- هل يجوز للدولة أن تطارد مواطنيها بسبب معتقدهم؟
- جرأة مقدمة البرنامج وضيفيها من الإعلاميين على قول الحق.
- كيف استعبد المشايخ الناس؟
__
تعـوَّد المسـلمــون الأحمديون أن يُفترى عليهم افتراءات هم منها براء، وأن يكونوا بين الحين والآخر حديث الناس أو كبش للفداء، حيث يُتهمون باتهامات تعكس مدي الجهل المتفشي في مجتمعاتنا ومدى الظلم الذي يُمارس في كثير من بلداننا!
فما أظلم أن يُتهموا بأنهم خطر على الأمن في حين لو عُرف مدى انتمائهم إلى أوطانهم وعُرفت حقيقتهم المسالمة لتمنت الحكومات كلها أن يكون كل المواطنين أحمديين. وما أجهل أن يُفترى عليهم بالقول بأنهم فرقة ضالة في حين أن الأحمدية هى منهج الإسلام الأصيل وسنة النبي الكريم الذي أرسله الله رحمة للعالمين.. وأنا هنا لست بصدد الدفاع عن الأحمدية ببيان حقيقتها ومنهجها، ويكفيني في هذا المقام قول مؤسسها: لا كتاب لنا إلا القرآن ولا نبي لنا ولا شفيع إلا خير الأنام محمد عليه أفضل الصلاة والسلام!
ولكني هنا للحديث عن ظلم متفش وعن حق منسي، فظلم الأحمديين في أوطانهم قد أدى إلى جعلهم يدافعون عن أنفسهم ببيان حقيقة معتقدهم وينسون تماما الدفاع عن حقهم في حرية الاعتقاد في بلادهم شأنهم في ذلك شأن بقية المواطنين وذلك بغض النظر عما يعتقدون!
وقبل تفصيل ما أنا بصدد الحديث عنه لابد أن أقول بأنه كما اعتاد المسلمون الأحمديُّون على هذا الظلم والغبن، فقد اعتادوا أيضاً على ألا يجدوا شيئاً من الإنصاف والعدل، فعلى الصعيد الإعلامي قلما نجد منصفاً متحرياً عن الحقيقة ليدين ما يحدث لهم وينكر على الكاذبين كذبهم وينفى عن الأحمديين ما ليس فيهم، بل إن الإعلام في كثير من الأحيان يساهم على نحو كبير في ضياع الحقيقة وتضليل الرأي العام، ويجعل من الأحمديين مادة إعلامية مثيرة للتحريض والانتقام، وذلك عن طريق الطرح الخالي من الإنصاف والموضوعية، وترديد الافتراءات والأكاذيب عن الأحمدية، وعن طريق التهويل بتخوين الأحمديين، حتى غلب الظن أن الإعلام قد خلا من المنصفين!
فكيف للدولة أن تطارد مواطنين وتعتبرهم جناة بسبب معتقدهم في حين يجب عليها حمايتهم والدفاع عن حقهم في الاعتقاد! أين العدل في دولة يتحول فيها المجني عليه إلى جاني ويتحول فيها المحامي إلى جلاد!
ولكن على غير ما تعودنا عليه، وعلى خلفية ملاحقة الأمن الجزائري للأحمديين في الجزائر، شاهدت برنامجاً
عبر الشبكة العالمية عن الأحمدية على قناة «دزاير نيوز» في برنامجها مساء الصحافة تحت عنوان الأحمدية ما بين التهوين والتهويل، حيث ضرب هذا البرنامج مثلاً على ما يجب أن يكون عليه الطرح الموضوعي المحترم النزيه، وعلى ما يجب أن يتحلى به الإنسان من منطلق إنساني بحت، وهو الجرأة في الدفاع عن بشر يُظلمون ويؤذَون بغير حق!
فلقد كان شيئا ملفتاً أن نرى هذه النزاهة والموضوعية لأول مرة في طرح قضية الأحمدية، وقد تمثل هذا الطرح المحترم في جانب مقدمة البرنامج واثنين من ضيوفها، وهم الأستاذ سعيد جاب الخير الإعلامي والباحث في الشئون الصوفية، والأستاذ حسن علي الصحفي في يوميات الوطن.. أما الضيف الثالث وهو عدة فلاحي، فكان على النقيض تماما في طرحه الذي اتسم بالجهل والعدوانية، رغم أنه من المفترض أن يتحلي بالعلم والإنصاف كونه مستشاراً سابقاً لوزير الشئون الدينية!
ولن أعلق هنا على جانب الحوار السلبي الذي اتسم بالتحريض وافتقر إلى الإنصاف الذي مثله عدة فلاحي، فهو لم يأتِ بجديد، فحاله كحال أكثر المشايخ الذين يتعمدون تشويه الأحمدية ويتهمون الجماعة بتلك التهم المعلبة الجاهزة بناء على فتاوى ظالمة ومغرضة، فلم يكن أكثر من مردد لتلك الافتراءات التي كما أشرت بأننا تعودنا عليها.. ولكني هنا بصدد الحديث عما استوقفني من موضوعية وتجرد الجانب الإيجابي والمنصف للحوار، وهم مقدمة البرنامج وضيفاها من الإعلاميين، وجرأتهم في قول كلمة حق لا يتجرأ على قولها الكثيرون ممن يدعون الإنصاف والعلم بالدين، ربما لأن خوف هؤلاء المدعين على مكانتهم أكبر من جرأتهم على قول كلمة الحق ولا سيما في الوقت الذي يهرع فيه الناس إلى علمائهم!
وختاماً فإني أقول لكل إعلامي ومسئول ولكل إنسان حر منصف شريف، أكثر الله من أمثالكم في أمتنا عسى الله أن يقيمها بالعدل ويجعل لها بين الأمم مقاما.. أما االمشايخ وأمثالهم من الذين ينصبون أنفسهم آلهة وسلاطين على الآخرين فإني أقول لهم (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا)!
فلقد بدا من هذا الجانب الإيجابي علماً وإنصافاً جديران بالتقدير والاحترام، حيث أثار ضيوف البرنامج الكرام نقطة مثيرة للانتباه والاهتمام، وهي أن الدولة من المفترض أن تقوم بحماية كل مواطن بغض النظر عن أي انتماء، بل والدفاع عنه في ممارسة حقه في اعتناق أي فكر شاء، وذلك بموجب الحق الذي كفله الدستور، فكيف إذن تلاحق مواطنين بسبب انتمائهم الفكري! بل وكيف تختص طائفة مسالمة وتلاحق أتباعها بهذه التهمة الظالمة، في حين لا يتم ملاحقة طوائف أخرى تتبنى العنف في أفكارها وربما يكونون بالفعل خطر على الأمن.. فكان مما يُنسى حقاً وهو الجدير بالاهتمام والذكر هو ذلك الحق الذي نسِيَهُ الأحمديون أنفسهم في خضم الظلم الواقع عليهم، إذا يحرصون على الدفاع عن إيمانهم وبيان حقيقته التي لا تستدعي اتهامهم، رغم أن الدفاع عن حقهم في حرية الاعتقاد بما يشاؤون بموجب الدستور كفيل وحده لإسقاط الحاجة إلى أي دفاع آخر!
فكيف للدولة أن تطارد مواطنين وتعتبرهم جناة بسبب معتقدهم في حين يجب عليها حمايتهم والدفاع عن حقهم في الاعتقاد! أين العدل في دولة يتحول فيها المجني عليه إلى جاني ويتحول فيها المحامي إلى جلاد!
الحق إن ما يقترف فى حق الأحمديين من اضطهاد وافتراء، لهو ظلم وجرم عظيم سيُسأل أمام الله كل من يشارك فيه ومن يسكت عنه ولم ينكره.. هذا ولن يحل السلام على عالمنا إلا إذا توقف الحقد على الآخرين بسبب معتقداتهم، وينعم كل المواطنين بحرية الفكر في أوطانهم.. فمتى تُغلق محاكم التفتيش ويسأم الحاقدون من أحقادهم! متى سينعم الجميع بالأمن وحرية الفكر والمعتقد في بلدانهم!
أما آن لأوطاننا الحزينة أن تنعم بالعدل والسلام والحب! ألم تسأم الأمة هذه العقود الطويلة من الظلم والكراهية والحرب! أما آن للأحقاد أن ترحل!
وختاماً فإني أقول لكل إعلامي ومسئول ولكل إنسان حر منصف شريف، أكثر الله من أمثالكم في أمتنا عسى الله أن يقيمها بالعدل ويجعل لها بين الأمم مقاما..
أما المشايخ وأمثالهم من الذين ينصبون أنفسهم آلهة وسلاطين على الآخرين فإني أقول لهم:
«متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا»!