لم يتخذ المسلمون إجراءات وخطوات مناسبة فستقع إيران ضحية المؤامرة. ويجب على المسلمين تذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول “المسلم أخو المسلم”، وأن يتذكروا الآية الكريمة التي تقول “إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون”. ولكن لا نعرف ماذا ستكون النتيجة إذا استمرت الحال على ما هي عليه بين المسلمين. وقال حضرته إن الدول الغربية تسعى لمصالحها، وتتذرع بالعمل على استقرار الأمن والسلام بينما هي في الحقيقة تسعى وراء أهدافها الخاصة، وتشـعر الدول الغربية أن لديـها الحق لـتفـعل ما تـشـاء.ولكن لو أصر المسلمون على أنهم إخوة، وطلبوا من الغرب أن يتركوهم كي يديروا شئونهم بأنفسهم، وطلبوا منهم ألا يقوموا بعمليات عسكرية في بلادهم، فلا شك أن هذا سيؤدي إلى تحسن الظروف. ولكنهم لا يستطيعون ذلك لأنهم يخدعون بعضهم بعضا ويخونون بعضهم بعضا. وما قامت به الحكومة السعودية من خيانات كانت ولا تزال واضحة للعيان. وهذا ما قاله الكتاب. ولكن كان ينبغي على السعودية أن تدرك أن لها تأثيرا هاما على المسلمين بسبب وجود مكة والمدينة فيها، ولو خافوا الله تعالى ولم يخافوا أمريكا لوقف العالم الإسلامي كله معهم. إلا أن الحكومة السعودية للأسف قد أصبحت سيئة السمعة لأنها قد خانت مصالح المسلمين من قبل، ولم يعد ممكنا أن يثق بها المسلمون بسهولة. وحول إيران، قال حضرته إنه يمكن أن يفرض عليها الغرب عقوبات أخرى ويدمروها، ثم يفرضوا عقوبات على بلاد إسلامية أخرى ويدمروها وهكذا حتى يدفعوا المسلمين إلى المصير نفسه. ويبدو أنهم يريدون من كل الدول أن يقدموا مواردهم وخيراتهم لهم لكي ينجوا!ولقد قدم الخلفاء في الجماعة الإسلامية الأحمدية النصح للدول الإسلامية على امتداد التاريخ المعاصر، وبالأخص الخليفة الثاني والرابع رحمهما الله. وكانت الجماعة ناصحة دائما للمسلمين، إلا أن الدول الإسلامية لم تسمع لهذا النصح بل وهاجمونا. فعلى المسلمين الأحمديين أن يلتزموا بالدعاء وعليهم أن يعلموا أنه لا سبيل للحل ولا للخروج من الأزمة سوى بالتزام التقوى.
وأضاف حضرته أن العرب لم يستطيعوا أن يتحدوا كي يصحبوا قوة واحدة وكذلك بقية المسلمين. فما هي الأسباب وراء ذلك؟ يقول حضرته إن هنالك أسبابا كثيرة ذكرها حضرته كما ذكرها الخليفة الرابع رحمه الله، ولكن هنالك سببا واحدا هو السبب الأكثر أهمية والذي لا ينتبه إليه المسلمون؛ وهو التزام سبيل التقوى. إن التزام سبيل التقوى لا يمكن لهم أن ينالوه إلا بالإيمان بالمسيح الموعود عليه السلام. صحيح أنهم يدركون أن العودة إلى التقوى هي سبيل الخلاص من الظلم والاضطهاد والعذاب كما وعد الله في القرآن الكريم، غير أنه لا يمكن أن يتأتى إلا بالإيمان بإمام الزمان، الأمر الذي لا يقبلونه. فعلى الأحمديين أن يقوموا بواجب التذكير بهذا الأمر، ويجب ألا يتوقفوا عند هذا الحد، بل عليهم أن يقوموا بالدعاء وهو الأهم وهو السلاح الضروري الأكثر فاعلية. وعلى الأحمديين أن يوضحوا لهم أنهم لا يمكن أن يحرزوا أية قوة أو طاقة كما لا يمكن لهم أن يحرزوا التقوى دون الإيمان بإمام الزمان.وهذا لأن المسلمين قد تفرقوا وتشتتوا في فرق وطوائف، وأن هذه الفرق ستتسبب في مزيد من النـزاع والشقاق بينهم وتؤدي إلى تحولهم إلى لعبة في يد الأغيار. ولهذا السبب فقد هاجمت المسيحية اليوم العالم العربي. وقد قاموا بالهجمة بطرق متعددة تضمنت حتى قصص الأطفال، التي حاولت أن تثبت أن أتباع المسيح عليه السلام هم أفضل من أتباع محمد صلى الله عليه وسلم، وهكذا فسيفكر الأطفال بالإيمان به بدلا من الرسول صلى الله عليه وسلم. وهم يقدمون هذه القصص بعذر تعليم اللغة الإنجليزية. فالمسيحية كادت تنتهي من البلاد الغربية نفسها، فهم لا يؤمنون بها إلا بالاسم، ولكنهم أرادوا نشرها في العالم الإسلامي كي لا يعمل المسلمون بدينهم. وهدفهم وراء ذلك هو السيطرة على هذه البلدان ونهب مواردها. وللأسف فإن العلماء المسلمين، كعلماء مصر مثلا، لا يريدون أن يردوا على الهجمة المسيحية وأجمع غالبيتهم على ذلك. وقامت الجماعة الإسلامية الأحمدية بهذا الواجب وحدها. وقد قامت الجماعة بإعداد البرامج التي تبثها الفضائية الإسلامية الأحمدية والتي لاحظنا أثرها الهام على العرب، والتي أعجب بها العرب كثيرا.
وسوف يتجدد الإسلام ويعود إلى حاله الصحيح عن طريق هؤلاء الآخرين الذين «لما يلحقوا بهم» والذين سينشرون الإسلام الصحيح مرة أخرى ويقدمون مثال التقوى أمام الناس. ولا بد للمسلمين أن يفهموا هذا الأمر…
ولقد اختار أعداء الإسلام أن ينشروا تعاليم المسيحية بهذه الطريقة لأجل إثارة شبهات حول الإسلام في أذهان المسلمين، ولا يمكن لأحد أن يرد على هذه الهجمات سوى الأحمدية التي تؤمن بالمسيح الموعود عليه السلام الذي قدر الله أنه سيحيي الإسلام بواسطته. وكما أن الله قد طهر الناس بواسطة النبي صلى الله عليه وسلم وزكاهم وجعلهم يعملون بالشريعة وجعلهم أقوياء وأقام فيهم نهضة عظيمة، فاليوم ستترسخ دعائم الأمن والسلام بواسطة المسيح الموعود عليه السلام. وهذه الأمور لا يمكن أن تدخل قلوب الناس بشكل تلقائي وإنما لا بد من الإمام المهدي الذي سيقوم بهذه المهمة ويفهمها من بعده من يؤمنون به. وسوف يتجدد الإسلام ويعود إلى حاله الصحيح عن طريق هؤلاء الآخرين الذين “لما يلحقوا بهم” والذين سينشرون الإسلام الصحيح مرة أخرى ويقدمون مثال التقوى أمام الناس. ولا بد للمسلمين أن يفهموا هذا الأمر، لأنهم مهما ظنوا بأنفسهم وبما لديهم من قدرات وحاولوا، فإنهم لن يستطيعوا تحريك ساكن أمام هؤلاء الأقوام ودجلهم. لذلك يجب على الأحمديين الدعاء كثيرا، لأن الأمة في وضع يرثى له، والدعاء للأمة هو أفضل ما يمكن القيام به.ويتابع حضرته فيقول: لقد كانت سوريا تحت الضغط منذ مدة، وإن كان الضغط قد خف عليها قليلا، إلا أن الخطر ما زال محدقا بها، وسيحاولون التضييق على إيران وسوريا شيئا فشيئا، وهذه المضايقات قد تقود إلى حرب عالمية أخرى. فيجب على كل أحمدي أن يتوجه إلى الدعاء، لأنه ليس بيدنا حيلة سوى هذه الحربة التي هي في الحقيقة حربة قوية. ولقد علّم الله تعالى الإمامَ المهدي عن طريق الوحي دعاءً يقول: “رَبِّ أَصْلِحْ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ”، وقد حث الله تعالى المسيح الموعود على هذا الدعاء كثيرا. فلا بد من الدعاء الكثير للأمة الإسلامية. وهذه هي الطريقة التي من خلالها سينقَذ المسلمون من الآفات الأرضية والسماوية وإلا ذهبت مساعيهم هباء. وفي الحقيقة أن كل الخطوات التي هي في منأى عن الإيمان بهذا الإمام لن تكون مفيدة، كما أن المساعي الشخصية لن تحرز التقوى. حيث يقول المسيح الموعود عليه السلام إن الإصلاح الشخصي لا يمكن أن ينتج عنه شيء ..إذ لو كان الأمر كذلك لما أرسل الله المرسلين والأنبياء لهذه المهمة فإصلاح القلوب يقوم به خالقها. والذي قرأ القرآن ولم يفهم أن الهداية تأتي من السماء فإنه لم يفهم شيئا.وعلى المسلمين أن ينتبهوا أن كل أمور الرقي هي في القرآن الكريم، وأن الإسلام سوف يغلب، وهذا ما نؤمن به. ولكن بسبب عدم إيمانهم بالإمام المهدي فإن البلاد التي لم تؤمن ستضعف يوما فيوما. وعليهم أن يفكروا في هذا السبب. فعدم إيمانهم أفقدهم سبيل التقوى. وعندما يضلون عن سبيل التقوى فإن كل مساعي الإصلاح ستذهب هدرا.ويتابع حضرته فيقول: لقد كان مجيء الإمام المهدي للعالم أجمع وليس للمسلمين فحسب، فيجب أن ندعو لغير المسلمين أيضا. علينا أن نمنع البلاد الغربية من الظلم ونكف الأيدي الظالمة، بحسب حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يدعو الأخ إلى منع أخيه من الظلم بأخذه على يده، فلا نستطيع أن نكف يد الظلم عمليا وليس لدينا من وسيلة سوى الدعاء. وهو سلاح قوي ويجب أن نستخدمه وأن ندعو للإنسانية جمعاء. ويجب أن ننشئ علاقات ونبشر في محيطنا ونبين للناس في الدول الغربية أن هذه المسالك التي اتخذتها حكوماتكم تؤدي إلى الدمار والخراب. وهذه النفقات التي تنفق على الدمار والخراب لو أنفقت على الفقراء فسيعم الأمن والسلام وستحصل تلك الدول على ما تريد، بشرط أن تكون نياتهم حسنة بخصوص إرساء دعائم السلام. ونسأل الله أن يخلق هذا الإحساس في قلوب أهل تلك البلاد كي يمنعوا حكامهم عن هذا الظلم.ويختم حضرته فيقول: لقد قال المصلح الموعود، الخليفة الثاني للمسيح الموعود عليه السلام نقطة هامة لترسيخ الأمن؛ وهي أن الأمن والسلام لا يمكن أن يترسخ ما لم يفهم الناس أن اجتماع حب الوطن وحب الإنسانية ممكن. فيجب أن يفهموا ذلك وإلا تفاقم الظلم. وإلا فإن الله سيعاقب وينـزل الآفات والبلايا. وقد بين المسيح الموعود عليه السلام أن من يتعدَّ حدود الله ينل العقاب. نسأل الله أن يرحم الإنسانية وأن نجد جميع الأديان توحدت تحت راية الإسلام، كما نسأل الله أن يوفقنا للدعاء والعمل لذلك.. آمين.