
- ما معنى الحمد؟
- متى يتحقق الحمد في العبد؟
- وما العلاقة بين صفتي “محمد” و”أحمد”؟
___
وما تعلم ما الحمد والتحميد، ولِم أعلى مقامه الربُّ الوحيد. وكفى لك مِن عظمته أن الله ابتدأ به كتابه الكريم، ليبيّن للناس عظمة الحمد ومقامه العظيم. وإنه لا يفور من قلبٍ إلا بعد المحويّة والذوبان، ولا يتحقق إلا بعد الانسلاخ ودوسِ أهواء النفس الثعبان، ولا يجري على لسان إلا بعد اضطرام نار المحبة في الجنان، بل لا يتحقق إلا بعد زوال أثر الغير من الموهوم والموجود، ولا يتولّد إلا بعد الاحتراق في نار محبّة المعبود. فمن ألقى نفسه في هذه النار، فهو يحمد الله بقلبٍ مُوجَع وسِرِّ محوٍ في الحبيب المختار، وهو الذي يُدعى في السماء باسم أحمد ويقرَّب ويُدخَل في بيت العزّة وقُصارة الدار، وهي دار العظمة والجلال.. يُقال استعارةً إن الله بناها لذاته القهار، ثم يعطيه لحمّادِ وجهه فيكون له كالبيت المستعار، فيُحمَد هذا الرجل في السماء والأرض بأمر الله الغفّار، ويُدعى باسم محمّد في الأفلاك والبلاد والديار، ومعناه أنه حُمّد حمدًا كثيرا واتفق عليه الأخيار من غير الإنكار.
وإن هذين الاسمين قد وُضعا لنبيّنا مِن يوم بناء هذه الدار، ثم يُعطَيان للذي صار له كالأظلال والآثار. ومن أُعطي من هذين الاسمين بقبس فقد أُنير قلبه بأنواع الأنوار. وقد جرى على شفتَي الرسول المختار، أن الله يرزق منهما عبدًا له في آخر الزمان كما جاء في الأخبار، فاقرؤوا ثم فكِّروا يا أولي الأبصار.
فالغرض أن الأحمدية والمحمدية أمرٌ جامع دُعِيَ الموحّدون إليه، ولا يتمّ توحيد نفس إلا بعد أن يرى في وجوده تحقُّقَ جَنْبَيه، ولا تصير نفس مطمئنةً، ولا تتنـزل على قلبٍ سكينة، إلا أن يكون سابحا في هذه اللُّجّة، ولا ينجو أحدٌ من مكائد الأمّارة إلا أن يحصل له حظٌّ من هذه المرتبة. والذين بعدوا منها وما أخذوا منها حصّةً ترهَقهم ذلّةٌ في هذه ويوم القيامة. هم الذين يمشون على الأرض كغُثاءٍ على السيل، كأنّما أُغشيتْ وجوههم قِطعًا من الليل. يتولدون محجوبين، ويعيشون محجوبين، ويموتون محجوبين. (نجم الهدى 6-7)