صفة الله “المتكبر”
ملخص ثلاث خطَب جمعة ألقاها أمير المؤمنين نصَرَه الله، حضرة مرزا طاهر أحمد في مسجد “الفضل” بلندن
ترجمة: محمد أحمد نعيم *
<<تنشر أسرة التقوى هذه الترجمة على مسؤوليتها>>
الخطبة الأولى أُلقيت في 26/4/2002
لقد تناول سيدنا أمير المؤمنين_ نصَرَه الله_ في هذه الخطبة صفة الله “المتكبر”، وبيّن معانيها اللغوية وسلط الضوء على جوانبها المختلفة من خلال الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وكتابات سيدنا المسيح الموعود عليه السلام، فقال حضرته في شرح كلمات الكبر والكبرياء والتكبر والاستكبار: تُستخدَم كلمة التكبر لبيان عظمة الله تعالى وحده الحائزة على الكمال في صفاته، لكنه متى استُخدمت هذه الصفة للإنسان تكون في محل الذم، فإن الإنسان ينتحل هذه الصفات حين يُبتلى بالعُجب ويرى نفسه أكبر من غيره والكفرُ بالحق مِن أكبر أنواع التكبر. أما التكبير فمعناه إظهارُ عظمة الله عز وجل، ولقد ورد في الحديث القدسي أن الله سبحانه وتعالى يَقُولُ:” الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي، مَنْ نَازَعَنِي وَاحِداً مِنْهُمَا أَلْقَيْتُهُ فِي جَهَنَّمَ”. (سنن ابن ماجة، كتاب الزهد)
وبعد تقديم الشرح اللغوي لكلمة التكبر قرأ حضره عدد من الآيات القرآنية التي ورد فيها موضوع كبرياء الله.. قوله تعالى في سورة الإسراء:
ثم تناول حضرته الأحاديث التالية عن التكبر:
والمسبل: الذي يرخي الثوب تحت الكعبين تكبراً، والمنَّان: الذي يفعل المعروف تُم يكثر من ذكره تفضّلاً. والمنفِّق يلعته بالحلف الكاذب يعني أنه يحلف بالله كذباً ليروّج بضاعته ويبيعها.
‘َنْ أَبِيِ هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّه، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُسَافِرَ فَأَوْصِنِي. قَاَلَ: “عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالتَّكْبِيرِ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ.” (الترمذي، كتاب الدعوات)
الشَرَف: المكان العالي.
وجاء في صفة أهل الجنة:
وعن سعد بن مالك أَنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلمأأ
قَالَ مَنْ تَوَاضَعَ للهِ دَرَجَةً رَفَعَهُ اللهُ دَرَجَةً حَتَّى يَجْعَلَهُ فِي أَعْلَى عِلِّيِّيْنَ، وَمَنْ تكَبَّرَ عَلَى اللهِ دَرَجَةً وَضَعَهُ اللهُ دَرَجَةً حَتَّى يَجْعَلَهُ فِي أَسْفَلِ السَّافِلِيْنَ. (مسند أحمد بن حنبل، باقي مسند المكثرين)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه : ثَلاثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمْ اللَّه يوْمَ الْقِيَامةِ، وَلاَ يُزَكِّيهِمْ، وَلا ينْظُرُ إلَيْهِمْ، ولَهُمْ عذَابٌ أليمٌ: شَيْخٌ زَانٍ، ومَلِكٌ كَذَّابٌ، وَعَائِل مُسْتَكْبِرٌ. (مسلم، كتاب الإيمان)
عَنْ جَابِر أَنَّ رَسُولَ الله قَالَ إنَّ أحبَّكم إليّ وأقربَكم منِّي في الآخرةِ محاسنُكم أخلاقًا وإنَّ أبغضَكم إليَّ وأبعدَكم منِّي في الآخرةِ أساوِئُكم أخلاقًا الثَّرثارونَ المُتَفْيهِقونَ المُتشدِّقونَ، قالوا: يا رسولَ اللَّهِ، قد علِمنا الثَّرثارينَ والمتشدِّقينَ فما المتفَيهقونَ؟ قالَ: المتَكَبِّرونَ. (الترمزي، كتاب البر والصلة)
يقول سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام ما تعريبه:” إن التكبر هو أصل السيئات والضلالات. إنه يُبعد المرء عن السعادة، ولا يمكن أن يفوز الإنسان بحب الله ما لم يتجنب التكبر ويتحلّ بالتواضع وخفض الجناح. إن التكبر مرض خطير وهو أكبر من القتل. المتكبر أخو الشيطان. وإنما المؤمن من يتصف بالتفاني والتواضع. الأنبياء يتصفون بالتخلي عن الأنانية ويُوردون على نفوسهم الموتَ ولا يَضيعون . ليس ثمة عابدٍ للأوثان أكبر من المتكبر لأنه يعبد نفسه. الكفر يتولد عن التكبر، وأفضل طريقة للتزكي أن لا يتكبر الإنسان أي نوع من أنواع التكبر، وإذا وفّقه الله للهدى فينبغ ألا يتفاخر ويتكبر، بل يجب أن يتواضع، ولسوف تتحسن أخلاقه بقدر ما يتواضع. فاجتنِبوا التكبر لأنه مكروه جدَّاً عند الله، وإن الذي يحتقر أخاه لَمتكبر. اتقوا الله وأنيبوا إليه لعلكم ترحمون.”
وقال عليه السلام أيضا ما تعريبه:
“إنني أنصح جماعتي أن يجتنبوا التكبر، لأن التكبر في نظر إلهنا ذي الجلال مكروه جدّاً، ولكنكم ربما لا تدرون ما هو التكبر، فتفهّموا مني، فإني أنطق بروح الله عز وجل.
كل من يحتقر أخاه على أنه أعلم منه أو أكثر منه إتقاناً لصنعته، فهو متكبر، لأنه لا يعتبر الله مصدرَ العقل والعلم، بل يعتبر نفسه شيئاً يُذكَر، أفليس الله بقادر على أن يصيبه بالمسّ والجنون، ويجعل أخاه الذي يستصغره أكثر منه عقلا وعلماً وصنعةً؟! كذلك فإن الذي يزدري أخاه بسبب ماله وجاهه وحشمته فهو متكبر أيضاً، لأنه نسي أن الله عز وجل هو الذي رزقه هذا الجاه والحشمة. إنه أعمى ولا يدري أن الله قادر أن ينزل عليه دائرة فيهوي في آن واحد إلى أسفل السافلين، وأن يهب أخاه الذي يحتقره مالاً وثروةً أكثر من ماله وثروته. كذلك فإن الذي يعْتَزرّ بصحته البدنية أو بحسنه وجماله وبقوته وطاقته، ويذكر أخاه بأسماء مزرية سخريةً واستهزاءً، ويذكر نقائصه البدنية أمام الناس، فهو متكبر أيضاً، وإنه لغافل عن ذلك الإله الذي يستطيع أن يصيبه بمعايب بدنية تجعله أسوأ من أخيه المُحتَقَر، ويبارك في قُوى أخيه لأمد طويل بحيث لا يصيبها الفتور ولا العطب، لأنه يفعل ما يريد. كذلك الذي يتوانى في الدعاء متكئاً على قواه وقدراته فهو الآخر متكبر، لأنه لم يعرف منبع القدرات والقوات، بل اعتبر نفسه شيئا.
فخُذوا أنتم يا أعزائي هذه الأمور بعين الاعتبار لئلا تكونوا متكبرين في نظر الله وأنتم لا تعلمون.
أن الذي يصحح لفظة خاطئة لأخيه على سبيل التعالي والترفع فقد ينال نصيبا من التكبر. وإن الي يأبى الاستماع إلى حديث أخيه بتواضع ويشيح عنه وجههُ هو الآخر ينال نصيبا من التكبر. وإن الذي يكره أن يجلس بجنب أخيه الفقير فهو أيضا نال نصيبا من التكبر. وإن الذي ينظر إلى من يقوم بالدعاء بنظر السخرية والاستهزاء فهو الآخر ينال نصيبا من التكبر. وإن الذي لا يريد أن يطيع مبعوثي الله ومرسليه إطاعة كاملة فقد نال نصيبا من التكبر. وإن الذي لا يستمع إلى أحاديث المبعوث من الله ومرسله بآذان صاغية ولا يقرأ كتاباته بتدبر وإمعان فهو الآخر قد نال نصيبا من التكبر.
فاسعوا جاهدين ألا يكون فيكم أي نوع من التكبر لئلا تهلكوا، ولكي تنجوا مع أهلكم وعيالكم. أنيبوا إلى الله وأحِبُّوه بأقصى ما يمكن أن يحب المرء شيئا في الدنيا، واخشوه بأقصى ما يمكن أن يحب المرء شيئا في الدنيا. كونوا طاهري القلوب، طاهري الإرادة، فقراء، متواضعين وعديمي الشر لعلكم ترحمون.” (نزول المسيح، الخزائن الروحانية ج18 ص 402-403)
كل من يحتقر أخاه على أنه أعلم منه أو أكثر منه إتقاناً لصنعته، فهو متكبر، لأنه لا يعتبر الله مصدرَ العقل والعلم، بل يعتبر نفسه شيئاً يُذكَر، أفليس الله بقادر على أن يصيبه بالمسّ والجنون، ويجعل أخاه الذي يستصغره أكثر منه عقلا وعلماً وصنعةً؟!
ملخص خطبة الجمعة ألقيت في 3/5/2002م
لقد تابع سيدنا أمير المؤمنين نصَرَه الله في هذه الخطبة أيضاً شرحَ صفة الله المتكبر وألقى الضوء على الموضوع من خلال الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وكتابات سيدنا المسيح الموعود عليه السلام والخليفة الأول.
لقد استهل حضرته الخطبة بتلاوة قول الله تعالى:
ثم قدّم بعض الأحاديث التي تتعلق بالموضوع منها:
عن عَبْد اللهِ بْنِ عَمْرو بْنِ الْعَاصِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّ أَهْلَ النَّاؤر كُل جَعْظَرِيّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ جَمَّاعٍ مَنَّاعٍ. (مسند أحمد بن حنبل، مسند المكثرين من الصحابة)
الجَعْظَرِيّ: هو الفظّ الغليظ المتكبر، والجَوَّاظٍ: المختال في مشيته والجَمَّاع: الذي يجمع المال بكثرة ولا ينفقه في سبيل الله.
سَفَهُ الحقِّ: جهلهُ، والغَمصُ: الاحتقار والتعالي.
يقول سيدنا الخليفة الأول للمسيح الموعود عليه السلام ما تعريبه:
ويقول سيدنا المسيح الموعود عليه السلام ما تعريبه:
<<“الكبير” من صفات الله تعالى، ويعني: العظيم والعلي. والكبير ضد الصغير والمتكبر: الذي هو أرفع من أن يظلم عباده. والأكبر هو الآخر من أسماء الله، و”الله أكبر” معناه: الله أكبرُ كبيرٍ أي أن الله أكبر من كل كبير.>>
خلاصة خطبة الجمعة ألقيت في 10/5/2002م
لقد تناول سيدنا أمير المؤمنين _نصَرَه الله_ في هذه الخطبة صفة الله “الكبير”. وبيّن معانيها من حيث اللغة. وسلط الضوء على الجوانب المختلفة لها من خلال سرد الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والمقتطفات من مؤلفات سيدنا المسيح الموعود عليه السلام.
قال حضرته: “الكبير” من صفات الله تعالى ويعني: العظيمَ والعلي. والكبير ضد الصغير والمتكبر: الذي هو أرفع من أن يظلم عباده. والأكبر هو الآخر من أسماء الله، و”الله أكبر” معناه: الله أكبرُ كبيرٍ أي أن الله أكبر من كل كبير.
ثم قرأ حضرته قول الله تعالى:
ثم تناول أمير المؤمنين _أيده الله_ بعض الأحاديث النبوية الشريفو منها:
طَافَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالبَيْتِ علَى بَعِيرٍ، كُلَّما أَتَى علَى الرُّكْنِ أَشَارَ إلَيْه بِشَيْءٍ كَانَ عِنْدَهُ وَكَبَّرَ. (البخاري، كتاب المناسك)
وعَنْ جَابِرِ بْنَ عَبْدِ اللهِ قَالَ: شَهِدْتُ معَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ الأَضحى بالمصلَّى، فلمَّا قَضى خطبتَهُ نزلَ من منبرِهِ، وأُتِيَ بِكَبشٍ فذبحَهُ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ بيدِهِ، وقالَ: بسمِ اللَّهِ واللَّهُ أَكْبرُ، هذا عنِّي، وعمَّن لَم يضحِّ من أمَّتي”. (الترمذي، كتاب الأضاحي)
وعَنْ مُحَمَّدٍ ، سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، يَقُولُ : صَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ بُكْرَةً ، وَقَدْ خَرَجُوا بِالْمَسَاحِي ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا : مُحَمَّدٌ وَالخَمِيسُ ، وَأَحَالُوا إِلَى الحِصْنِ يَسْعَوْنَ ، فَرَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ وَقَالَ : اللَّهُ أَكْبَرُ ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ المُنْذَرِينَ”. (البخاري، كتاب الجهاد والسير)
المساحي مفردها مسحاة وهي المجرفة. وأحالوا: أي رجعوا.
يقول سيدنا المسيح الموعود عليه السلام ما تعريبه:” إن عباد الله يوهب لهم العلو في لون من التواضع. ولقد بقي رسول الله صلى الله عليه وسلم يطأطأ رأسه عند فتح مكة كما كان يطأطئه في أيام المحنة. إن الإنسان كائن عاجز، لكنه عقاباً على أعماله يقترف الكبر والتهور. يجب على الإنسان أن يحاسب نفسه دائماً. ويجب لأن يتعامل مع العجوز المسكينة كما يتعامل مع الملك، عندئذٍ يمكنه الدخول في مُلك الله…. ولن يُسأل الإنسان يوم القيامة عن نسبه وإنما سيُسأل عن ما اكتسب من الأعمال، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة لابنته فاطمة: لن يترتب غفرانك على كونك ابنة الرسول. ومما لوحظ أن الأغنياء يشعرون بصغر في إلقاء السلام على الفقراء، كما يجدون صعوبة في تأدية حقوق الله أيضا. إنهم يستاؤون من وقوف الفقراء بجانبهم في الصلاة ويرون في ذلك إهانة لهم، ومن ثم يُحَرم الأثرياء من الحسنات الكثيرة. والأغنياء ينالون قسطا كبيرا من التكبر فلا يستطيعون العبادة، كما لا يقدرون على تأدية حقوق العباد. إن خدمة الخلق عبادة جليلة، وإن الذين يحتقرون الآخرين على شيء أخشى أن يُصابوا هم بذلك. تَوحّدوا كما يكون شقيقان من بطن واحد، وأقيلوا عثراتِ إخوانكم. وشقيٌّ مَن لا يغفر ذنوب إخوانه”. (ملفوظات ج3 ص369 و370)
وفي آخر الخطبة تناول حضرته بعض ما أوحي إلى سيدنا المسيح الموعود عليه السلام في هذا الصدد ومنها ما وعده الله تعالى عن مقاله الذي قُرئ في مؤتمر أديان العالم الذي عُقد بلاهور بعنوان “فلسفة تعاليم الإسلام” قائلا: