علاقة التكامل بين الروح والجسد
  • فما أصل العلاقة بين الروح والجسد من خلال أقوال سيدنا المسيح الموعود ع في كتابه “فلسفة تعاليم الإسلام”؟
  • وكيف نلاحظ تلك العلاقة التكاملية في حياتنا اليومية؟

 ____

… إننا لا نستطيع أن نتصور مطلقا كيف تبقى الروح على حالتها الكاملة إذا حُرمت تماما من علاقتها بجسد ما.. مع أنها -على ما نعلم عنها- تضطرب عند كل خلل ولو بسيط يطرأ على الجسد. أفلا توضّح لنا التجارب اليومية أن أن صحة الجسم ضرورية لصحة الروح؟ عندما يصبح الإنسان شيخا فانيا.. تشيخ روحه أيضا وتهرم.. ويختلس سارقُ الشيخوخة منه بضاعةَ علمه.. كما يقول الله تعالى: لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا (الحج: 6).. أي عندما يصير الإنسان شيخا هرِمًا يبدو – رغم دراسته وقراءته – كأنه صار جاهلا.

لذلك فمشاهدتنا تشكل دليلا قاطعا على أن الروح لا شيء بدون الجسم. ثم إنَّه لمن الأمور التي تهدي الإنسان إلى الحقيقة أنه إذا كانت الروح تستطيع القيام بذاتها بشكل مستقل عن الجسد فلماذا ربطها الله تعالى بالجسد الفاني عبثا دونما سبب؟

وجدير بالاعتبار أن الله خلق البشر لرقي غير محدود، فما دام الإنسان لا يستطيع أن يحرز رقيًّا في هذه الحياة القصيرة بغير معونة الجسم.. فكيف يُتصور أنه سيتمكن من إحراز تلك الترقيات التي لا نهاية لها بغير مرافقة الجسم؟

إذن فإن هذه الأدلة كلها تبين – وفقًا للتعليم الإسلامي – أنه لا بد للروح من مصاحبة جسم على الدوام لأداء واجباتها حق الأداء. صحيح أن هذا الجسم الفاني يفارق الروح عند الموت.. ولكنها في عالم البرزخ تُعَوضُ عنه بجسم آخر.. لتذوق به جزاءَ أعمالها إلى حد ما. ولا يكون ذلك الجسم من نوع هذه الأجسام.. وإنما يتكون من ظلمةٍ أو من نورٍ، بحسب نوعية أعمال الإنسان في هذه الدنيا، وكأن أعمال الإنسان هي التي تقوم مقام الأجسام في ذلك العالم. هكذا جاء في كلام الله مرارا وتكرارا حيث اعتبر بعض هذه الأجسام نورانية وبعضها ظلامية، تكتسب نورها أو ظلمتها من الأعمال.

إن هذا السر، وإنْ كان في غاية العمق، إلا أنه ليس مما يرفضه العقل. فيمكن للإنسان الكامل أن ينال في نفس هذه الحياة كيانا نورانيًا غيرَ هذا الكيان الجسماني. وفي عالم الكشوف أمثلة كثيرة من هذا القبيل. إنه من الصعب إيضاح هذا الأمر لذي عقل محدود؛ ولكن الذي نال نصيبا من عالم الكشف لن ينظر إلى حقيقةِ تكوُّنِ جسمٍ من الأعمال نظرةَ استبعادٍ وعجبٍ، بل سوف يجد فيه متعة ولذة.  (كتاب فلسفة تعاليم الإسلام ص 134 و135)

تابعونا على الفايس بوك
Share via
Share via