خطبة الجمعة 18/11/1994-مسجد الفضل- لندن
التاريخ: 1994-11-11

خطبة الجمعة 18/11/1994-مسجد الفضل- لندن

حضرة مرزا طاهر أحمد (رحمه الله)

حضرة مرزا طاهر أحمد (رحمه الله)

الخليفة الرابع للمسيح الموعود (عليه السلام)

 

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (الحجرات: 13)

بعد حمد الله تعالى والثَّناء عليه تلا أمير المؤمنين -أيَّده الله تعالى بنصره العزيز- هذه الآية القرآنية الكريمة ثمَّ قال: نهى الله تعالى في سورة الحجرات عن أمورٍ سيِّئة ..من بينها الغيبة. وحذَّر منها في كلمات شديدة، لو فهمها الإنسان ماخطرت على باله فكرة الغيبة قط. وأسلوب هذا النَّهي يدلُّ على أنَّ النَّاس يقعون في الغيبة رغم رغبتهم في تجنُّبها.

يقول الله تعالى: اجتنبوا كثيراً من الظَّن-كأن تقولوا مثلاً: لابدَّ أنَّه حدث كذا وكذا. وهذه عادةٌ مدمِّرة لأنَّ بعض هذه الظُّنون تكون إثمًا يقينا..وتكونون بها على شفا الوقوع في هوَّات مهلكة. ولكن الَّذي يقترب من هذه المخاطر لابدَّ أن تنزلق قدمه في هوَّة منها بالخطأ..ويكون فريسة للوحوش المفترسة، وكأنَّه يدعوها للهجوم عليه. يقول الله تعالى أنَّه ليس كلُّ ظنٍّ إثمًا، فهناك ظنون قائمة على الحقيقة، وليست في نظر الله تعالى إثمًا. ولكنَّ عادة الظَّن عادةٌ خطيرةٌ. وليس ببعيد أن يقع المرء في الكبائر إذا تأصَّلت فيه.

ثمَّ قال جلَّ شأنه: لاتجسَّسوا. هنالك علاقة وثيقة بين الظَّن والتَّجسُّس. فعندما تكون في الإنسان رغبة الاطِّلاع على عيوب غيره فإنَّ ظنونه نحوه تكون أقرب إلى الإثم..لأنَّ الإنسان يبحث عن خطأ في أخيه أو أخته. وعندما يجتمع الظَّنُّ مع التَّجسُّس يكون احتمال الإثم كبيرًا.

ثمَّ قال تعالى: ولا يغتب بعضكم بعضًا -أي لايتحدَّث أحد  بسوء عن أخيه في غيابه. وهذه نتيجة طبيعيَّة للظَّن والتّجسُّس. والَّذي عنده عادة الظَّن يفكِّر في نفسه أن ربَّما حدث كذا وكذا، فيتجسَّس، ويكون ظنُّه ذلك أقرب إلى الإثم.

التَّجسُّس يدلُّ على شدَّة الرَّغبة في الاطِّلاع على العيوب، بل ويبحث عن شيء معيَّن منها. فاحتمال الوقوع في الإثم كبير.

لماذا يتجسَّس؟ يفعل ذلك لأنَّه في الأصل يضمر عداوة للآخر. إنَّه لا يحبُّ أخاه لأنَّ الإنسان لا يغتاب من يحبّ. هل رأيتم الآباء والأبناء يغتاب بعضهم البعض؟

كلَّا، لو حدث ذلك لدلَّ على وجود خلل في العلاقة بينهم. ولكنَّ الإنسان عمومًا عندما يبغض أحدًا أو يحسدهُ فلا بدَّ أن يؤدِّي به ذلك إلى الظَّنّ ثمَّ التَّجسُّس، فإذا هيَّأ له ذلك بعض الظُّنون والتَّصوُّرات جزم بأنَّ ذلك هو ماحدث. ومادام سفره قد بدأ بسوء النِّيَّة لذلك تكون النَّتيجة خاطئة. ولابدَّ أن يذكر هذه الأشياء في المجالس ويتمتَّع بهذه الغيبة. هذا هو طريق السَّفر الَّذي يسلكه المغتاب. وقد ذكره القرآن كما يتواجد في الفطرة البشريَّة. ولكن هذا ليس السَّبب الوحيد للغيبة، بل هناك أسباب أخرى.

أحيانًا تحدث الغيبة بدون تجسُّس. يطَّلع الإنسان على عيب في غيره بسبب التَّجسُّس، ولا يعجبه هذا العيب فيخبره للآخرين، فيكرهونه ويتنفَّرون من صاحب العيب، ويتعاطفون مع هذا المغتاب. وأحيانًا تكون الغيبة مبنيَّة على الحقائق والصِّدق. ولكن الغيبة تدلُّ أصلاً على سوء النِّيَّة. ذكر الرَّسول أمرًا لإحدى زوجاته فظنَّت أنَّ ماقاله يدخل في باب الغيبة. ولكنَّ مايقوله النَّبيُّ أحيانًا يكون ملاحظة عن أحد أصحابه، وليس المراد منها التَّفرقة بين صاحب هذا العيب وبين الآخرين.. وإنَّما يذكر هذه الملاحظات كي يتجنَّب هؤلاء الآخرون ارتكاب هذا الفعل. وليس في نيَّة أحد أيّ سوء. لذلك لاينظر الله تعالى إلى هذا الأمر باعتباره إثمًا. الحقُّ أنَّه لم يقع الرَّسول في الغيبة أبدًا.

وإذا رأينا إلى الأحاديث..وصلنا إلى نتيجة حتميَّة بأنَّ الغيبة هي مايكون بقصد البحث عن عيوب الآخرين، بنيَّة تشويه صورتهم لكي يتفوَّق المغتاب على من يغتابهم، أو ليتفاخر أمام السَّامعين: أن انظروا إلى هذا الإنسان ..إنَّه كذا وكذا، وأنا أفضل منه. وفضلاً عن ذلك فإنَّ هناك خوفًا أن يصل خبر هذه الغيبة إلى صاحبها. ويدلُّ هذا الخوف على أنَّ المغتاب يريد الهجوم عليه، ويحمل على الغائب حملة لايستطيع ردَّها. ووجود هذه النِّيَّة إثم ٌكبير.

ويقول القرآن عن ذلك: هل يحبُّ أحدكم أن يأكل لحم أخيه الميت؟ لاشكَّ أنَّكم تكرهون هذا الفعل. إنَّكم تشمئزُّون من مجرَّد سماعه..مع أنَّكم بالفعل ترتكبون هذا الإثم عندما تغتابون أخاكم وأختكم.

وعندما تتحدَّثون عنهم بالسُّوء فكأنَّكم في الحقيقة تأكلون لحم الميت دون أن تبدوا كراهة لأكله، بل تظهرون رغبة شديدة. العمليَّة واحدة، ولكنَّكم تكرهون أكل لحم الميت أحيانًا ..وتتلهَّفون على أكله أحيانًا أخرى.!!.وهذا يدلُّ على وجود تناقض في حياتكم. وبالرَّغم من بيان هذه الأمور.. فإنَّ الإنسان يرغب في الغيبة ويتلذَّذ بها، ومعنى ذلك أنَّه لا يعرف ماهي الأمور الكريهة في العالم الرّوحاني. كيف يعرف أنَّ هذا الفعل إثم ومع ذلك يتلذَّذ به ويستمتع بأكل لحم أخيه ميتًا؟

هذا معناه أنَّه ينظر في زاوية أخرى، وهي زاوية لايمكن أن توصله إلى الله تعالى. فالمرض إذًا ليس في الإثم وإنَّما هو مرض في الذَّوق والمزاج لدى هذا المغتاب. وإصلاح هذا أصعب كثيرًا. لو كان الإنسان يعرف أنَّ عملاً ما إثم ٌويعرف نتائجه الوخيمة.. ومع ذلك ينجذب إلى ارتكاب هذا الإثم فهذا مرض بالإثم. ولكنَّ المغتاب لا يفعل ذلك.. ولا يجد أيَّ إثم في ارتكاب هذه الخطيئة. يكتب لي كثير من النَّاس صراحةً أو تلميحًا أنَّنا ارتكبنا كذا وكذا..ونستغفر الله تعالى فادعُ لنا. ولكن لم أجد في هذه الرَّسائل اعترافًا يقول بأنَّي اغتبت فلانًا أخي وأكلت لحمه ميتًا فادعُ لي واستغفر لي، أو أنِّي أشعر بالغثيان بسبب هذه الأكلة الخبيثة فادعُ لي بالشفاء. لو حدث هذا مع أحدكم وأخبره أحد أنَّه أكل لحم أخيه ميتًا فأخبروني؛ ولكن هذا لم يحدث معي. وهذا في الحقّ يدلُّ على اعوجاجٍ في الذَّوق والمزاج. والمصاب بهذا الاعوجاج يتعثَّر كثيرًا. ولكنَّه لو وضع نفسه في مكان أخيه الَّذي يغتابه فربَّما فهم القضيَّة في صورةٍ أوضح. ليته يتذكَّر الخجل الَّذي يصيبه عندما يأتي أخوه الَّذي اغتابه في المجلس، وكيف يحاول أن يخفي ما قاله عنه، وأنَّه قد يلجأ أحيانا إلى الكذب كيلا يعرف أخوه ماوقع منه، ويفرح عندما يخرج من هذا الموقف!!.عندما يقدم نحوهم أخوهم..يضحكون ويقولون لقد جاء من كنَّا نتحدَّث عنه. وهذا يدلُّ على أنَّ ضميرهم يؤنِّبهم في الدَّاخل ولكنَّهم لا ينتبهون. أحيانا يتحدَّث الإنسان عن غيره بنيَّة خالصة. وربَّما يصل الحديث إلى مسامع المغتاب فلا يغضب..لأنَّه يعرف حسن نيَّة من تحدَّث عنه. وقد لايحاول الدِّفاع عن نفسه بسبب حسن النِّيَّة هذه عند أخيه وعلاقته الطيِّبة معه.

وللغيبة احتمالان: أحدهما أن يهاجم المرء أخاه ويشهِّر به بنيَّة فائدة وإن كان الموضوع حقيقيًّا.إنَّ الَّذي يتحدَّث عن أخيه بالباطل وغير الواقع لايغتاب. وإنَّما هو يتورَّط في البهتان. لقد بيَّن النَّبيُّ هذا الموضوع في حديث رواه أبو هريرة فقال: قال رسول الله : أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم.

قال: ذكرك أخاك بما يكرهه. قيل: أرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ماتقول فقد اغتبته (فهذا تعريف الغيبة)، وإن لم يكن فيه ماتقول فقد بهتَّه (أي ألصقت به تهمة ليست به). والبهتان إثمٌ كبير عنَّف عليه القرآن كثيرا، وجعل عقوبته شديدة. فليس هناك إذن جواز على أي صورة من الصُّورتين لأن يذكر المرء عيوب أخيه بالحقّ أو بالباطل. التَّشهير بالباطل بهتانٌ عظيمٌ والتَّشهير بالصِّدق أكل لحم ميِّت. البهتان يعني قتل أخيه روحانيًا. إنَّ البهتان في العالم الرُّوحاني كالقتل في العالم المادِّي.. وهو عملٌ يؤاخذ عليه مرتكبه. وإذا كانوا يتلذَّذون بالغيبة ويحقِّرون بها أخاهم ويخزونه؛ أو يتحدَّثون عنه بما إذا سمعه خجل.. فهذا أيضا إثمٌ كبير.

وللغيبة درجات.أحيانا يقع الإنسان في الغيبة ولكن بنيَّة ٍغير سيِّئة، ولذلك لايتنفَّر الإنسان ممَّن ذكر عنه الغيب لأنَّهم يعرفون مسبقا أنَّ به عيبا ما.. ويعلِّق أهل المجلس حول هذا الخطأ بحسن نيَّة. هناك فرق بين الغيبة وبين الخبر الحقيقي المعروف. هذا موضوع عميق، ولذلك لابدَّ من فهمه جيّدا للحفاظ على مجتمعكم. وإن لم تفهموه ولم تؤدُّوا حقَّه فسوف تبذرون بذور الكراهية في المجتمع، وسوف يتطرَّق إليكم النِّفاق. وإذا وُضعت بذرة النفاق أنبتت شجرة نفاق. إنَّكم إذا تحدَّثتم عن أحد في غيابه بما لا يحبُّ أغضبه ذلك. وإذا تسرَّب النفاق إلى أحد فلا بدَّ أن يصل إلى دينه. وهذا يهدِّد نظام الجماعة، ويصبح المرء منافقا مع أميره وغيره من المسؤولين. وتتحوَّل الغيبة من مرض فردي إلى مرض إجتماعي عام يهدِّد النِّظام. والغيبة داخل النِّظام أعظم إثما وأشدُّ فسادا من الغيبة بين الأفراد، لأنَّ الغيبة تؤثِّر في نظرة النَّاس إلى المغتاب …فلا يتعاونون معه في أعمال الخير. ويقع الإثم على من يذيعون مثل هذه الأقوال بالغيبة والنِّفاق، لأنَّهم أضرُّوا بنظام الجماعة وأفسدوا الرُّؤيا على المسؤولين. وسوف تجدون هذا في كلِّ مكان: الكراهيَّة أوَّلاً ثمَّ الغيبة. الحبُّ والغيبة لايجتمعان أبدًا.وباستطاعتنا مقاومة الغيبة بطرقٍ عديدة ٍ..منها أن ننشئ علاقاتنا مع إخواننا على أساس من المحبَّة، فنحبُّهم ونحبُّ نظام الجماعة. ونحبُّ أمراءنا والمسؤولين فيها. ونقول لأنفسنا أنَّنا ننفق من وقتنا وجهدنا لأمور الدُّنيا، ولكنَّ هذا العمل من أجل الدِّين. فإذا كانت علاقتنا به جيِّدة رضي الله عنَّا لأنَّ العلاقة من أجله تعالى.

لو كانت علاقة الفرد بالعاملين في الجماعة بالمحبَّة والاحترام..وإن كانوا أصغر منه سنًّا أو درجة.. وسعى ليكون في قلبه حبٌّ نحوهم فإنَّه يثاب على ذلك. الحبُّ يولِّد الاحترام. وليس هذا الحبّ كالَّذي يشعر به المرء لرؤية وجهٍ جميلٍ، وإنَّما هو حبٌّ يتولَّد بسبب عمل جميل. وقد يكون الحبُّ لشخص بسبب علاقته مع الحبيب. هناك حكاية عن مجنون ليلى تقول إنَّه كان يحبُّ كلب ليلى. وهذا صحيح لأنَّ الحبَّ عندما يصير جنونًا فإنَّ المحبَّ يحبُّ كلَّ ماله علاقة مع حبيه؛ ولايملك الإنسان نفسه في هذا الصَّدد. وعندما أدعوكم لحبِّ هؤلاء المسئولين لا أدعوكم للنِّفاق..بل أدلُّكم على حقيقة واقعة. إنَّ الحبَّ يتجلَّى بطرقٍ مختلفة. لذلك حكيت لكم مثال أصحاب سيِّدنا المهدي . لقد أبدوا نحوه من العشق مالانراه في هذه الأيَّام ..مهما ادَّعى الإنسان بذلك. كان الحبُّ يتراءى في عيونهم وألسنتهم، وكانوا يذوبون حبًّا وينتشون به. لذلك كنَّا نخجل أمام أحدهم عندما يبدي لنا حبَّه ويصافحنا ..فكنَّا نستحي ونتهرّب. ولمـّــَا كبرنا وعرفنا أنَّهم يحبُّوننا لأنَّنا أولاد سيِّدنا المهدي.. عندئذٍ أدركنا أنَّ قرارنا كان قسوةً لامبرِّر لها من جانبنا. ولكنَّهم كانوا لايرون فيها شيئا غير طبيعي لأنَّهم يحبُّون سيِّدنا المهدي.

فقولي لكم أن تنشئوا علاقة الحبّ مع المسؤولين في الجماعة فذلك صعب..إلّا إذا أنشأتم علاقة عشق وحبّ صادق مع الله تعالى ومع رسوله المصطفى ومع المسيح الموعود وعندئذٍ لابدَّ أن تحبُّوا العاملين في نظام الجماعة، ولايمكن أن تتكبَّروا عليهم، أو تنالوا منهم وتستهزئوا بهم، أو تغتابوهم وتعيبوا على نظام الجماعة في مجالس النَّاس. ويتطاول البعض على الأمير ويقول نحن نعرفه، ونعرف من هو ابنه، ومن هي ابنته؛ وكأنَّكم تريدون بذلك العزَّة عند الله تعالى..في حين أنَّ القرآن يقول أنَّ أمثال هؤلاء يسقطون من مقامهم السَّابق ويقعون في عواقب مهلكة. إنَّهم يقعون في الغيبة والبغي والبهتان..وتمشي هذا الأمراض كلَّها معًا.فلا تعتبروا الغيبة أمرًا هيِّنًا، بل اجتنبوها بكلِّ السُّبل. وأحد هذه الوسائل بالنِّسبة للعاملين في نظام الجماعة أن توسِّعوا دائرة حبِّكم لهم. أمَّا بالنِّسبة للجماعة عامَّة فعليكم أن تحبُّوهم على أساس أنَّهم إخوانكم في الدِّين والجماعة. كثيرا ما أوصى النَّبيّ بفعل هذه الأمور الطَّيِّبة والأعمال الحسنة مع سائر المسلمين. وكنت أتساءل: إن هذا الرَّسول الكريم هو رحمة للعالمين ..فلماذا يحصر دائرة التَّعامل بهذه الأشياء الحسنة مع المسلمين وحدهم؟ ولكن عندما تدبَّرت وتعمَّقت في هذا الأمر أدركت أنَّ هذا أسلوب رائع ..لأنَّه يثير عواطف المسلمين نحو إخوانهم المسلمين بدافع حبِّهم لله تعالى وللرَّسول. وهذه العاطفة تفتر إذا اتَّسعت الدَّائرة ولم يتَّجه الإنسان أوَّلاً نحو المسلمين. إنَّ إثارة العاطفة وتذكير المرء بصالح العمل يكون أقوى عند الإشارة إلى من يحبُّهم. يقول الرَّسول أنَّ المسلم لا يمكن أن يؤذي أخاه المسلم، ولن يبقى المسلم مسلما إذا كان يؤذي إخوانه المسلمين. وهذا لايعني أن يؤذي المسلم غير المسلمين. هناك روايات كثيرة عن النَّبي تذكر حقوق الإنسانيَّة جمعاء، بل وتذكر حقوق الحيوانات، وتأمر بالشفقة والرَّحمة بها. قال لرجل كان يشقُّ على ناقته أنَّها سوف تشكوه أمام الله تعالى يوم القيامة، فأعلن الرَّجل ندمه على ذلك وأنَّه لن يؤذيها بعدها. فقال له النَّبيّ إنَّك لو لم تفعل لمسَّك العذاب يوم القيامة. وحدث أن سمع النَّبيّ صوت طائرٍ يتألَّم، فسأل: من فجع هذا الطائر؟ وعرف أنَّ أحدهم أخذ فراخه، فأمره أن يعيد الأفراخ إلى وكرها. هذه هي رحمة الله تعالى للعالمين، ولن تفهموا معنى أحاديثه إلَّا إذا نظرتم إليها على ضوء أنَّه رحمة الله للعالمين. من أجل تربية المسلمين يذكر النَّبيّ كلمتي الإسلام والمسلم بطريقةٍ حكيمةٍ. وعندما نلقي نظرة واسعة على موضوع الغيبة يتبيَّن لنا أنَّها في هذا العصر أعمّ.

وأسوأ فعلا، وأنها جريمة شنعاء. يمكن أن تتحول إلى الكبائر. لذلك ينبغي على الإنسان أن يستعين بالحب نحو أخيه المسلم بناء على حبه لله ورسوله، ويوسع دائرة حبه للمسلمين الآخرين. إنكم أيضا تدّعون حبَّ النبي وهم أيضا يدعون حبه.. وإذا كنتم تنتمون للنبي فإنه كان بالمؤمنين رؤوفا رحيما. لقد خلع الله تعالى صفته الربانية على نبيِّه لأنه كان شديد الرفق والرحمة والرأفة تجاه المؤمنين، وكانت رحمته لا تنقطع، وإنما تنبثق منه مرة بعد مرة. وإذا كنتم تحبون رسول الله فيجب أن تحبوا من يعلن حبه له. وإذا كان هناك الحب فلا يمكن أن يغتاب المحب من يحبه. وإذا حكى عيب أحد فلا بد أن يكون وراء ذلك هدف ونيه صالحة.. كما حدث من النبي عندما تحدث عن رجل فسألته زوجته: هل أنت تغتاب الرجل؟ فقال: لا، كان الرسول ينظر إلى أعماق قلبه الطاهر، ويعرف أنه لا عِوج في نيته.. وما كان يمكن أبدا أن يريد التفاخر والتباغض تجاه أحد من الناس. أحيانا يذكر الإنسان عيوب الآخرين ولكن بنية صالحة يجب أن تحبوا كل ما كان يحبه النبي ، وتحبوه كما كان يحبه. ومن هذه الزاوية يجب أن يراكم كل المسلمين متحلين بصفة “رؤوف رحيم”، وتعاملوهم بصفة “رؤوف رحيم”.. لأنكم تدعون بالعشق والمحبة للنبي الرؤوف الرحيم، وإذا فعلتم ذلك فسوف توسعون دائرة خيركم، وتحت هذا الظل لا يمكن أن تنبت شجرة الغيبة أو تنمو. إن هذه الشجيرة الخبيثة لا تعيش تحت ظل الرحمة والرأفة. ويجب أن تمتد دائرة الرحمة والرأفة إلى الإنسانية جمعاء. وتذَّكروا أن النبي رحمة للعالمين، وعندئذ تجدون أنفسكم مضطرين إلى الرحمة بالإنسانية عامة.. لأن الحب الحقيقي تجاه الإنسانية يتولد بعد نضال وجهاد كبير. قد لا ترون علاقة بين الجهاد والمحبة، ولكني أخبركم بحقيقة أن النبي كان يحب الإنسانية جمعاء.. وهذا نابع من حبه لله تعالى رب العالمين. ولم يكن الرسول بحاجة إلى جهاد وكفاح لإنشاء هذا الحب نحو الإنسانية جمعاء. فليس بهيّن أن يحب المرء ربه ونبيه إلى درجة أن يحب الإنسانية كلها. لا بد لذلك من أن يراقب الإنسان دوافع حبه حتى يتولد فيه مزاج رفيع، وبدون هذا المزاج السامي لا يحب الإنسان ربه ويحب نبيه. لو كان المزاج معوجا لاختار محبة المعوجين.. وهذا أمر طبيعي، وإذا تغاضى الإنسان عن ذلك فلن يجد حلا لمسائله. يفكر في أن يجتهد ليحب الله تعالى، ويدعو لذلك.. ولكنه لا يجد متعة في الصلوات والعبادات ولا يستجاب له دعاء.. ويحزن. ولكن هناك أسبابا لذلك، منها أن ذوقه ومزاجه فاسدان. ربما يحب الأشياء المادية ولا يجد في نفسه ذوقا وشوقا للعبادة خالصة لله تعالى. فما لم يتولد هذا الذوق يبقى ادعاء الحب فارغا. ولن يتولد الحب في قلبه. وبدون الوصول إلى هذا المقام فهيهات أن يحبَّ الإنسانية، يجب أن تصلحوا مزاجكم، ويجب أن تحبوا الله تعالى وتنظروا إلى الإنسانية كما ينظر إليها ربكم المحبوب. وما لم تفعلوا ذلك لن تستطيعوا حب الإنسانية، وإذا ما تحقق لكم ذلك فلابد أن تكرهوا الغيبة، وهكذا يمكن لكم أن تقيسوا أحوالكم. يجب أن نعرف أسباب الفساد ونكتشف العيب. عليكم أن تصلحوا مزاجكم حتى تحبوا الله ورسوله حبا صحيحا، إذا صحت أذواقكم فعندئذ تبتعدون عن الذنوب وتحبون الحسنات. وفيما يتعلق بالغيبة.. ينبغي أن تنظروا إلى أنفسكم: هل تتلذذون بالغيبة أم تنفرون منها؟ إذا كنتم تكرهونها وتزداد كراهيتكم لها فأنت تصحُّون. ولكن إذا قلتم لن نقع في الغيبة. ثم إذا بدت لكم فرصة وقعتم فيها.. فذلك يعني أنكم لا تصحون ولا تعالجون. إن هذه الميول والاتجاهات الطبيعية لا تتوقف فجأة.. بل بنبغي لكبحها من أن يكافح الإنسان مكافحة مستمرة. وكونوا على ثقة من أنه لو تطهرت جماعتنا تماما من الغيبة فسيكون نظامنا مأمونا، وعلاقتنا مصونة، وينصلح كل خلل فينا، وتستقر الزيجات الفاشلة. ولو نظرتم إلى البيوت لوجدتم هذه المفاسد. ليس بوسعي أن أذهب إلى كل بيت، ولكني أعرف ما يحدث فيها، وكيف أن أهل الزوج يلومون الزوجة ويسخرون منها. ويقولون عنها: فعلت كذا في مناسبة كذا. ولسوف نجعلها تعرف من نحن ونريها كيف سننتقم منها. كل هذه الأمور فساد وظلم وغيبة. إذا أخطأت زوجة ابنكم. وكنتم تحبوها حبا نابعا من حبكم للرسول فيجب أن تكونوا مرآة لها. وأن تصححوا خطأها على انفراد بدون فضحها، ويجب ألا تجرحوها وتشعروها بالألم.. فالإصلاح والاستهزاء لا يجتمعان. لا ينصلح أحد بالاستهزاء، ولكن ذلك يكشف أنكم كنتم تتربصون بها وتلتمسون لها الأخطاء حتى تثيروا زوجها ضدها ويغضب عليها ويضربها. أنتم تبدأون رحلتكم بالكراهية بصورة خطيرة.. ومع ذلك تحسبون أنكم فزتم في هذا السفر وانتصرتم على امرأة مسكينة وسلبتم منها زوجها؟ كلا، إن كل هذا إثم كريه، إذا كنتم تحبون الرسول فلابد أن تسمعوا صوته وهو يقول : “المسلم مرآة المسلم” وقد ذكرت لكم أن المرآة لا تصرخ عندما ترى عيب أحد. بل إنها تخبره بعينه في هدوء وصمت. ولا يغضب الإنسان على المرآة. إن هذا الحديث النبوي ينطوي على حكمة عظيمة، وقد شرحته من قبل في خطبة سابقة، وأشير إليه هنا. إذا كنتم حقا من عشاق رسول الله فاستمعوا لهذا الصوت.. وكونوا مرآة لهذه التي أخطأت وانصحوها على انفراد، وأبلغوها أسفكم لهذا الخطأ وأنها أيضا آسفة. إذا نصح الإنسان أحدا بحب صادق فإنه ينصلح وينصلح المجتمع أيضا. وليس بالضرورة أن يكون التيار دائما ضد زوجة الابن، فأحيانا يكون مصدر هذا التيار من عندها ضد أهل الزوج. فهي التي تفعل هذه الأمور وتستهزئ بأهله وتحاول أن تقطع زوجها منهم.. من أبويه وإخوانه وأخواته ليكون بكليته لها ولأهلها. عندما ذكر القرآن موضوع الزواج بيّن أن والدي الزوج صارا كذلك للزوجة، وأن والدي الزوجة صارا والدين للزوج أيضا. وبناء على هذا التعليم يجب أن نحاول إصلاح المجتمع. وفي هذه العلاقات تلعب الغيبة دورا سيئا هداما، سواء كانت من قِبل أهل الزوج أو من ناحية أهل الزوجة. وبدلا من أن يتبادلا الشكوى عليهم أن يجتنبوا هذا الطريق لأنه يفسد ولا يصلح، ويدمر المجتمع. وإذا نظرنا إلى موضوع الغيبة على ضوء علاقتنا بالله ورسوله سهل علينا الأمر. أحيانا لا يكون كلا الجانبين متدنيا من الناحية الدينية.. فقد يصاب عضو من الجسد بآفة ولا يعنى هذا أن الجسد كله قد صار فاسدا، ومثل هؤلاء الناس فيهم كثير من الخير، ويسألون غيرهم الدعاء. وتذكر بعض الزوجات ما تشتكي من عيب في زوجها.. ولكنها تقر بأنه يحافظ على الصلوات ويحترم نظام الجماعة، وتقول لو نصحته لانصلح. وهذا يعني أن المرض لم يتسلط على الجسم كله.. وإنما هو في أحد أعضائه فقط، ويمكن علاجه.. لأن هذا السرطان لم يتسرب إلى سائر البدن.

ينبغي إذا أن نُسرع في علاج هذا العضو. لو فكرتم في أخطائكم وسألتم أنفسكم: هل يحب الرسول هذه الأخطاء؟ هل يرضى الله تعالى عن هذه الأمور؟ فإذا كان الله ورسوله لا يحبان هذه العيوب.. فما معنى دعائكم إلى الله؟ أعمالكم لا تلقى حُبا من الله ورسوله.. فكيف تدعونه ليمنحكم حبه وحب رسوله؟ كيف تقولون: “اللهم ارزقنا حبك، وحب من يحبك، والعمل الذي يبلغنا حبك. اللهم اجعل حبك أحب إلي من أهلي ونفسي ومن الماء البارد”.. ثم يرتكبون مع هذا الدعاء تلك الأخطاء التي تُسخط الله ورسوله؟ لقد قال النبي أن الله يقطع صلته مع قاطع الأرحام، ولا بد أن يدَّب الفساد في مثل هذه البيوت، وبالتالي يفسد هذا المجتمع، وتكون الثمرة أولادا فاسدين.. ويتضرر بناتهن في بيوت أزواجهن، وينتشر هذا السيل من الفساد إلى الشارع وإلى المجتمع فيغرق. نحن مسئولون عن إصلاح المجتمع، ولا بد لنا من فهم هذه الأمراض وتعرّف كنهها، ونقوم بالتشخيص الصحيح لها.. وبدون هذا لا نستطيع علاج هؤلاء المرضى. لذلك لا يكفي النهي عن الغيبة بمجرد الكلام، بل عليكم أن تشرحوا هذه الأمور كي تصل إلى القلوب، ويكون لها وقع يفتح هذه القلوب ويَلِجُها. ذكر لنا النبي أن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، وأن لكل امرئ شيطانا. فلما سُئل: وأنت يا رسول الله قال: نعم، ولكن شيطاني أسلم. هناك في فطرة الإنسان مجال للشيطان لا يمكن أن نستأصله، ولكن يمكن أن نصلحه ونغير مزاجه. ولو تغلبنا على مزاج السيئات ولم يرتفع هذا الصوت. بقي ساريا في الدم دون أن يظهر له أثر سيّء.. وتُدفن الغيبة كما تدفن الموتى في القبور فلا تخرج وتؤذيكم. انظروا في حياتكم اليومية وابحثوا.. هل تتلذذون من أحاديث الغيبة عندما تسمعونها؟ ولما تلذذتم؟ إذا حدث ذلك فاعلموا أنكم ما زلتم تأكلون لحم أخيكم الميت. جاهدوا وحاربوا ضد الغيبة. فإن استأصلتموها من بينكم في الجماعة فقد كسبتم وفزتم بالكثير. كنت في جولة أمريكا.. في هذا البلد المتقدم من العالم، فوجدت أن الغيبة تكثر في بعض الجماعات، وتعجبت..ماذا جرى لهؤلاء؟ وجدت النسوة والرجال كلهم يقعون في الغيبة.. كأنهم لا يجدون متعة في اللحم الحلال، إنما يجدونها في اللحم الميت الحرام. يقال إن الأسد الذي يفترس إنسانا ويلعق دمه يعتاد ذلك ويصبح آكلا للحوم البشر، وبالمثل فإن الذين يجدون متعة في أكل هذا اللحم الميت.. فإنهم يعتادونه ومن الصعب انتزاع هذه المتعة من أفواههم. لا أٌقول ذلك تشهيرا بأمريكا.. لأنني أعرف أن كثيرا من  الإخوة في باكستان أيضا يقعون في هذه الخطيئة، وفي إنجلترا وألمانيا أيضا. ولكني أذكر أمريكا لأنني رجعت من هناك قريبا، وأذكّرهم ليقوموا بواجب الجهاد ضد الغيبة على نطاق واسع.

عندما لا يؤدي الإنسان أمانة المجالس يصبح ذلك أيضا غيبة. يتكلم الناس أحيانا في المجلس ويذكرون عيوب بعض الأشخاص. ولكنهم لا يذكرون عيوبا مستورة.. وإنما يتحدثون عن عيوب مكشوفة معروفة. فلو أخذ أحد هذا الحديث ليشيعه في الآخرين يكون قد ارتكب مخالفة كبيرة للأمانة.. لأن الرسول قال: “المجالس أمانة”.. فلا يجوز لأحد أن يذكر ما جرى في المجلس إلا بإذن وضرورة. وهذا أمر هام أريد أن أوضحه لكم عندما يكون هناك موضوع ينفع الناس.. وجاء ذكره في المجلس فلكم الحق في أن تذكروه خارجه. وقد قال عن ذلك النبي “فليبلغ الشاهد الغائب”.. لأن هذه مسائل حسنة تنفع الآخرين. ولكن إذا ذُكرت عيوب شخص معين في المجلس فيجب ألا يخرج هذا القول إلى خارج المجلس. وإذا أراد الإنسان أن يذكره فلا يفعل إلا بعد استئذان صاحب المجلس. ولو عملنا بهذا المبدأ لسددنا كل السبل إلى الغيبة. ولكن كثيرا من الناس لا يحتاطون من ذلك حتى إنهم يتحدثون معي عن شيء ثم يذكرونه في الخارج. إنني أنصحهم كثيرا عندما يثيرون هذه المشاكل العائلية معي.. وأقول لهم لا تذكروا هذه الأشياء أمامي ولكن اذكروها لنظام القضاء في الجماعة.. ولكنهم لا ينتهون ويريدون أن يفرغوا غيظهم أمامي. وأقول لأحدهم: لو كانت الصورة التي تذكرها صحيحة فأنت مخطئ جدا حيث اتصلت بمثل هذه العائلة، ولماذا أعطيتهم ابنتك؟ أو لماذا زوجتهم ابنك؟ فيأخذ قولي هذا ويذهب إلى الناس مستشهدا بي ويقول: لقد قال الخليفة عنهم كذا وكذا. ولا أملك إزاء مثل هذا التصرف إلا قول “إنا لله وإنا إليه راجعون”. إنهم أولا يسمعونني ما لا أريد سماعه، وثانيا عندما أحاورهم بسؤال يسكتهم فإنهم يخونون أمانة المجلس ويستعملون كلامي في غير المقصود منه، ويشهِّرون بالآخرين. متغافلين عن عواقب ذلك الوخيمة. وأحيانا يأخذون كلامي هذا إلى دار القضاء مستشهدين به، حتى لقد جاءني خطاب من ناظم القضاء أن فلانا حكى عنكم شيئا. فقلت إنه مخطئ في حكايته، وإنني لا أتدخل في القضاء، إذ أنني القاضي الأخير بعد قضاة دار القضاء.. فكيف أتدخل وأقضي بشيء في البداية. كان عليك أن ترفض قضيته. ويجب أن تبلغ سائر القضاة ألا يقبلوا بشيء قيل عني بصدد القضايا المعروضة أمامكم. ويجب ألا يؤخذ أي قول منسوب لي كدليل لأحد. فانظروا كيف يخون هؤلاء الأمانة، وكيف يفسدون الأمور! إنني أتوقع من الجماعة أن تنظروا إلى هذه الأمور نظرة عميقة. وتحافظوا على سلوككم.. لأننا صرنا شهداء على العالم. واجبنا المحافظة على سيرة الناس وإصلاحها، وفقنا الله تعالى لذلك! آمين!

بقية ص 27

7- أئينه كمالات إسلام

8- تشاشما مسيحي

9- سناتن دهرم

10، 12، 14 – براهين الأحمدية

11- تصديق النبي

13- فلسفة تعاليم الإسلام

15، 17، 19 – القاديانية – دراسة تحليلية، أبو الحسن الندوي.

16- القاديانية مؤامرة على الإسلام، ج4 ، حسن رواط.

18- الحقيقة عن القاديانية، صهيب حسن

21- سورة الحج: 31

22- سورة الحجر: 10

23- الحكم ” 6 مايو 1908 ”

24- إزالة أوهام ص70

25، 26- أيام الصلح

28- سورة النحل: 126

30- سورة الحجر: 19

32، 36- ترجمة القرآن الكريم، عبد الله يوسف علي ص1602

34- سورة الحاقة 45-48

37- الجهاد في الإسلام- المودودي

38- سورة البقرة: 257

39- سورة النحل: 126

40- كتاب البرية

41- تذكرة الشهادتين

42- سورة الحجر: 19

Share via
تابعونا على الفايس بوك