ملخص خطبة الجمعة
التاريخ: 1988-03-11

ملخص خطبة الجمعة

حضرة مرزا طاهر أحمد (رحمه الله)

حضرة مرزا طاهر أحمد (رحمه الله)

الخليفة الرابع للمسيح الموعود (عليه السلام)

نُقدّم فيمايلي ملخصًا لخطبة الجمعة التي ألقاها سيدنا الخليفة الرابع للمسيح الموعود ، أمير المؤمنين حضرة مرزا طاهر أحمد أيّده الله بنصره العزيز.

(الجمعة 11/3/1988)

بعد التشهُّد وتلاوة الفاتحة قال حضرته:

لقد بقي أمامنا عامٌ واحد قبل حلول موعد احتفال الشكر بمرور قرنٍ واحدٍ على تأسيس الجماعة الإسلامية الأحمدية. وعلينا قبل هذا الموعد (23/3/1989) أن نُنجز الكثير من الأعمال، وعلى الرغم من قيام المسئولين في جميع مراكز الجماعة ببذل جهدهم لتحقيق هذا الغرض، إلا أنني أرى خللاً كبيرًا فيما يتعلق بإخبار أعضاء الجماعة عن تفصيل هذه الأعمال، إذ لم يتم إشراك الإخوة فيها كما ينبغي.

وحيث لم يبقَ أمامنا مزيد من الوقت والتفكير ودراسة الأحوال، فليس علينا إلا أن نتوكل على الله ونبدأ في تنفيذ ما خطّطنا له. وأول ما يجب القيام به هو تعيين أماكن لإقامة المعارض الدائمة التي يتم فيها عرض تاريخ الجماعة الإسلامية الأحمدية وإنجازاتها ثم علينا العمل من أجل إنشاء شبكة اتصال بين البلدان بواسطة أحدث المعدات لتزويد الإخوة بالأخبار المتجدِّدة وبصفة دائمة في تلك الأيام. ثم لا بد لنا من الاتصال برجال الصحافة ووسائل الإعلام وأهم الشخصيات وذلك لإشراكهم في مختلف برامج الاحتفال. وكل هذه الأمور لا تزال غير مكتملة وغير منسقة.

أما عن برنامج ترجمة القرآن الكريم إلى أكثر من مائة لغة في أكثر من مائة بلد، فقد تم بعون الله تحضير معظم التراجم، وقد تم فعلاً طباعة بعضها وبعضها الآخر في طريق الطباعة. فهنالك تراجم لآيات قرآنية بأكثر من مائة وأربع عشر لغة. وسيتم إرسال هذه التراجم إلى جميع المعارض في مختلف البلاد، ولن نُرسل نسخة واحدة فقط من كل ترجمة، بل أعداد كثيرة من كل لغة وحسب احتياجات دور العرض، فبإمكانكم أن تُقدّروا حجم وثقل العمل على تلك الجماعات التي لا تكون مستعدة لاستلام هذه الكتب دفعة واحدة. وحسب تقديرنا سوف نُرسل ألفي نسخة من كل ترجمة إلى كل معرض. هذا فقط لدور العرض، أما التوزيع المجاني وغير المجاني من قبل مراكز الجماعة فهو أمرٌ آخر، فهنالك مشروعٌ للتوزيع المجاني لتراجم آيات قرآنية وأحاديث نبوية مختارة ومقتطفات من كلام المسيح الموعود . وهذا بحدِّ ذاته مشروع ضخم جدًا. وأول ما نفكّر به هنا، هو أين سنحتفظ بهذا الكم الهائل من الكتب، وأين تلك الأيدي التي سوف تقوم بتوزيعها، وكيف سيُدير المسؤولون كل هذه الأمور إذا لم يستعدوا لها، ثم كيف سيجمعون العناوين وكيف سيوصلون الكتب إلى أصحابها. وكل هذه الأمور تحتاج إلى تفكيرٍ عميق وجادٍ ومجهود متواصل قد يمتد إلى شهور، لذلك فالسكوت على كل هذا يُقلقني جدًا، فإنني لا أرى تلك الصحوة والنهضة التي يجب أن تكون في مثل هذه الظروف. وإنني أهيب بجميع المسؤولين في الجماعة بأن يُولوا هذا الأمر جلَّ اهتمامهم، فهنالك عددٌ ضخم من الأحمديين المتحمّسين، رجالاً ونساءً، بانتظار إشراكهم في هذه الأعمال إشراكًا عمليًا. واعلموا أنّه باستطاعتكم تحقيق إنجازات كبيرة بمنتهى السهولة إذا ما رتبتم الأمور بالتنسيق وتوزيع أدوار العمل.

لقد فوَّض إليَّ خليفة المسيح الراحل رحمه مرةً توصيل رسالةٍ هامة إلى جميع طبقات المجتمع في الباكستان، فقمت بتشكيل المجموعات وتوزيع العمل، فشكّلتُ مائة مجموعة، وتحت كل مجموعة مائة مكان وفي كل مكان مائة شخص وعلى كل واحدٍ منهم تبليغ الرسالة إلى عشرة أشخاص. وبهذا الطريق تمكنا من إيصال الرسالة الهامة في وقت قياسي وبدون إنفاق مليم واحد. وذلك أنَّ كل شخص منهم عرف أنّه مكلَّف بتبليغ الرسالة إلى عشرة أشخاص وأنَّ ثمن خطاب أو طرد واحد يكلّف عشرة قروش، استحى ذلك الأخ من مطالبة تلك القروش من الجماعة. وهكذا تمكّنا من إنجاز ذلك العمل بدون أن نُنفق شيئًا من صندوق الجماعة. مع أننا لو لم نوزع العمل في تلك الصورة لكلّفنا ذلك مبالغ طائلة.

لقد حقّقت الجماعة مثل هذه المعجزات بشكل حيّر الحكومات، حيث لم تكن تتصوّر أنَّ جماعتنا ستقوم بهذا العمل بهذا الشكل المدهش. وقد جرّبنا ذلك مرارًا وتكرارًا، وما زالت هذه الجماعة التي أقامها المسيح الموعود تتمتع بنفس الروح والحماس، وما نحتاجه فقط هو إثارة واستغلال هذا الحماس بالحكمة والموعظة الحسنة، وتنسيق العمل وتوزيعه.

كما أرغب هنا لفت أنظاركم إلى ضرورة الوفاء بالوعود المالية، وخاصةً تلك الوعود المتعلقة باليوبيل المئوي، فعلى جميع الإخوان دفع ما وعدوا به حتى نهاية هذا العام، ويجدر بجميع سكرتيري اليوبيل المئوي تذكير جميع الأفراد بوعودهم والاهتمام بجمع الأموال في الوقت المناسب لاستخدامها في هذا المشروع الكبير. ومن الجدير بالذكر أنَّ جماعة كراتشي، بفضل الله تعالى، قد أوفت بمعظم وعودها لليوبيل المئوي، فقد قام سكرتير اليوبيل المئوي هنالك وبكل اجتهاد بحثِّ وتذكير الإخوان مرةً بعد أخرى لدفع ما تبقى من وعودهم، وكان يكتب إليّ ويلحُّ في طلب الدعاء مرةً بعد أخرى. وقد رزقه الله ثمار جهوده، وفي هذا مثال لبقية سكرتيري الجماعة على ما ينتج الجد والإخلاص في العمل.

وجماعة كندا كذلك جماعةٌ مثالية، فقد اختار المسؤولون هنالك طريقًا جيدًا وجديدًا لتذكير الإخوة، حيث استخدموا تسجيلات خطاباتي التي دعوت فيها الإخوة إلى وفاء الوعود، فكان التأثير مؤثرًا جدًا لدرجة أن طالبًا كان وعد بخمس مائة دولار في صغره، ولكنه ما زال إلى الآن طالبًا، وقد أقرضته الحكومة مالاً لتكميل دراسته، فلما سمع ندائي قام فورًا وأوفى وعده من المبلغ الذي استلمه من الحكومة، قائلاً لقد هيّأ لي الفرصة فعليَّ أن انتهزها، واللهُ الذي أُنفق في سبيله سيتولاني وإنني على يقين أنَّ الله سوف يكفله، بل يعطيه أكثر مما أنفق، فإنَّ الله لا يضيع أجر المحسنين.

لقد لاحظت أنَّ التقصير في هذه الأمور هو من المسؤولين الذين لا يهتمون بتذكير الإخوة كما حقه مرةً بعد مرة وينسون قوله تعالى

ذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ،

وينسون أنَّ كبار الصحابة أيضًا كانوا بحاجة إلى التذكير، وكان رسول الله يُذكِّرهم مرارًا حسب حكمه تعالى في هذه الآية.

وقد لاحظت أنَّ كثيرًا من الجماعات لم تُعيّن إلى الآن سكرتيرًا لليوبيل المئوي، وإن كان عُيِّن فإنّه لا يعلم ماذا عليه أن يفعل، فيجب على المسؤولين والأمراء إعانة الإخوة وتدريبهم لهذا الغرض. ثم على المسؤولين إشراك الإخوة في كل نداء للتبرعات، بصرف النظر عن حجم المبلغ الذي يتبرعون به، فعليكم الاهتمام بكثرة المتبرعين وليس بالمبلغ الذي يتبرَّعون به. فاقبلوا منهم مهما تبرَّعوا به ولو كان مليمًا واحدًا.

وقد لاحظت أنَّ بعض المسؤولين لا يهتمون بأخذ التبرُّع من الإخوة الذين لا يستطيعون تقديم مبلغ ضخم، ويحرمونهم من بركة التضحية المالية، مع أنَّ فلسفة التضحيات المالية هي تقرُّب العبد بخالقه، وإلا فإنَّ الله غنيٌّ عن العباد. يقول تعالى أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وعلينا أن نتدبَّر هذه الآية، كيف يكون فقيرًا من يُنفق ماله في سبيل الله، والجواب أنَّ العبد هو المحتاج لربه. وكما نلاحظ في الحياة المادية أنَّ الحب ينمو بالتضحية وإنفاق المال في سبيل من تحب، وإنَّ المحب هو الفقير، لأنّه بانتظار قبول محبوبه هديته، فإن ردَّ المحبوب هدية المحب ولم يقبلها حزن ذلك وقلق. فيعلِّمنا الله من خلال هذه الآية فلسفة التضحية، فيقول: لن تُدركوا المعنى الحقيقي للتضحية ما لم تُضحّوا في سبيل الله كالفقراء، وليس الله بحاجةٍ إلى أموالكم بل أنتم الذين تحتاجون لأن يتقبَّل الله منكم، وإن لم يقبل راح ما أنفقتموه عبثًا. فهلمُّوا للتضحية في سبيله للفقراء واستفيدوا من هذا الدرس الذي قدَّمه الله لكم في هذه الآية.

عليكم تبليغ ندائي هذا إلى جميع الأحمديين، لدفع ما تبقى عليهم من الوعود المالية لمشروع اليوبيل المئوي، وعليكم الاستعانة بالدعاء بدون انقطاع ومن غير مللٍ أو كلل، فقد رأيت بعض الإخوة لا يُولون الدعاء الاهتمام الكافي ويُقلِّلون من شأنه. فذكِّروا الناس، واستعملوا صوت الخليفة في تذكيرهم، ففي صوته تأثيرٌ ووقعٌ على الناس، وليست التضحيات في سبيل الله كالأموال التي تدفعونها للحكومة، فتلك لا تتعدَّى كونها فرضٌ عليكم، لا علاقة لها في التضحيات في سبيل الله النابعة من الحب الموجود في القلوب. هذا وليس التذكير مجرّد إبلاغ الناس بدفع ما عليهم، بل يجب عليكم نقل صوت الخليفة إليهم لأنَّ صلة الحب والمودة بين أفراد الجماعة والخليفة هي أكبر من الصلة القائمة بين أفراد الجماعة والمسؤولين فيها. فحب الأحمديين للخليفة حبٌّ منقطع النظير لا مثيل له في العالم، لأنَّ نظام الخلافة بحدِّ ذاته منقطع النظير، فلا يوجد زعيمٌ واحد في الدنيا يتمتع بمثل ذلك الحب الذي يتمتع به خليفة المسيح الموعود . حتى أنَّ الغير ينظرون إلى هذه العلاقة بين الخليفة وأتباعه نظرة استغراب.

وختامًا أقول أنَّ للتضحية صلةً وثيقة بالحب الذي لا يمكن أن تستعدَّ لها القلوب إلا إذا سمعت صوت محبوبها، لأنها تعرف أنَّ صاحب هذا النداء يُبادلها الحب.

فعليكم استخدام صوت الخليفة لتحريك أوتار قلوب الإخوة حتى يندفعوا للتضحيات بحبٍّ وحماس.

Share via
تابعونا على الفايس بوك