
- وما سنته عز وجل في احتياجنا إلى إرسال الرسل، إذا كنا نقر بعدم وجود الواسطة بين الله وخلقه؟
- من سنن الله الجارية في الأنبياء والأولياء
___
سُنة اللَّه جارية في أنبيائه عليهم الصلاة والسلام: “لا يمكن أن يكون نبيّ من الأنبياء أو وليّ من الأولياء محبوبا عند الله ما لم يطرأ عليه مرة خوفٌ من الموت، أو حالة تشبه الموت. هذا ما جرت عليه سنة الله منذ القِدم. عندما أُلقي إبراهيمُ في النار؛ لم يكن ذلك المشهد أقلّ رعبا من الصلب. وحين أُمر بذبح ابنه العزيز بيده، هل كان ذلك أقل فزع على إبراهيم وابنه الذي وجِّه إليه السكين من الصليب؟ ثم هل كان المشهد أقل خوفا على يعقوب حين أُخبر أنّ الذئب أكل ابنه العزيز يوسف، وألقي عليه قميص يوسف المُلطّخ بدم كذب، وتُرك يعقوب في حالة فزع مستمر إلى فترة طويلة؟ ثم حين أُلقي يوسف في غيابة الجب مربوط اليدين، هل كان ذلك المشهد أقل تخويفا من تعليق المسيح على الصليب؟ ثم مشهد مصيبة تعرض لها نبيُّ آخِرِ الزمان حين حوصر في غار ثور بقوة سيوف مسلولة، وقيل إنّ في هذا الغار شخصا يدعي النبوة فخذوه واقتلوه. فهل كان ذلك الحادث أقل ترويعا من حيث الرعب والذعر من حادث الصلب؟ ” (ترياق القلوب، ص 383 )
حاجة النّاس إلى الأنبياء: إن كل إنسان بطبيعته يشعر في قلبه بسبب مئات أنواع الغفلة والحُجُب، وصولات النفس والزلات، والضعف والجهل والظلمات، والعثار في كل خطوة والأخطار المتتالية، والوساوس وآفات الدنيا وبلاياها المختلفة الأصناف والألوان، بأنه بحاجة حتما إلى يد قوية تنقذه من جميع هذه المكروهات؛ لأنه ضعيف بطبيعته، فلا يستطيع أن يثق بنفسه لحظة واحدة بأنه قادر بنفسه على الخروج من ظلمات النفس. هذه شهادة ضمير الإنسان، وإضافة إلى ذلك لو تمعّن المرء في الموضوع لوجد أن العقل السليم أيضا يقتضي شفيعا من أجل النجاة لأن الله تعالى في ذروة التطهُّر والتقدس، والإنسان في الدرك الأسفل من الظلمة والمعصية والكدورة، وبسبب فقدان الصلة والتشابه لا تستحق فئة عامة الناس أن تحظى بالنجاة بنيل الفيض من الله مباشرة. لذا فقد اقتضت حكمة الله ورحمته أن يكون بعض الكمَّل الذين لهم أفضلية خاصة من حيث فطرتهم واسطةً بينه وبين البشر. (عصمة الأنبياء)