خطبة الجمعة من مسجد الفضل
التاريخ: 1995-11-10

خطبة الجمعة من مسجد الفضل

حضرة مرزا طاهر أحمد (رحمه الله)

حضرة مرزا طاهر أحمد (رحمه الله)

الخليفة الرابع للمسيح الموعود (عليه السلام)

خطبة الجمعة

يوم 13/10/1995 – مسجد الفضل – لندن

  •  عرش الله تعالى .. هو مقامه التنزيهي، وهو قلب محمد
  •  أحاديث موضوعة شوَّهت الصورة في عقول المسلمين
  •  البشر يُدركون أربعة أبعاد فقط، وهناك أبعادٌ أخرى في الوجود
  •  سيدنا المهدي طهَّر عقولنا من الخرافات والجمود الفكري
وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (الزمر: 76)

في ذلك اليوم ترى الملائكة يحيطون بالعرش، يُسبِّحون بحمد ربِّهم. وسوف يحكم الله بين من ينتظرون قضاءه بالحق، وسوف يُعلَن أنَّ الحمدَ الصادق الخالص كله لله ربِّ العالمين.

هذه الآية تذكر العرش، وفي الجمعة الماضية تلوت عليكم آيةً أخرى، ولم يرِد في القرآن أنَّ الملائكة تحمِل العرش. وقد شاعت هذه الفكرة بناءً على بعض الأحاديث.. التي لو تدبَّرها الإنسان لعرف أنها موضوعة، لا علاقة لها بالنبي . فالأحاديث التي تتعارض فيما بينها، وتتعارض مع القرآن الكريم.. لا يمكن أن تُنسب إلى المصطفى . ثم إنَّ الأحاديث التي تمتد جذورها في الأساطير اليونانية، وأفكارهم عن الآلهة الباطلة.. والتي لا نجد أيَّ ذِكرٍ لها في صحيح البخاري أو غيره؛ وإنّما توجد في كتاب تاريخ صنَّفه صاحبُه بعد سبعة قرون من الرسول . ونجد مثل هذه الأحاديث في تفاسيرٍ صُنِّفت بعد زمنٍ طويل من بداية الإسلام، أو في كتابٍ للحديث صنَّفه كاتبه بعد أربعة قرون من الإسلام، جمع كثيرًا من الأحاديث التي فتنت المسلمين، ولم تكن مصدر بركة أو تنويرٍ لهم، لأنَّ كل هذه الروايات تحمل شهادةً داخلية على أنّها موضوعة، ولا علاقة لها بالنبي ولا بالقرآن الكريم. وسوف أذكر لكم نماذج من هذه الروايات، ثم رواياتٍ صحيحة تتفق مع القرآن، ثم آياتٍ من القرآن، ثم شرحٍ لفكر الإمام المهدي بما يوضِّح هذا الموضوع.

في “الدُرِّ المنثور”، للعلّامة جلال الدين السيوطي.. الذي جاء بعد 849 سنة من زمن النبي ، بعض الأحاديث التي ليس لها سند متصل إلى النبي بشهاداتٍ قطعيّة. هل كانت هذه الروايات مخفيّة لقرونٍ طويلة.. ثم ظهرت فجأةً عند هذا المصنِّف؟، مع أنَّ كبار المحدِّثين جاءوا في هذه الفترة ولم يعرفوا مثل هذه الروايات؟

الحقيقة أنَّ الذين اختاروا هذه الروايات هم ممن يصدِّقون الخرافات، لأنّهم يتحدَّثون عن خرافات الجنّ وأمورٍ تتعارض مع العقل والمنطق، وتتعارض مع القرآن وأحاديث الرسول، وفي رواياتهم بعض الأحداث التي وقعت قبل يحيى (عليه السلام) بأربعة قرون ومع ذلك ينسبونها إلى زمنه. ويمكن للمحقق الباحث أن يرفض هذه الروايات بأدنى تدبُّر، ولكن العلماء عمومًا أخذوا يتناقشون: هل هذه الروايات مرفوعة أم لا؟. إنّ المخّ الذي يختلق مثل هذه الروايات لا يصعب عليه اختراع سلسلة رواة يرفعها إلى الرسول . ونسبتها إلى الرسول إهانةٌ إلى مقامه الرفيع. ولا يمكن أن تُنسب إليه ولا إلى القرآن.

جاء في الدُرِّ المنثور: أخرج أبو الشيخ عن مكحول التابعي قال رسول الله : إنَّ في حملة العرش أربعة أملاك.. مَلَكٌ على صورة سيد الصوَر وهو ابن آدم، ومَلَكٌ على صورة سيد السباع وهو الأسد، ومَلَكٌ على صورة سيد الأنعام وهو الثور.. فما زالَ غضبان مُذ يوم العجل إلى ساعتي هذه (أي منذ عُبِدَ العجل)، ومَلَكٌ على صورة سيد الطير وهو النِسر.

ومن يقرأ مثل هذه الرواية الأسطورية يُدرك على الفور أنّها لا يمكن أن تكون حديثا للرسول .. وإنّما هي من الخرافات. ولكن رجال الحديث دخلوا في بحث هذه الرواية، وهل تصل إلى صحابي أم تقف عند تابعي؛ أي هل هي مرفوعة أم لا.. حتى يأخذوا بها!

وهناك رواية أخرى عن أم سعد (رضيَ الله عنها) أنّها سمعت النبي يقول: العرش على مَلَك من لؤلؤة على صورة ديك، رجلاه في تخوم الأرض وجناحاه في الشرق وعنقه تحت العرش.

فهو ملك واحد إذن وليس أربعة! ولما كانت هذه الرواية مرفوعة في اصطلاح العلماء.. لذلك يذكر المشايخ مثل هذه الروايات، ويشوهون صورة الإسلام ويعرِّضونها للسخرية بهذه الخرافات.

هل يمكن أن يكون هذا كلامٌ للرسول ؟ هل يمكن أن يقبَلهُ من دَرَس البخاري ومسلم وغيرهما من الصحاح، وله بصيرةٌ بسيرة الرسول كما يعرضها القرآن؟

لا يمكن أن يقبله عاقل ولو للحظة واحدة، لأن هذا القول السخيف يعدُّ إهانةً للرسول إذا نُسِبَ إليه.

وهناك رواية يعتبرونها مرفوعة إلى ابن عباس (رضي الله عنهما). والحقيقة أنَّ هؤلاء ظلموا ابن عباس.. فقد استخدموا اسمه كثيرا ونسبوا إليه روايات من كل صنف. تقول الرواية قال: حملة العرش ما بين منكب أحدهم إلى أسفل قدميه مسيرة خمسمائة عام. وذكر أنَّ خطوة ذلك الملَك ما بين المشرق والمغرب.

وبالطبع إذا كانت هذه خطوته فلا شك أنه طويل القامة بما يتناسب مع ذلك!

وفي رواية أخرى منسوبة إلى عبد الله بن عمر (رضي الله عنهما) -إنا لله وإنا إليه راجعون- عدد الملائكة فيها ليسوا أربعة ولا واحد.. وإنما هم ثمانية. وقد وُضِع هذه الحديث على ضوء آيةٍ قرآنيّة تقول

وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ .

وتقول الرواية: حملة العرش ثمانية ما بين مُوقِ أحدهم (طرف عينه من الداخل) إلى مؤخر عينيه مسيرة خمسمائة عام.

الله وحده يعرف مَن هؤلاء الذين صنعوا هذه الخرافة، وفاقوا على كل قصص الخرافات، ويبدو أنّ هناك مسيرة بلايين السنين بينهم وبين العقل.. إذ يختلقون هذه الخرافات وينسبونها إلى سيدنا محمد .

وهناك روايةٌ موجودة في كتاب سنن أبي داوود، وهو من الكتب القيِّمة، ومن الظلم العظيم أن تتسرب إليه. والحق أنّ هناك كثيرًا من الروايات الباطلة قد تسرَّبت إلى الصحاح، ولكن الشهادات الداخليّة لهذه الروايات تدلُّ بجلاء على أنّها ليست من كلام الرسول. تقول الرواية عن جابر أنّ الرسول قال: أُذِنَ لي أن أُحدِّثَ عن مَلكٍ مِنْ ملائكةِ الله مِنْ حَمَلةِ العرش.. ما بينَ شَحمَةِ أُذُنِهِ إلى عاتِقِهِ مسيرة سبعَمِائةِ سنة.

هذا تصوُّر ماديّ عن الملائكة لا تجده حتى في الأساطير اليونانيّة. وقد اخترعها أولئك الذين تصوَّروا العرش مرتفعًا جدًا. ولذلك جعلوا مًنْ يحملونه طوال القامة هكذا. والحق أنّ شاعر الأردو “غالب” كان أفضل من هؤلاء حيث قال “كان بوسعنا أن نصنع صورة أعلى إذا كان مسكننا أبعد من السماوات”. على الأقل اعترف الرجل بأنّ الصورة من صنعنا. ولكن هذا الذي يُقال خيانة.. ما كان لهم أن ينسبوا هذه الخرافات إلى الرسول الذي نزل عليه كتابٌ عديم النظير؟ تجدون الخرافات في كتب غير القرآن، أما القرآن فقد حفظه الله من هذه الأيدي المفسدة. فكل معني أو حديث يتعارض مع أسلوب القرآن ومعانيه، ويخالف الشخصية النبويّة كما تظهر من القرآن.. لا بد أن ترفض روايته ولا يُعتبر أبدا كلاما للرسول .

وهناك روايةٌ أخرجها عبدُ بن حميد وردت في الدُرِّ المنثور، رفعوها إلى ميسرة الصحابي تقول: حَمَلة العرش أرجلهم في الأرض السفلى ورؤوسهم قد خرقت العرش.. “نعوذ بالله من ذلك، وكأنَّ الله سبحانه ليس جالسًا على سطح العرش وإنّما جلس على رؤوس الملائكة حملة العرش”.. وهم خُشوعٌ لا يرفعون طَرْفَهم (خوفَ النظر إلى أهل السماء السابعة تحتهم).. وهم أشدُّ خوفًا من أهل السماء السابعة، وأهل السماء السابعة أشد خوفا من أهل السماء التي تليها، وهؤلاء أشدُّ خوفا من التي تليها.

يخافون مَن تحتهم، ولا يخافون من فوقهم! وهذا عجيب؛ فالعرش فوق السماء السابعة؛ ورؤوس هؤلاء الملائكة قد شقّت العرش وبرزت إلى ما فوقه.. ويُنسب هذا القول إلى نبيٍّ يشهد القرآن عن رحلة المعراج (وهي الرحلة الروحيّة للنبي ) أنّه توقف عند العرش.. لأنّه لا يُسمح لأحدٍ بتجاوزه (وهذا أيضا تعبيرٌ مجازي)!!

عندما أقرأ عليكم كتابات سيدنا المهدي ستعرفون الفرق بين هؤلاء المشائخ وبين مقام من تلقّى الهداية والعلم من الله تعالى.

يقولون أنّ الملائكة حَمَلة العرش يخافون من ملائكة السماء التي تحته.. إنّهم لم يتركوا شيئا من العرش بعد أن شقُّوه! لقد تصوَّروه كقطعة من الورق أو القماش، ورؤوس الملائكة تبرز منه هكذا!!

يذكر صاحب الدُرِّ المنثور روايةً أخرى منسوبة إلى ابن عباس المظلوم، تقول

أَنَّ الرَسُولَ خَرَجَ عَلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: مَا جَمَعَكُمْ؟ فَقَالُوا: اجْتَمَعْنَا نَذْكُرُ رَبَّنَا وَنَتَفَكَّرُ فِي عَظَمَتِهِ، فَقَالَ: لَنْ تُدْرِكُوا التَّفَكُّرَ فِي عَظَمَتِهِ، أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِبَعْضِ عَظَمَةِ رَبِّكُمْ؟ قِيلَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: إِنَّ مَلَكًا مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ يُقَالُ لَهُ: إِسْرَافِيلُ، زَاوِيَةٌ مِنْ زَوَايَا الْعَرْشِ عَلَى كَاهِلِهِ، قَدْ مَرَقَت قَدَمَاهُ في الْأَرْضَ السَّابِعَةَ السُّفْلَى، وَمَرقَ رَأْسُهُ في السَّمَاءِ السَّابِعَةِ.. في مثلهِ من خَليقةِ ربِّكم تعالى.

  إذا كان هذا الملاك من خليقة الله، فبحسب هذه الروايات.. لم يكن العرش ليوجد إلى أن يُخلق هذا الملاك فيحمله. كأنَّ الله تعالى سيبقى بلا عرش حتى توجد هذه الملائكة. ومعنى ذلك أنّ الله تعالى لم يكن منذ الأزل ذا عرش حتى تم إيجاد هذه المخلوقات. والأزلية تعني لا بداية ولا نهاية. فكأنّ الله متصفٌ بالأزليّة المستقبلية وليس متصفا بالأزلية الماضية! هذا هو تصوُّرهم للعرش وتجمح أفكارهم بعيدا إلى هذا الحد!

  وهناك روايةٌ أخرى في الدُرِّ المنثور أيضا نسبوها إلى أبي هريرة أنَّ الرسول قال: أُذِنْ لِيَ أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ مَلَكٍ قَدْ مَرَقَتْ رِجْلَاهُ الْأَرْضَ الْسَّابِعَةَ، وَالْعَرْشُ عَلَىَ مَنْكِبِيهِ.. وَهُوَ يَقُوْلُ: سُبْحَانَكَ أَيْنَ كُنْتَ وَأَيْنَ تَكُوْنُ. هذا هو تعبيره، وهذه الرواية تتعارض مع السابقة، لأنّها تذكر مَلَكا واحدا يحمل العرش بمفرده، ويُسبِّح الله تعالى!

  الحمد لله! لقد أخرجنا من هذه الظُلمات والخيانات الجاهليّة سيدنا المهدي بما جاءه من نور الله تعالى. إنّه أعطانا من نور الله الذي كان لابدَّ منه لرؤية الحقّ.. فما لم تتنوَّر العقول، وما لم يُعطَ الفهمُ والمنطق نورًا لكان نور السماء بلا فائدة لها.. لانَّ الأعمى لا يُبصر نور الشمس ما دام محرومًا من نور عينيه. ليس نور السماء نفسه بلا فائدة.. ولكن من حُرِمَ نور الفطرة يُحرَم من النور السماوي أيضا. لقد أساء هؤلاء الناس بتفاسيرهم إلى الإسلام، وحوَّلوا مفاهيم الإسلام إلى أساطير.

والآن أقرأُ عليكم حديثين صحيحين من البُخاري لشرح موضوع العرش، ثم أذكر ما قاله سيدنا المهدي في هذا الموضوع.

قلتُ آنفًا إنّ القرآن الكريم لم يذكر أنَّ الملائكة تحمل العرش، وربما يتعجَّب بعض منكم من قولي هذا، لأنَّ التفسير الكبير والصغير أيضا للخليفة الثاني ذكر أنَّ الملائكة يحملون العرش، ولكن عندما تتدبَّرون ما تسمعون من الآيات القرآنيّة والأحاديث النبويّة وأقوال سيدنا المهدي ستُدركون أنَّ تفسير الخليفة الثاني كان مجازيا. كان توضيحا مجازيا مما كان حضرته يفعله أحيانا، ويُدرك مغزاه، ولكن قد يستخلص القارئ معنىً مختلفا، لأنّ التفسير كان تفسيرا وجيزا، وصنَّفه الخليفة الثاني في مرضه الأخير، ولم يكن له فرصةٌ لمراجعته.

ثمَّ إنَّ لسيدنا الخليفة الثاني مقاما، ولسيدنا المهدي أيضا مقاما، ولسيدنا المصطفى مقامه، وللقرآن الكريم مقامًا، فلا يحقُّ لنا أن نُفضِّل المقام الأدنى على حساب المقام الأرفع. قد يعترض المعترضون.. ولكن إذا وجدتم اختلافا بين المعاني فالأولويّة حتما لصاحب المقام الأعلى.

وهنا لا يُقال أنَّ هناك معنى جديدا، ولكن كما قلت فإن يمكن أن يكون مفهوم الملائكة مختلفا. لو قرأتم كتاب الخليفة الثاني “ملائكة الله” لوجدتم تعبيرات وتوضيحات مختلفة.. وأُشير إليها لأُبيّن أنَّ هناك طريقا واحدا للخروج من هذا الاختلاف بأن نفهم أنَّ المصلح الموعود لم يأخذ الملائكة على حقيقتها. ولم يأخذ العرش بمفهوم ماديّ. ولما كان التفسير الصغير قصيرًا لذلك استخدم كلمات مفردة بسيطة.

فمثلاً يقول الله تعالى

وَانشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ * وَالْمَلَكُ عَلَىٰ أَرْجَائِهَا ۚ وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ..

تنهدم السماء وتكون خاوية، وتتواجد الملائكة في نواحيها، ويومها سوف تحمل العرش ثمانية قوىً، وقد سبق ذكر الملائكة قبل هذه الآية، فلو اعتُبِر حملة العرش هؤلاء ثمانية من الملائكة تمشيًا مع السياق.. فأُجيب على ذلك بجوابي السابق بأنَّ القول بوجود تعارض بين مفهوم الخليفة الثاني وهذا المفهوم يعني أنَّك لم تفهم ما أراده سيدنا المصلح الموعود. لقد نظر حضرته في كتابه “ملائكة الله” إلى الملائكة بنظرةٍ عميقة، ولا يمكن لمن قرأ كتابه ملائكة الله أن يتصوَّرها بمفهوم ماديّ أو أن يتصوَّر العرش بمفهوم ماديّ.. فقد فسَّر سيدنا المسيح الموعود الملائكة على أنّها صفات الله تعالى.. ولا بدَّ أنَّ هذا ما فهمه الخليفة الثاني.

إنني هنا أذكر هذا التفصيل لأنَّ الذين يقرأون بدون تمعُّن لا يحيطون بكل جوانب الموضوع، ويلتقطون جانبًا واحدًا ويكتبون إلىَّ الرسائل: أنت تقول كذا والمصلح الموعود يقول كيت.. فبدلاً من الردِّ على رسائِلهم أشرح لهم هذا الموضوع الآن. إنني أعرف ماذا قال سيدنا المهدي، وماذا قال سيدنا الخليفة الثاني، وأفهم هذا المعنى. فإذا رأيتم أنَّ سيدنا الخليفة الثاني كان يقول بالوجود الماديّ للملائكة.. فإنّني أرفض ذلك لأنّ القرآن يرفضها، وليس في كلام الله ذِكرٌ لمـَلَكٍ ماديّ يحمل عرشا ماديًّا لله تعالى.

الآن اسمعوا الحديث: ورد في صحيح البُخاري عن أبي هريرة

عن النبي قال: «إنَّ يَمينَ الله مَلْأَى لَا يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ..»، وكلمة “يمين الله” تُبيِّن أنَّ كلمات العرش وسائر الأوصاف مجازية، وفهْمها على أنّها ماديّة يُخالف روح هذا الحديث. يمين الله مليئة لا ينقص منها شيء مهما أنفق. « أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاواتَ وَالْأَرْضَ فَإِنَّهُ لَمْ يُنْقِصْ مِمَّا فِي يَمِينِهِ؛ وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ؛ وَبِيَدِهِ الْأُخْرَى الْقَبْضُ، يَرْفَعُ وَيَخْفِضُ».

   فالرفع والخفض في يد الله. وليس هناك من يُمسك بعرشه. وهذا القول صحيحٌ لأن القرآن يقول وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ . فما هو المراد من “عرشه على الماء”؟ سأشرحه لكم لكن من المؤكد في هذه الرواية أنَّ الماء ليس ملائكة. وإذا كان الماء يحمل العرش فمن يحمله؛ ولكن الله تعالى يقول أنّه يرفع ويخفض ما يشاء. فإذا فكَّرتم في الماء على أنّه شيءٌ مادي.. فمن الذي يحمل الماء الذي يحمل العرش؟

إذا فكَّرتم بالمعنى الماديّ الحرفيّ فستجدون في “البيهقي” الأحاديث التي تقول أنَّ تحت العرش هناك الماء، وتحت الماء هناك ثور يحمل الأرض على قرنه.. وعندما ينقلها من قرنٍ إلى قرن يحدث الزلزال. إنَّ الذين يأخذون بظواهر الكلمات يفقدون المعنى أو يشوِّهونه. فيجب أن نتدبَّر المعنى. إذا كان الماء ماديًّا وجب أن يكون لله تعالى يدٌ يمنى ويدٌ يسرى ماديّتان.. وتصبح المسألة كلها مجرّد أقاصيص. ولكن انظروا إلى حديث البخاري، الموافق لنور القرآن.

ثم هناك رواية في البخاري عن ابن عباس.. أن النبيّ كان يدعو الله تعالى وقت الكرب ويقول:

“لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ، وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ”.

  وسأتلو الآن عليكم عبارات من كتابات سيدنا المهدي تشرح هذا الموضوع لتعرفوا معنى مصطلح “عرش الله”، وترون كيف أنَّ إمام هذا الزمان الذي يرى بنور الله تعالى.. بيَّن ما هو العرش:

يقول سيدنا المهدي أنَّ كلمة عرش تَرِد لتبيِّن عظمَة الله تعالى الأعلى من كلِّ عليّ، الذي هو في غير حاجة إلى عرشٍ كالبشر. بل يقول القرآن الكريم أنَّ الله تعالى يحمل كلَّ شيء، وهو القيُّوم الذي يُقيم حياة كلِّ حيّ. فكلُّ حديثٍ مزعوم يتعارض مع كلمات الله المذكورة لا يمكن أن يكون كلامًا صادرًا عن الرسول . ومن ينسبه إلى الرسول يرتكب إهانةً في حقه.

ثم يقول سيدنا المهدي (جشمة معرفة ص110) إنَّ ربكم هو ذلك الرب الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش.. أي أنّه أولاً خلق كلَّ ما في السماوات والأرض في ستة أدوارٍ طويلة، واليوم هنا يعني فترةً زمنيّة طويلة؛ ثم استوى على العرش.. أي في مقام التنزُّه. فكلمة “استوى” موصولة بـــ “على” تعني الاستقرار في مكان لائق بالمستوى. كما قال القرآن عن سفينة نوح وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ أي أنّها استقرَّت بعد الفيضان في وضعٍ مناسب على جبل الجودي، ورست في مكانٍ لائق لينزل ركّابها. فاستواء الله هو استقراره في مقامٍ يليقُ بنزاهته وقداسته، لأنَّ مقام التنزُّه والقداسة لله تعالى يتطلَّب فناء ما سواه من الموجودات. الله تعالى يخلق الأشياء أوّلاً ثم يُفنيها. فاستواءه على العرش يعني كونه في مقام القداسة والنزاهة. وهو تعالى ليس مقيَّدًا في مكان وليس محدودًا بموضع؛ ويذكر القرآن أنَّ الله تعالى حاضرٌ في كل مكان ويرى كلّ شيء.

هذه العبارة من سيدنا المهدي يصعب فهمها على بعض الأخوة الذين لا يفهمون هذه اللغة، أو الذين لا يسمعونها بانتباهٍ تام، لذلك سأحاول شرحها لكم. المعنى هو أنَّ الله تعالى خلق السماوات والأرض في ستة أيام، وهذه الأيام لا تعني أيامًا عادية، بل تعني زمنًا طويلاً.. وكانت تتجلّى صفاته في خلقه. قد يحسب يعض الناس أن الخلق جزءٌ من الله تعالى، وهذا ما تقوله بعض العقائد القائلة بوحدة الوجود، الذين يقولون أنَّ الله تعالى خلق الخلق بصفاته، والموصوف لا ينفصل عن صفاته. ولما كان الخلق كله من صفات الله، وهذه الصفات هي الله.. فالخلق مع الله وحدةٌ واحدة. من هذه المفاهيم نشأت ديانات تقول أنَّ الله ظاهرٌ في كل شيء، وأنَّ الأشياء هي الله.

ولكن المسيح الموعود يقول: إنَّ من كمال فصاحة القرآن الكريم ومعارفه أنَّ الله ذكر الخلق، ثم بيَّنَ أنّه لم يختلط بخلقِهِ، بل بَانَ عنهم مُتساميًا إلى علياء مجده.. بما يجعله -سبحانه- متميزًا عن كل خلقه. بل إنّه مقامٌ أسمى من إدراك الخلق وتصوُّرهِم. هكذا عرفنا صفات الله التشبيهيّة، وأنَّ الكيفيّة التي يتجلّى بها الله على خلقه لا تعني أنّه مختلطٌ بهم، بل هو معهم وفي نفس الوقت في مقامِ تنزُّهِهِ عنهم. إنّه بعد الخلق مستقرٌ في مقامه السامي.. على عرشه، وهذا العرش هو في الحقيقة صفاته التنزيهيّة. والاستواء على العرش هو إظهار الصفات التنزيهيّة التي تُميّز الله تعالى فوق الصفات التشبيهيّة.. حتى لا يقع أحدٌ في الإشراك بالله، ولا يعتبر المخلوق جزءًا من الخالق سبحانه.

هذا أحد المعاني. والمعنى الآخر الذي ذكره سيدنا المهدي من بين عدة معانٍ.. هو أنَّ قلب المؤمن الكامل يكون عرش تجلّيات الله. يقول: عندما ذكر الله الخلق قال إنَّ عرشه كان على الماء. فما هو المراد من كون العرش على الماء؟ يقول الله تعالى في موضعٍ آخر: وجعلنا من الماء كلَّ شيءٍ حيٍّ. فالحياة مرتبطة بالماء. والحياة ترتبط بالشعور، وبدون الشعور لا يمكن للإنسان أن يرى الله تعالى. فمعرفة الله الواعية لا تتمُّ إلا بالحياة. فــــــ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ يعني أنَّ الله منذ بداية الخلق قد جعل في الماء صفاتٍ لتوليد الحياة والشعور في الكائن الذي يرى الله تعالى في تجلِّياته ثم يستسلم له. هكذا شرح حضرته عبارة عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ .

ويقول سيدنا المهدي أنَّ القلب سُمِّيَ عرشًا كذلك لأنّ التجليات الإلهيّة تتمُّ على القلب. وقال أيضًا أنَّ العرش هو ذلك المقام السامي الذي لا يصلُ إليه المخلوق. فهنا جمع سيدنا المهدي المعنيين، فلا يظُنَّنَ أحدٌ أنّ ما ذكرته في الخطبة الماضية بأنّ القلب هو العرش، وأنَّ قلب الرسول في الحقيقة هو عرش الله تعالى.. كان قولاً من عندي، بل هو قول سيدنا المهدي.. حيث قال إنَّ القرآن يعتبر القلب عرش الله تعالى. والقلب الذي تجلَّى عليه الله بصفاته الكاملة بما لم يتجلَّى على أحدٍ من الناس.. هو قلب الرسول .

وفي حادث المعراج وصف الله قلب النبي وقال مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ .. أي أنَّ ما رآه هذا الفؤادُ ليلةَ المعراج لم يكذبه في بيانه. وهذا لا يعني أنَّ الرسول كان من الممكن أن يكذب، وانَّ الله ينفي عنه ذلك. وإنّما المعنى العميق هو أنَّ النبي لم يُخطئ فهم التجلِّيات الإلهيّة التي ظهرت على قلبه بل أدركها تمامًا. يمكن أن يتجلَّى الله على قلب أي إنسان؛ وهي تجلِّياتٌ عادية، لأنَّ الإنسان مخلوقٌ من الماء.. أُعطيَ موهبة الشعور وتصوُّر وجود الله تعالى؛ ولكن أغلب الناس يُخطئون في تصوُّراتهم ولا يُدرِكون تجلِّياته، لذلك اختلفت المذاهب. يقول القرآن أنَّ الرسول فَهِمَ ما رآه قلبه تمامًا، وأدرك ما أُريدَ له أن يراه. فإذا بيَّنَ النبي صفات الله فلا بدَّ أن نطمئن إلى بيانه.. لأنَّ قلبه لا يمكن أن يُخطئ. إنَّ الله لم يخلُق قلب الرسول بحيث يُخطئ في فهم التجلِّيات الإلهيّة.

يقول سيدنا المهدي: إنَّ العرش هو ذلك المقام الأسمى الذي ينتهي قبلَهُ مدى وصول المخلوق. لقد عُرِجَ بالرسول إلى مكانٍ لم يصل فوقه أحدٌ من الخلق.. لأنَّ ما بعده هي الصفات التنزيهيّة. إذا كان هناك صفةٌ قبل العرش تحمله لكانت الرسول ، فليس ثمةَ ذِكرٌ لملائكة وصلوا إلى هذا المقام. جاء في الأحاديث أنَّ أجنحة جبريل بدأت تحترق عند هذا المستوى، ولكنه ارتقى بعده، ومع ذلك كان دون العرش أيضًا.

هذه أحاديثٌ توضِّح آيات القرآن.. فكيف نقبل بعدها رواياتٍ عن رؤوس الملائكة التي وصلت إلى العرش بل شقَّته وولجت في ذلك المقام الذي لا يكون فيه إلا الله سبحانه.

ثم يقول سيدنا المهدي: إنَّ أهل العلم يعرفون أنَّ هناك تشبيهًا وهناك تنزيهًا، فمثلاً قوله تعالى أنَّه معكم أينما كنتم، ويكون سادسكم إذا كنتم خمسة.. فهذا من قبيل المجاز.. الذي يمكن أن ينخدع به بعض الناس ويظنون أنَّ لله تعالى وجودًا ماديًا. كلا، ولإزالة هذا الشكّ قال الله تعالى إنّه على العرش.. حيث لا يمكن أن يصل المخلوق. إنّه موجودٌ في كل مكان.. ولا يمكن أن يُدرِكَه الخلق.

لقد بيَّنتُ لكم هذا الموضوع مرارًا.. بأنّه إذا تغيَّرت الأبعاد لا يمكن إدراك الذوات، لقد ذكرت لكم أنَّ الاشياء التي تنتمي إلى أبعاد تختلف عمَّا نُحسُّ به لا يمكن لنا أن نُدركها.. لأننا مقيَّدون بأبعاد محدَّدة. يذكر العلماء من الأبعاد 14 بُعدًا.. عرفوها بالحسابات والأرقام فحسب، ولكنهم لا يعرفون حقيقتها. فمثلاً أبعادنا هي ما حولنا من يمين إلى يسار، ومن أمام إلى خلف، ومن فوق إلى تحت، وهذه هي الأبعاد الماديّة الثلاثة (الطول والعرض والارتفاع) والبعد الرابع هو البُعد الزمني، وما نعرفه من الكون محدودٌ بهذه الابعاد الأربعة.

ولكن الثابت من القرآن أنَّ هناك أبعادًا أخرى، وقد دلّنا النبي على ذلك. يقول القرآن الكريم أنَّ الجنة عرضها كعرض السماوات والأرض. ففهم الصحابة من ذلك أنَّ الجنة تملأ الجهات التي نعرفها في هذا الكون.. ولا يبقى بعد ذلك موضع للنار! إذ لا يمكن أن توجد النار والجنة في نفس الموضع في نفس الوقت؟ يمكن أن تملأ قارورةً بالماء على قدْرِ سعتها، ولكن لا يمكن أن تُملأ في نفس الوقت بالعسل واللبن بمقدار سعتها؟ فكيف تكون الجنة بعرض السماوات والأرض وتكون النار هناك أيضًا؟ هل -لا سمح الله- فاتت هذه المسألة على الرسول ؟ واستفسر الصحابة منه: هذه الجنة فأين النار؟ فأجابهم حضرته بأنَّ الجنة والنار موجودتان معًا ولكنكم لا تُدركون ذلك. نعم، إذا تغيَّرت الأبعاد (المقاييس) أمكن أن يوجد في المكان الواحد أكثر من شيء في وقتٍ واحد. فمثلاً هذا الماء الذي يملأ القارورة يوجد معه أشعةٌ من مختلف الأنواع: كهربيّة ومغناطيسيّة وحرارية الخ.. ولكل من هذه الموجات صورة ورسالة. إنّها تختلف في الأبعاد.. مقاييسها لا تنتمي إلى مقاييس الماء. ولذلك تتواجد في نفس المكان دون أن يكون بينهما أي علاقة.

لقد فَهِمَ الرسول هذا الموضوع عن الله تعالى، ويمكن أن تفهموا قول سيدنا المهدي: إنَّ الله تعالى موجودٌ مع المخلوق ومع ذلك ليس هناك.. لأنّه لا يُدرك. يقول القرآن إنَّه قريبٌ من الإنسان، بل أقربُ إليه من حبل الوريد، ولكنه لطيفٌ للغاية فلا تُدركه الأبصار. إنّه موجودٌ في هذه الأماكن بمفهوم صفاته التشبيهيّة كالخلق، ولكنه ليس موجودًا فيها بمفهوم صفاته التنزيهيّة التي لا توجد في الخلق. وإذا فهمتم المعنى فهمتم معنى قول الله تعالى أنّه أقرب إليه من حبل الوريد وأنّه قريبٌ من كل سائل. ثم يقول إنّه بعيدٌ لطيفٌ، ظاهرٌ وباطن، حاضرٌ وغائبٌ. هذه أمورٌ متضاربة في الظاهر، ولكنها صحيحة إذا فَهِمَ الإنسان مسألة الأبعاد. لو فهمتم هذه الأشياء لفهمتم معنى العرش أيضًا.

فمن معاني العرش أنَّ ذلك الإله الذي له صفاتٌ لا يمكن أن يصل إليها المخلوق. لقد وصل الرسول وحده إلى أقصى ما يمكن أن يصل إليه المخلوق.. لأنّه كان أسمى الخلق، ولكنه توقَّف قبل هذه الصفات العُليا التي لا يستطيع المخلوق ولوجها. إنَّ الصفات التشبيهيّة لا تختلط بالصفات التنزيهيّة لله تعالى.. وهذا هو أحد معاني العرش.

ثم هناك معنى آخر واضح تمامًا، وهو أنَّ الله تعالى ليس جسمًا ماديًا ليجلس على الماء. إنَّ الحياة التي انبثقت من الماء هي الأرقى والأكمل، وهي التي أُوتيَتْ القدرة على معرفة الله تعالى. وكان الرسول هو أرفع من خُلق من الماء. فشتَّان بين المعنيين: المعنى القائل بأنَّ الله تعالى تجلَّى على قلب الرسول أو القائل بأنَّ الله جالسٌ على عرشٍ موضوع على الماء. فالمعنى الثاني يقدِّم وجودًا الله تعالى في صورة ماديّة، ولكن المعنى الأول يقبله العقل والقلب. فالإله الذي تجلَّى على الناس لم يتجلَّ على قلب نبي كما تجلَّى على قلبِ محمد .. ذلك الإله الذي لم يتحمَّل موسى تجلِّيه؛ وقال لموسى لن تستطيع أن تراني. هذا الإله تجلَّى على قلب محمد وتحمَّل قلبُه هذا التجلّي. لم تتحمَّل الأرض ولا البحار هذا التجلّي.. و وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ .. الإنسان الكامل.. سيدنا محمد . انظروا تجدوا كلمة “حملَ” مذكورة أيضا. إنَّ قلب الرسول تخلَّق بصفات الله بصورةٍ كاملة، وتحمَّل هذه الجلوَةَ الكاملة. كان هذا هو أقصى ما في وُسعِ الإنسان ولم يستطع أكثر من ذلك. هذا أيضا أحد معاني عرش الله تعالى. وسوف أُكمل هذا الموضوع في الخطبة القادمة إن شاء الله تعالى.. على ضوء عبارات سيدنا المهدي .

Share via
تابعونا على الفايس بوك