الجمعة يوم إتمام النعمة
التاريخ: 2003-11-21

الجمعة يوم إتمام النعمة

حضرة مرزا مسرور أحمد (أيده الله)

حضرة مرزا مسرور أحمد (أيده الله)

الخليفة الخامس للمسيح الموعود (عليه السلام)

ملخص خطبة الجمعة التي ألقاها

سيدنا أمير المؤمنين حضرة مرزا مسرور أحمد

الخليفة الخامس لسيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام

بتاريخ 26 رمضان 1424 هـ الموافق 21 نوفمبر 2003م بمسجد بيت الفتوح لندن

<< تنشر أسرة التقوى ترجمة هذه الخطبة على مسؤوليتها>>

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسْم الِلَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ *  مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ *  إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (آمين)

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ *  فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (الجمعة:11 ،10)

اليوم هو الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك التي يسميها الناس جمعة الوداع. لقد أفسد المسلمون الآخرون تصور هذه الجمعة والدين بشكل عام لدرجة أنهم يظنون أنه يمكنهم أن يفعلوا ما يشاءون ثم يؤدوا أربعة ركعات في جمعة الوداع ككفارة لكل ما تركوه من صلوات. وكأن هذه الركعات تكفيهم وتُكفِّرُ تقصيرهم في أداء الصلوات الخمس يومياً طوال السنة. إننا لا نتعجب من سلوكهم هذا، فلقد رفضوا من قبل المسيح الذي بشَّرَ به النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن تأخذنا الحيرة عندما نجد أن البعض قد آمنوا بإمام هذا الزمان، المسيح الموعود عليه السلام، ودخلوا في زمرة مبايعيه ولكنهم مع ذلك لا يحافظون على حضور صلاة الجمعة رغم عدم وجود الأعذار القاهرة، مع أن الله تعالى يأمرنا أن نحرص على أداء الصلوات الخمس يومياً بالجماعة. فإذا كنّا ندّعي بأننا المبايعون للمسيح الموعود عليه السلام فلا يصح أن نفعل كما يفعل الآخرون بحيث ننشغل بأمور الدنيا ولا نهتم بأداء الصلوات الخمس أو لا نهتم بصلاة الجمعة.

من الأحمديين من لا يحرص على حضور صلاة الجمعة عموماً ولكننا نراهم صدفة يهتمون بأداء صلاة الجمعة الاخيرة من رمضان. فإذا كان رمضان قد أحدث فيهم تغييراً طيباً وشوَّقهم لأداء أوامر الله تعالى، وقد عاهدوا الله تعالى أنهم في المستقبل سوف يحافظون على صلاة الجمعة لأنه عز وجل قد أمرهم بقوله تعالى:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ *  فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ،

فطوبى لمن ينوي ذلك حيث إن الله تعالى قد وفقهم لإحداث هذا التغيير الطيب في أنفسهم. ثبَّتهم الله عز وجل على هذا الخير ونأمل أن يحافظوا على هذا الحماس ويعملوا بالحديث الشريف القائل : عن أبي هريرة رضي الله عنه قالَ، قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: “الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهنّ إذا اجتنب الكبائر”. (مسلم، كتاب الطهارة)

وفقنا الله تعالى للعمل بهذا الحديث، فالرسول صلى الله عليه وسلم يحثنا على أن نحافظ على التغيرات الطيبة التي أحدثها رمضان في نفوسنا. ويجب أن نحافظ على ذلك وندعو الله تعالى أن يوفقنا لتكون مساجدنا شاهدة على أن الأحمديين اهتموا بالصلوات الخمس وعمروا مساجد الله تعالى، وأن هذه المساجد لن تخلو بعد رمضان، بل ستظل عامرة طوال العام. ويجب أن تشهد كل جمعة بعد رمضان على أن أتباع المسيح الموعود عليه السلام قد أحدثوا تغييراً طيباً في أنفسهم، وأن رمضانهم هذا قد زيّن هذه التغيرات  الطيبة أكثر . وهذه الزينة الروحانية تبدو في تصرفاتهم حيث أنهم يزدادون تقوى ويتقدمون في طريقها خطوة بعد أخرى. ولا يقولون بأن رمضان قد انقضى ثم يخلدون للكسل، بل ينتظرون الجمعة تلو الجمعة وهم متلهفون للصلاة وينتظرون رمضان تلو رمضان، لا ليؤدوا ما فاتهم من الصلوات، بل لأنّ في رمضان تُفتّح لهم أبوابُ رحمة الله وتُصفد الشياطين وتكون فيه فرص كثيرة للتقرب إلى الله تعالى.

ويجب أن تشهد كل جمعة بعد رمضان على أن أتباع المسيح الموعود عليه السلام قد أحدثوا تغييراً طيباً في أنفسهم، وأن رمضانهم هذا قد زيّن هذه التغيرات  الطيبة أكثر . وهذه الزينة الروحانية تبدو في تصرفاتهم حيث أنهم يزدادون تقوى ويتقدمون في طريقها خطوة بعد أخرى.

سُئل سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام مرةَ عن الاعتقاد الموجود عند الآخرين بأن صلاة جمعة الوداع تكون كفارة عن الصلوات الفائتة؟ فأجاب حضرته ما تعريبه: “هذا أمر سخيف، ولكن حدث مرة أن رجلا كان يصلي في غير وقت الصلاة فقال أحد لسيدنا علي رضي الله عنه: ألا تنهاه وأنت وخليفة المسلمين؟ فقال: أخشى أن أدخل تحت وعيد قوله تعالى:

  أَرَأَيْتَ الَّذي يَنْهَى * عَبْداً إذَا صَلَّى .

فإذا ترك أحد الصلاة معتبراً أنه سوف يقضيها كلها بأربع ركعات يوم جمعة الوداع فقد أتى بأمر غير جائز، ولكنه إذا قام به نادماً ومتداركاً ما فاته من الصلوات فدعوه يصلي ولا تمنعوه، إذ إنه لا يقوم إلا بالدعاء غير أنه قليل العزيمة. واحذروا أن تدخلوا تحت وعيد الآية المذكورة بمنعكم إياه.” (جريدة الحكم الصادرة في 24 أبريل 1903/، فتاوى سيدنا المسيح الموعود عليه السلام ص 65)

ثم يقول حضرته عليه السلام:

” إن الذي يترك الصلاة طوال السنة متعمداً وبنية أنه سوف يقضيها بأربع ركعات يوم جمعة الوداع، فإنه مذنبٌ وآثمُ. أمَّا الذي يندم ويتوب ويصلي فلا حرج عليه ، ولا نرد على ذلك إلا بما ردَّ به حضرة علي رضي الله عنه.” (جريدة البدر ج 4 رقم 5 الصادرة في 1 مايو 1903م، ص 114)

فمعنى قوله تعالى عليه السلام: إننا لا نعرف نوايا الناس ولا نطّلع على ما في قلوبهم. فربما يكون هذا المصلي قد ندم على ما فاته وأحدث تغييراً طيباً في نفسه ويصلي مستغفراً لربه وربما لن يترك الصلوات في المستقبل، فاتركوه يصليها. أمَّا إذا كان ينوي أن يضيع عمره ويظن أنها تكفير عن صلاة السنة كلها فهو مخطئ ومذنبٌ بلا شك.

هناك أحاديث شريفة تبرهن على أهمية صلاة الجمعة وتحث عليها ولكن ليس فيها ما يبين أن هذا مقتصرٌ على شهر رمضان. عن أبي هُريرة رضي الله عنه قال، قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: “خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فيه الشّمسُ يومُ الجُمُعة، فيه خُلِقَ آدمُ وفيه أُدخِلَ الجنَّةَ وفيه أُهْبِطَ منها، وفيه ساعةٌ لا يُوافِقُها عبْدٌ مُسلمٌ يُصَلِّي فَيَسْألُ اللهَ فيها شيْئاً إلَّا أَعطاهُ إيّاهُ.” (الترمذي، كتاب الجمعة)، هذه من بركات يوم الجمعة لذا فقد اعتبره النبي صلى الله عليه وسلم أفضل يوم. فمن ذا الذي لا يريد أن ينتفع من بركات هذا اليوم الذي هو أفضل الأيام عند الله تعالى وعند الرسول صلى الله عليه وسلم؟ ولم يذكر الرسول صلى الله عليه وسلم هنا أن جمعة الوداع هي أفضل يوم، بل كل أيام الجمعة. فعلينا أن نكثر من الصلاة وذكر الله تعالى خاصةً في يوم الجمعة. فلقد أهبط الله تعالى آدم على الأرض ليخبر الناس أن عليهم عبادة الله تعالى ومحاربة الشيطان. وأن الذين يعبدون الله تعالى سوف يسميهم عباد الرحمن  أمَّا الذين يخالفون ربهم فسوف يكونون عباد الشيطان. لقد أنعم الله عليكم بفضله ورحمته فجعل لكم في يوم الجمعة ساعة يستجيب فيها لعباده. هذه فرصة عظيمة لكم أيها المسلمون الأحمديون لقد صدّقتم إمام الزمان طبقاً لأنباء الرسول صلى الله عليه وسلم فعليكم أن تهتموا كثيراً بهذا اليوم المبارك. عليكم أن تكثروا من الدعاء أن يزيدكم الله تعالى تقوى. وكما ذكرت من قبل أنه ليس هناك وسيلة لقبولية الدعاء إلّا الرسول صلى الله عليه وسلم، فمن أجل ذلك يجب أن تُكثروا من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة.

عَن أوْس بن أوْس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” إنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامكُمْ يَومَ الجُمُعة ، فيهِ خُلِقَ آدمُ عَلَيْهِ السَّلام وفيهِ قُبِضَ وفيهِ النَّفْخةُ وفيه الصَّعْقَةُ، فَأَكْثِروا عليَّ من الصَّلاةِ فإنَّ صلاتَكُمْ مَعْروضةٌ عليَّ.” قَالوا يا رسولَ اللهِ وكَيْفَ تُعرَضُ صلاتُنا عليكَ وقد أَرَمْتَ أَيْ يَقولونَ قَدْ بَلَيْتَ؟ قال:” إنَّ الله عزَّ وجلَّ قد حَرَّمَ على الأرضِ أنْ تَأْكُلَ أجسادَ الأنبياءِ عليهم السَّلام.” (النسائي كتاب الجمعة)وعن أبي هُريرة رضي الله عنه رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ” إذا كانَ يومُ الجُمُعةِ كانَ على كُلِّ بابٍ مِنْ أبوابِ الْمَسْجِدِ ملائكةٌ يَكْتبونَ الأَوَّلَ فَالأوَّلَ، فإذا جَلَسَ الإمامُ طَوَوا الصُّحُفَ وجاءُوا فَاسْتَمَعوا الذِّكْرَ.” (مسند أحمد، مسند أبي هريرة)

عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: ” خَرَجْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى الْجُمُعَةِ فَوَجَدَ ثَلَاثَةً وَقَدْ سَبَقُوهُ ، فَقَالَ: رَابِعُ أَرْبَعَةٍ وَمَا رَابِعُ أَرْبَعَةٍ بِبَعِيدٍ ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: ” إِنَّ النَّاسَ يَجْلِسُونَ مِنَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى قَدْرِ رَوَاحِهِمْ إِلَى الْجُمُعَاتِ ، الْأَوَّلَ وَالثَّانِيَ وَالثَّالِثَ” ، ثُمَّ قَالَ: “رَابِعُ أَرْبَعَةٍ، وَمَا رَابِعُ أَرْبَعَةٍ بِبَعِيدٍ ” (ابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة)

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :” إِنَّ هَذَا يَوْمُ عِيدٍ جَعَلَهُ اللَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ ، فَمَنْ جَاءَ إِلَى الْجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ ، وَإِنْ كَانَ طِيبٌ فَلْيَمَسَّ مِنْهُ ، وَعَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ “(ابن ماجه ، كتاب إقامة الصلاة)

كل هذه الأحاديث الشريفة لا تخبرنا بأنه من أراد المغفرة تكفيه جمعة الوداع، بل كل جمعة هامة للمسلم وواجبة على كل مسلم وفرض عليه. أمَّا الذين يرون أن صلاة العيد تكفيهم ، هم أسوأ من الذين يظنون هذا عن جمعة الوداع، رحم الله هؤلاء. إن الحديث الذي ذكرته لكم يبين أن يوم الجمعة عيدٌ للمسلمين، فإذا استفدتم من هذه الأعياد كلها عندئذٍ تنتفعون من رمضان والعيد الذي يأتي بعده ، وتُغفر ذنوبكم بهذه الطريقة.

عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رضي الله عنه قَالَ :قال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :‏ “‏ احْضُرُوا الجُمُعةَ وَادْنُوا مِنَ الإِمَامِ فَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَخَلَّفُ عَنِ الجُمُعةِ  حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَخَلَّفُ عنِ الْجَنَّةِ وَإِنَّه لَمِنْ  أَهْلِها ‏” (مسند أحمد، مسند البصريين)،

لهذا يجب أن يحرص الجميع على صلاة الجمعة وأن يحضروا المسجد في وقت مبكر ويستمعوا للخطبة كاملة حتى يستفيدوا من بركات يوم الجمعة، فهناك فارقٌ كبير بين من يحضر مبكراُ ويحرص على هذا ومن يتكاسل ويتأخر عن الحضور .

عن أبي الْجَعْدِ الضَّمْرِيِّ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : مَنْ تَرَكَ الجُمُعةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ تَهَاوُنًا بِهَا طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ)  أي ختم عليه بالغفلة ومنع وصول الخير إليه).” (الترمذي، كتاب الجمعة)،

وهذا إنذارٌ وتحذيرٌ شديدٌ من الرسول صلى الله عليه وسلم لمن يهمل صلاة الجمعة.

عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ إِلَّا أَرْبَعَةً : عَبْدٌ مَمْلُوكٌ ، أَوِ امْرَأَةٌ ، أَوْ صَبِيٌّ .” ( أبو داود، كتاب الصلاة)

يرى بعض الناس أنه لا بأس من التكلم أثناء خطبة الجمعة، والبعض الآخر يُسكتون أولادهم متفوهين بالكلام لا سيما النساء يفعلن هذا. يجب عليهنّ ألّا يُحْضِرن الصغار معهن. وأصلاً ليس ضرورياٌ على المرأة أن تحضر المسجد. فالحديث الذي ذكرته من قبل فيه رخصة للأولاد أما إذا كنتم تريدون إحضارهم معكم فلا بد من أن تعلموهم أن يسكتوا أثناء الخطبة والصلاة وخلال تواجدهم في المسجد .

إذا كررتم هذا النصح لصغاركم فسوف يتذكرونه أما إذا لم تعلموهم هذا منذ الصغر فلن يتعلموا ذلك فيما بعد أيضا فإنني رأيت أنه حتى بعض الأولاد الكبار نسبيا أيضا يتكلمون أثناء الخطبة .

يجب أن تعلموا أولادكم أن يلتزموا بالهدوء والسكوت في المسجد وأثناء الخطبة والصلاة وأن تسكتوهم بالإشارة وليس بالكلام ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

” إذا قلت لصاحبك أنصت والإمام يخطب فقد لغوت . ” ( الدرامي ، كتاب الصلاة )

لقد ألقى الخليفة الأول رضي الله عنه خطبة خلال حياة سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام فقال : ” إن إمامنا يقول إنه لأشقى الناس من شهد رمضان ولم يحدث تغيرا في نفسه .لم يبق الآن من رمضان إلا بضعة أيام فعليكم أن تحاولوا فيها جاهدين وتكثروا من الأدعية وتتجهوا إلى الله تعالى وتكثروا من الاستغفار والحوقلة ، واستمعوا إلى القرآن وتدبروا فيه وادفعوا الصدقات ما استطعتم وحثوا أولادكم أيضا على ذلك . وفقكم الله وإياي للعمل بذلك . ” ( خطبات  نور ، الطبعة الحديثة ص 265)

وكما ذكرت من قبل أنه ليس هناك وسيلة لقبولية الدعاء إلّا الرسول صلى الله عليه وسلم، فمن أجل ذلك يجب أن تُكثروا من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة.

يقول المسيح الموعود عليه السلام : ” إن ما أتم الله تعالى علينا من نعمته لهي الدين الذي سماه الإسلام ومن النعمة أيضا يوم الجمعة الذي تمت فيه النعمة وفيه إشارة إلى أن إتمام النعمة سيتم بصورة ( يظهره على الدين كله ) سيكون بمثابة جمعة عظيمة الشأن . ولقد جاءت هذه الجمعة التي خصها الله تعالى بالمسيح الموعود… إنني أقول حقا : إن هذه مناسبة قد هيأها الله تعالى للسعداء فطوبى للذين ينتفعون منها . وأنتم يا من ارتبطتم بي لا تغتروا بأنكم قد وجدتم ما كنتم تهدفون إليه ….

إن القول الحق أنكم اقتربتم من هذا الينبوع الذي خلقه الله في هذا الوقت من أجل الحياة الأبدية ، فبقي لكم أن تشربوا منه الماء فادعوا الله تعالى فضله ورحمته ليوفقكم للارتواء من هذا الينبوع لأنكم لا تستطيعون عمل شيء بدون عون الله تعالى . إنني أعلم علم اليقين أن من يرتوي من هذا الينبوع لن يهلك لأن هذا الماء يهب الحياة وينجي من الهلاك ويحفظ من هجمات الشيطان . فما هو الطريق للارتواء من هذا الينبوع ؟؟

ما هو إلا أن تؤدوا الحقوق التي فرضها الله تعالى عليكم فالأول من هذه الحقوق هو حق الله والثاني حق المخلوق . ”

( الملفوظات ج2 ص134-135)

فعلى كل أحمدي أن يتدبر في قول المسيح الموعود عليه السلام ، فبعد أن آمن بإمام الزمان أصبحنا مكلفين بواجبات كثيرة .

علينا أن نؤدي العبادات كما أمرنا الله تعالى ونؤدي حق العباد بما يرضي الله تعالى . وكما قال حضرته أن لزمنه مناسبة خاصة بيوم الجمعة فعليكم أن تهتموا بذلك وتكثروا من الدعاء . ولحسن الحظ أننا يستجاب فيها الدعاء خاصة ، لذلك يجب أن تكثروا من الدعاء .

عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ” الدعاء هو العبادة ثم قرأ : ( وقال ربكم ادعوني استجب لكم إن الله تعالى يقول إنه سوف يستجيب لنا فكيف لا ندعوه ! إنه تعالى يحثنا على الدعاء في ساعة خاصة يوم الجمعة حيث تستجاب كل الأدعية فكيف لا تدعون ؟!

ندعوا الله أن يعطينا هذه الساعة الخاصة ويوفقنا للأدعية المستجابة . عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” ليس شيء أكرم على الله تعالى من الدعاء . ” ( الترمذي ، كتاب الدعوات ) .

عن أبي هريرة رضي اله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” من لم يسأل الله يغضب عليه . ” ( الترمذي ، كتاب الدعوات )

وعن ثابت البناني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” ليسأل أحدكم ربه حاجة حتى يسأله الملح وحتى يسأله شسع نعله إذا انقطع . ” ( الترمذي ، كتاب الدعوات ) وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” من فتح له منكم باب الدعاء فتحت له أبواب الرحمة وما سئل الله شيئا يعني أحب إليه من أن يسأل العافية . ” وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل فعليكم عباد الله بالدعاء . ” ( الترمذي ، كتاب الدعوات )

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول اله صلى الله عليه وسلم قال : ” أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء . ” ( مسلم ، كتاب الصلاة )

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث . إما أن تعجل له دعوته وإما أن يدخرها له في الآخرة وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها . ” قالوا إذا نكثر . قال صلى الله عليه وسلم : الله أكثر . ” ( مسند أحمد ، مسند أبي سعيد الخدري )

وهكذا قد حثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بطرق شتى على الدعاء . فيجب على كل واحد منا أن يكثر – خاصة الأيام الباقية من رمضان – من الدعاء لنفسه وأهله وأولاده وأسرته وجماعته . وعندما يدعو الإنسان للآخرين فالملائكة تدعو له .

عليكم أن تضعوا هذا في الاعتبار  يجب أن تكثروا من الدعاء من أجل المحتاجين في الجماعة الذين يتعرضون للأذى من المعارضين . لقد وعد الله تعالى أنه سوف يستجيب بالطرق الثلاث المذكورة في الحديث الشريف بل يمكن أن يعطيكم بفضله أكثر من ذلك فإنه مالك القدرات أجمع .

يقول المسيح الموعود عليه السلام ما تعريبه :

” إن ذلك الدعاء الذي ينبع نتيجةالمعرفة الحقيقية ونتيجة فضل الله تعالى يتميز بصبغة خاصة وكيفية مختلفة تماما . إن ذلك الدعاء قادر على الإفناء إنه نار تذيب القلب إنه قوة مغناطيسية تجذب رحمة الله . إنه موت يهب الحياة في نهاية المطاف . إنه لسيل عارم ، إلا أنه يتحول إلى سفينة في النهاية . وبه يستقيم كل أمر قد فسد . وبفضله يتحول كل سم إلى الترياق في آخر الأمر .

فطوبى للسجناء الذين يدعون ولا يملون لأنهم سينالون الحرية في يوم من الأيام وطوبى للعميان الذين لا يتوانون في الدعاء لأنهم سيبصرون في آخر الأمر . ومباركون أولئك الراقدون في القبور الذين يستعينون بالله عن طريق الدعاء لأنهم سيخرجون منها في النهاية وطوبى لكم إذ لا تكلون عن الدعاء أبدا وتذوب أرواحكم للدعاء وتذرف عيونكم الدموع ، ويحدث الدعاء حرقة في صدوركم ويحدو بكم لكي تتمتعوا بالبكاء والابتهال في الخلوة والانفراد إلى الحجرات المظلمة والفلوات المقفرة ويجعلكم مضطربين مفتونين مجذوبين فطوبى لكم لأنكم سوف تحظون بفضل الله في آخر الأمر .

غن الإله الذي ندعو الناس إليه كريم رحيم حيي صادق وفي يرحم المتواضعين فكونوا من أصحاب الوفاء وادعوا بكامل الصدق والوفاء لعلكم ترحمون  ….

إن الدعاء هو  ذلك  الاكسير الذي يجعل من حفنة من التراب تبرا ، وإنه لماء يغسل الأدران الباطنية وإنه لدعاء تذوب معه الروح وتسيل مثل الماء وتخر على عتبة حضرة الأحدية . ” ( محاضرة سيالكوت ، الخزائن الروحانية < 20 ص 222- 223)

تعالوا كل واحد منا صغير وكبير ذكر وأنثى نبتهل إلى الله تعالى في الأيام الباقية من رمضان ونسد الفراغات ونحيي ليالينا بالعبادات ونملأ نهارنا يذكر الله تعالى ونطلب منه فضله ورحمته .

ندعو الله تعالى أن يكفر عنا تقصيراتنا ويغفر لنا ويرحمنا وينظر إلينا بعين عطفه وأن يرحم إخواننا الذين يؤذون لأنهم آمنوا بإمام الزمان . يا رب اهد معارضينا أن يكفوا عن معارضتهم وتضليل الآخرين واجعل هؤلاء عبرة . يا رب ارحم إخواننا الذين يعيشون في ضيق وخلصهم من هذا الإيذاء والضيق واجعلنا عبادا عابدين لك ، وما تتفضل به من أفضال علينا في رمضان ندعوك أن تجعلها دائمة مستمرة . يا رب نسألك بقولك ( ادعوني استجب لكم ) . تقبل الله تعالى كل أدعيتنا . آمين.

Share via
تابعونا على الفايس بوك