رسائل أمير المؤمنين حضرة مرزا مسرور أحمد أيده الله بنصره العزيز لقادة العالم خلال جائحة الكورونا COVID-19

رسائل أمير المؤمنين حضرة مرزا مسرور أحمد أيده الله بنصره العزيز لقادة العالم خلال جائحة الكورونا COVID-19

قبل فترة وجيزة، صدر بيان صحفي رسمي حول نشر الرسائل التاريخية التي حث فيها حضرة أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) قادة العالم على اعتبار الآثار المدمرة لجائحة كوفيد 19 بمنزلة تحذير إلهي للبشرية، ولفت انتباههم نحو ضرورة الإقرار بالخالق ونبههم إلى العمل على منع اندلاع حرب عالمية.

بعث حضرته بـ 17 رسالة منها 14 رسالة إلى رؤساء وقادة الدول التالية: أستراليا، كندا، الصين، فرنسا، ألمانيا، غانا، الهند، إسرائيل، اليابان، نيجيريا، روسيا، سيراليون، المملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية. وبالإضافة إلى هذه الرسائل الأربع عشرة التي تم إرسالها جميعها في شهر يونيو/حزيران 2020، أرسل حضرة الخليفة أيضًا الرسائل إلى قداسة البابا فرانسيس وإلى الأمين العام للأمم المتحدة، كما أرسل ذات الرسالة التي بعث بها إلى رئيس وزراء إسرائيل إلى رئيس وزراء إسرائيل بالنيابة، حيث من المقرر أن يتولى منصب رئيس الوزراء في المستقبل.

ونظرًا لأنه تم إرسال نفس الرسالة إلى بعض القادة، فقد قمنا بتجميعها ضمن مجموعة واحدة. وضمن هذه المجموعات، قمنا بنشر الرسالة المستقلة الكاملة إلى رئيس فرنسا وإلى جانب ذلك ذكرنا أسماء قادة الدول الأخرى الذين تم إرسال نفس نص الرسالة بالضبط لهم وكذلك التواريخ التي تم فيها إرسال هذه الرسائل. وقد استخدمنا الرسالة الموجهة إلى الرئيس الفرنسي كنموذج لأن فرنسا قد جذبت اهتمام وسائل الإعلام العالمية في الآونة الأخيرة.

وأضاف حضرته الكلمات التالية في رسالته إلى الرئيس دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية:

“من الضروري أن يكون زعيم الأمة قدوة لبقية المجتمع. ومن أجل السلام والوئام في أي أمة، من الضروري أن تعامل الحكومة والسلطات المحلية ووكالات إنفاذ القانون جميع مواطنيها على قدم المساواة، بغض النظر عن لون بشرتهم أو عرقهم. وفي هذا الصدد، فإن توقع العدالة المطلقة وعدم التمييز من زعيم بلد مثل الولايات المتحدة عالٍ بشكل خاص.”

وفي خطبة الجمعة بتاريخ 06/11/2020 قال حضرة أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز):

“قبل شهور وأثناء جائحة الكورونا أرسلت الرسائل ثانيةً إلى رؤساء بعض الدول بمن فيهم الرئيس الفرنسي أيضًا، وحذرته في هذه الرسالة بكلمات المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام أن هذه النوائب والآفات إنما تنزل من عند الله تعالى بسبب المظالم، لذا عليه الانتباه إلى هذا الأمر. لقد أدينا ما علينا من واجب، وسوف نواصل تأدية واجباتنا، والأمر متروكٌ لهم ليقرروا ما إذا كانوا سيأخذون كلامنا على محمل الجد أم لا.”

المستشارة الألمانية السيدة أنجيلا ميركل

السيد ناريندا مودي رئيس وزراء الهند

السيد محمد بخاري رئيس جمهورية نيجيريا الاتحادية

الرئيس يوليوس مادا بيو رئيس سيراليون

السيد أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة

10/06/2020

قداسة البابا فرنسيس

قداسة البابا،

نمر اليوم بفترة حرجة وخطيرة، وأكتب إليكم لأن العالم يقاسي حالةً من اليأس وعدم اليقين. لقد أركعت جائحة كوفيد-19 العالم، وأصابت كافة الدول والشعوب تقريبًا. ونتيجة لذلك، فإن القلق والجزع يمزق كل من يشعر بألم ومعاناة الإنسانية. لذا أدعو الله من أعماق قلبي أن ينهي هذه المحنة الكبيرة وهذا البلاء العظيم لينقذ البشرية من آثاره الفتاكة والمدمرة، آمين.

يشهد التاريخ على حقيقة أن مثل هذه الأوبئة والنوائب والكوارث الطبيعية قد حدثت دائمًا في الأزمنة والأقوام التي أدارت ظهرها لخالقها.

وقد اطَّلعتُ على الخطاب الذي ألقيتموه مؤخرًا وعبرتم فيه عن مخاوفكم من أنكم لو سألتم الله تعالى عما إذا كان راضيًا عمَّا تقترفه البشرية فسيكون الجواب هو عدم الرضا، وأشرتم إضافة إلى ذلك إلى اعتقادكم بأن انتشار الكوارث الطبيعية هو نتيجة حتمية لمعاصي العالم اليوم وغفلته. وأنا أتفق مع هذا الرأي تمامًا، وأرى أن حاجة الوقت تقتضي نشر هذه الرسالة على نطاقٍ واسع. وأعتقد جازمًا، أن على البشرية أن تنيب عاجًلا إلى الله تعالى حتى تنجو من احتمالية وقوع المزيد من البؤس والدمار.

بصفتي إمام الجماعة الإسلامية الأحمدية العالمية، أود إعلامكم أن الجماعة اﻹسلامية اﻷحمدية قد تأسست عام 1889 في قرية قاديان الصغيرة في الهند، وقد أعلن مؤسسها حضرة ميرزا غلام أحمد (عليه السلام) أن الله تعالى كلفه بمهمة أساسية تتمثل بإعادة البشرية إلى خالقها، ولفت انتباههم جميعًا نحو أداء مسؤولياتهم تجاه بعضهم بعضًا، كما أكد باستمرار على ضرورة أن تنهي البشرية كافة أشكال الفوضى والوحشية والظلم وأن تفي بحقوق بعضها بعضًا حتى تنجو من غضب الله تعالى.

يقول حضرة ميرزا غلام أحمد (عليه السلام):

“إنّ حقيقة إيمان الإنسان وكفره مسألةٌ يحكم الله تعالى فيها في اﻵخرة، والكوارث الطبيعية والبلايا التي نزلت بالأمم البائدة ودمرتها لم تكن بسبب كفرهم فقط، بل أهلكهم الله تعالى لــكبرهم وآثامهم وظلمهم، وحتى فرعون، لم يهلكه الله لكفره وحسب بل لطغيانه وللمظالم التي قام بارتكابها”

بصفتي إمام الجماعة الإسلامية الأحمدية، فقد حثثت قادة العالم قبل فترة طويلة على العمل بعدالة ونزاهة، وبذل كل جهدٍ ممكن لتحقيق سلامٍ حقيقي ودائم في العالم من خلال صيانة حقوق جميع الأمم والشعوب.

وفي هذا الصدد، كتبت إلى سلفكم، قداسة البابا بنديكت السادس عشر في عام 2011 في محاولة لتعزيز الوئام بين الأديان وتسليط الضوء على أهمية أن يقف زعماء الأديان في العالم معًا لتعزيز السلام والنيَّات الحسنة في العالم. وبالنظر إلى الوقت العصيب الذي نمر به الآن، أرى من الضرورة بمكان أن أكتب إليكم أيضًا لأعبر عن إيماني بأن واجب زعماء الأديان الأول اليوم هو توجيه البشرية نحو حقيقة أن هذا الفيروس هو تحذيرٌ شديد اللهجة للإنسانية، وأن السبيل الوحيد للنجاة هو بالخضوع أمام خالقنا، وأداء حقوقه وحقوق بعضنا بعضًا لعلّ العالم ينتقل من حالته اليائسة الحالية إلى ملاذ السلام والمحبة والرحمة.

علاوةً على ذلك، لا يمكن الافتراض أنه بمجرد أن تمر جائحة كوفيد -19 سيُحَل كل شيء فجأة. بل أرى في الأفق مزيدًا من المحن والصراعات بسبب الضغوط المالية والاقتصادية غير المسبوقة التي فرضها هذا الفيروس على دول العالم وشعوبه. ونتيجة لذلك، فإن المزيد من الصراع والانقسام داخل البلدان وبين الدول يعد احتمالًا قائمًا وبقوة، لذا أخشى أن تتزايد التصدعات في سلام العالم واستقراره وتتفاقم في الأشهر والسنوات المقبلة. وبالتالي، فمن المهم جدًا أن ننبه العالم إلى هذا الخطر المحدق قبل فوات الأوان.

بصفتك الزعيم العالمي للكنيسة الكاثوليكية الرومية، فإن لقداستك تأثيرٌ كبير، ولذلك أطلب منكم بإخلاص استخدام جميع وسائلكم وقوة تأثيركم لتوجيه قادة العالم وشعوبه نحو الحاجة الملحة والأساسية للاعتراف بخالقهم وأداء حقوق بعضهم بعضًا حتى تُنقذ البشرية من الآثار الضارة لهذا الوباء ومن الخراب والدمار اللذين ستسببهما بلا شك حرب عالمية ثالثة.

بصفتي إمام الجماعة الإسلامية الأحمدية العالمية، أتعهد بأننا مستعدون دائمًا للمساعدة والمشاركة في كل جهدٍ وعمل من أجل إنقاذ العالم من الخراب ومن أجل إعادة البشرية إلى خالقها. أدعو الله تعالى أن يبارك في جميع المساعي من أجل سلام العالم وازدهاره، وأن يعمل قادة جميع الأديان وشعوبها معًا في هذه القضية النبيلة، وأن يتركوا جانبًا أي اختلافات في المعتقد من أجل نجاة الإنسانية. مؤكِّدا أن هذا ما كان وسيكون دائمًا الهدف الأساس للجماعة الإسلامية الأحمدية، ونحن نبذل كل جهدٍ ممكن في هذا السبيل. أدعو الله تعالى أن يمنح العالم الحكمة والفهم. آمين.

مع خالص الدعاء وأطيب التمنيات،

ميرزا مسرور أحمد

خليفة المسيح الخامس

إمام الجماعة اﻹسلامية اﻷحمدية العالمية

26/06/2020

فخامة الرئيس نانا أدو دانكوا أكوفو أدو

رئيس جمهورية غانا

مكتب الرئيس

بيت اليوبيل

GP Digital Address GA-000-288

أكرا، غانا

عزيزي فخامة الرئيس،

بداية، أود أن أتقدم بأحر التعازي لكم حكومة وشعبًا على الخسائر في الأرواح، والمعاناة التي سببها الوباء الحالي في بلدكم. كما أدعو الله أن يظل عدد الوفيات والمصابين منخفضًا قدر الإمكان، وأن يتم إعلان غانا قريبًا خالية تمامًا من كوفيد 19.

عندما ننظر في التأثير الاقتصادي لفيروس كورونا، نرى بوضوح أنه يتسبب بأضرارٍ جسيمة على الاقتصاد في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك اقتصادات أقوى البلدان على وجه الأرض. يخبرنا التاريخ أن أسوأ ما في البشرية يظهر عندما ينهار النظام الاقتصادي، وتكون ثروة الدولة وقوتها على المحك. في كثير من الأحيان، تغلب الأنانية والجشع على العدل والإنصاف وتسعى الدول إلى اغتصاب حقوق البلدان الأخرى لإنقاذ نفسها، وبهذه الطريقة غالبًا ما أشعلت القوى الاقتصادية حروبًا مدمرة وصراعات دموية.

على مدى أجيال، تعرضت ثروات إفريقيا ومواردها للنهب والاستغلال الوحشي من قبل سادة الاستعمار. ومع ذلك، حتى بعد الاستقلال، لا يمكن القول إن الدول الإفريقية قد نالت الحرية الكاملة، بل تم منحها الاستقلال بطريقة تبقى فيها تابعة إلى حدٍ ما للقوى الكبرى وتحت رحمتها. ونتيجة لذلك، استمرت الدول الغنية والقوية في استغلال موارد إفريقيا والاستفادة منها بعد فترة طويلة من تحرّرها ظاهريًا.

وحيث تتعثر اقتصاداتهم الآن ويواجهون مستويات ديون لم يكن من الممكن تصورها سابقًا، فقد يمدون أعينهم مرة أخرى باتجاه الدول الإفريقية وقد يجددون جهودهم لاستغلال الموارد الطبيعية لإفريقيا لمصلحتهم الخاصة. كما ذكرت آنفًا، فإن إلقاء نظرة على التاريخ يوضح أن الحروب غالبًا ما تشتعل نتيجة الضغوط الاقتصادية والإحباط الاقتصادي، حيث تسعى الدول بشكل غير عادل إلى تحقيق مصالحها الخاصة من خلال الحرب والعنف. ومتى اندلعت حرب عالمية ثالثة، فلا يمكن افتراض أن إفريقيا لن تنجرّ إلى الصراع لأن العالم الحديث بات قرية عالمية أصبحت فيها كل دولة وقارة الآن أكثر ترابطًا من أي وقت مضى. وعليه، فإني أدعو الله تعالى أن يحمي غانا من أي حروب أو نزاعات مقبلة، وأن ينقذ أمتكم من أن تستغلها قوى خارجية مرة أخرى. وأدعوه تعالى أن تزدهر غانا وتظل آمنة دائمًا.

وعلاوة على ذلك، فإنني أناشدكم بإخلاص أن تحافظوا على أمتكم آمنة ومزدهرة. أنتم تبذلون قصارى جهدكم باستمرار لخدمة شعبكم ورفع مكانة غانا في العالم حتى تظل محصنة ضد ظلم الآخرين ومحاولاتهم الشائنة. لهذا، على جميع الناس في بلدكم أن يقفوا متحدين وقفة رجلٍ واحد، ففي الاتحاد قوة. وبالتالي إذا كنتم متحدين فعندها فقط يمكن لأمتكم أن ترتقي وتستقل بالمعنى الحقيقي للكلمة وتنافس بقية العالم. بالتأكيد، إذا اضطلع شعب غانا وحكومتها بمسؤولياتهم بأمانة وإخلاص، وأدوا حقوق خالقهم وحقوق بعضهم بعضا وتمسكوا بمبدأ العدالة المطلقة دائمًا، فأنا على يقينٍ مطلق بأن لديكم القدرة على أن تصبحوا واحدة من أكثر الدول تقدما في العالم. في الواقع، لديكم مع الدول الإفريقية الأخرى القدرة على قيادة العالم.

وحيث إنني عشت في غانا لعدة سنوات، تربطني صلة محبة كبيرة بشعب بلدكم، لذا فإنني أدعو الله بصدق القلب أن يضع الغانيُّون جانبًا جميع الاختلافات القبلية والدينية والطائفية من أجل الصالح العام وأن يعاملوا بعضهم بعضًا بالحب والاحترام، ويؤدوا حق الله تعالى، لتستظل أمتكم بظل حماية الله وفضله ورحمته إلى الأبد.

مع خالص الدعاء وأطيب اﻷمنيات،

ميرزا مسرور أحمد

خليفة المسيح الخامس

إمام الجماعة اﻹسلامية اﻷحمدية العالمية

19/06/2020

السيد سكوت موريسون

رئيس وزراء استراليا

البرلمان

كانبيرا ACT 2600

دولة رئيس الوزراء،

مع تفشي جائحة كوفيد -19 المستمرة، أغتنم هذه الفرصة للكتابة لكم، وأود بدايةً أن أتقدم بأحر التعازي لكم حكومة وشعبًا على الخسائر في الأرواح والمعاناة التي سببها هذا الفيروس في أستراليا. وفي الوقت ذاته، أود أن أعرب أيضًا عن تقديري للإجراءات التي اتخذتها حكومتكم في الوقت المناسب للحد من عدد الوفيات واحتواء انتشار الفيروس التاجي. ولكن، وحيث يتحدث العديد من الخبراء عن إمكانية حدوث موجة ثانية من كوفيد-19، يجب ألا تشعر الدول بالرضا والاطمئنان، لذا أحث حكومتكم على مواصلة اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لحماية شعب بلادكم.

على الرغم من أنني لم أكتب سابقًا إلى رئيس وزراء أستراليا، إلا أنني قد كتبت في الماضي إلى قادة العديد من الدول لحثهم على إعطاء الأولوية للسلام والأمن في العالم. وفي ظل الأوقات العصيبة التي نمر فيها، فقد ارتأيت الآن ضرورة الكتابة لكم.

قبل الانتقال إلى الغرض الحقيقي من رسالتي، من المناسب أن أذكر كذلك أنني إمام الجماعة اﻹسلامية اﻷحمدية العالمية، التي تأسست في قاديان في الهند عام 1889 على يد حضرة ميرزا غلام أحمد (عليه الصلاة والسلام)، الذي أعلن عند بعثته أن الله بعثه مصلحًا ربانيًا للعالم أجمع بحسب نبوءات نبي الإسلام (صلى الله عليه وسلم) من أجل توجيه البشرية جمعاء نحو الإقرار بخالقها وضرورة أداء حقوقه. كما بُعث كذلك لتنبيه البشرية نحو الحاجة الملحة والعاجلة لأداء حقوق خلق الله حتى يتم ترسيخ السلام والعدالة وروح الاحترام المتبادل والمحبة في جميع أنحاء العالم.

علاوة على ذلك، قد حذر حضرته من ازدياد الكوارث الطبيعية كإنذارٍ للبشرية من السموات العلى للاعتراف بوجود الله تعالى ولإحقاق حقوق بعضهم بعضًا. ويشهد التاريخ على حقيقة أنه منذ أن أنذر بذلك، قبل أكثر من قرنٍ من الزمان، ازدادت الكوارث الطبيعية، كالزلازل، بشكل ملحوظ. في حين أن الكوارث الأخرى وانتشار الفيروسات القاتلة تحل بالعالم بانتظام وتسفر عن نتائج مدمرة وقاتلة.

يقول حضرة ميرزا غلام أحمد (عليه السلام):

“إنّ حقيقة إيمان الإنسان وكفره مسألةٌ يحكم الله تعالى فيها في اﻵخرة، والكوارث الطبيعية والبلايا التي نزلت بالأمم البائدة ودمرتها لم تكن بسبب كفرهم فقط، بل أهلكهم الله تعالى لــكبرهم وآثامهم وظلمهم، وحتى فرعون، لم يهلكه الله لكفره وحسب بل لطغيانه وللمظالم التي قام بارتكابها”

نحن نؤمن بأن الله تعالى قد خلق البشر وكرمهم على جميع المخلوقات، وهذا يرجع إلى حبه الخاص لهم. وبالتالي، كبشر، يتوجب علينا بشكل أساس احترام بعضنا بعضًا وبذل كل جهد لبناء عالم متناغم يتم فيه تقدير حقوق جميع الشعوب والمجتمعات وحمايتها، بغض النظر عن طبقتهم أو عقيدتهم أو لونهم.

إذا فشلنا في حماية حقوق بعضنا بعضًا، فعندئذ، وبصرف النظر عن الكوارث الطبيعية أو انتشار الأمراض المعدية، سنضطر أيضًا إلى تحمل العواقب المروعة للكوارث التي يصنعها الإنسان بنفسه، كما عانت الأجيال السابقة خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية. وبالنظر إلى أن العالم الحديث الآن يشبه قرية عالمية، فإن النتائج قد تكون أوسع انتشارًا وأكثر فتكًا ودمارًا. لذا سيكون من الحماقة افتراض أن أستراليا وشعبها سينجون من الانخراط في الحرب العالمية الثالثة في حال اندلاعها.

يثبت التاريخ أنه كلما حدثت أزمة دولية واسعة النطاق، فإنها تفضي دائمًا إلى عواقب اقتصادية خطيرة، مما لا شك فيه أن كوفيد- 19 قد فرض ضغوطاتٍ مالية غير مسبوقة على بلدانٍ كثيرة، وتشير جميع الدلائل إلى حقيقة أن الوضع الاقتصادي مهيأ للتدهور أكثر في الأسابيع والشهور والسنوات المقبلة. يخبرنا التاريخ أيضًا أنه عندما تعاني الاقتصادات من تفاقم التوترات القائمة أو نشوء كراهية جديدة، فإن المشاكل الاقتصادية غالبًا ما تكون الشرارة الحارقة التي تشعل ألسنة الحرب والصراع المادي. وفي ضوء ذلك، فمن المقلق أن نطلع من وسائل الإعلام على الخلاف المتزايد بين أستراليا والصين، وأود بالتأكيد أن أحث جميع الأطراف على ضبط النفس والتحلي بالصبر.

في هذه الحقبة، طورت عدة دول أسلحةً نووية، وأخشى أن بعض القادة قد لا يفكرون لمرتين حتى قبل إطلاق هذه الأسلحة اللاإنسانية والمهلِكة.

ولذا، من الضروري، بدلاً من السماح بظهور الإحباطات وتجذر المظالم والكراهية، أن تلعب جميع الدول والشعوب دورها في تعزيز روح الرحمة والمواساة والتسامح داخل البلدان وعبر الحدود حتى نضمن سلام العالم على المدى الطويل. يجب أن تتركز كافة جهودنا على حماية أطفالنا والأجيال القادمة من العواقب المميتة لتلك الأسلحة الفتاكة والقادرة على تدمير العالم الذي نعرفه، والتي ستؤدي إلى أن يولد أجيال من الأطفال بإعاقات جسدية أو ذهنية.

على أمل أن لا تشعر الأجيال القادمة باليأس عند ذكرنا وأن لا يكيلوا لنا الشتائم بدلًا من تذكرنا بالمحبة والاعتزاز لأننا أورثناهم عالمًا من البؤس والحزن.

وفي ضوء كل ما قلته، أود أن أطلب منكم بصدق ومحبة، كونكم قائد بلد كبير ومهم، أن تلعبوا دوركم وتبذلوا كل جهد ممكن لضمان سلام العالم وأمنه حتى يُذكر اسمكم بين أسماء القادة الذين ناضلوا من أجل السلام والعدالة، وليس بين الذين دفعوا العالم نحو الحرب والصراع. أدعو الله تعالى أن يوفقكم للعمل دائمًا من أجل خير الإنسانية وصالح السلام والازدهار في العالم.

مع خالص الدعاء وأطيب التمنيات،

ميرزا مسرور أحمد

خليفة المسيح الخامس

إمام الجماعة اﻹسلامية اﻷحمدية العالمية

05/06/2020

رئيس الجمهورية الفرنسية

سيادة الرئيس إيمانويل ماكرون

Palais de l’Elysee

55, Rue du Faubourg Saint-Honore

75008 باريس، فرنسا

عزيزي فخامة الرئيس،

أكتب لكم لأعبر عن خالص مشاعر العزاء والمواساة لحكومتكم وشعبكم في خسارتكم الأليمة للأرواح التي قضت ضحية جائحة كوفيد-19خلال الأسابيع المنصرمة.

لقد تسبب هذا المرض الخبيث بقلقٍ وكربٍ كبير لشعوب جميع اﻷمم، ولم يفرق بين صغير وكبير، أو غني وفقير، أو قوي وضعيف. وأماط الفيروس اللثام عن هشاشة البشر وضعفهم، ولم يعد أحدٌ منا يعرف على وجه اليقين ما الذي يحمله لنا الغد.

فلعدة شهور، عملت الحكومات جاهدةً، كلٌ وفق وسائله، للسيطرة على تفشي الجائحة وللقضاء نهائيًا على فيروس كوفيد-19 بالسرعة الممكنة. وقد اتخذت حكومتكم كذلك التدابير لمكافحة تفشي الفيروس ولعلاج من يقاسون من آثاره السلبية. ولحسن الحظ يبدو أن إجراءات الوقاية والعلاج المتبعة قد أبطأت وتيرة انتشاره.

ومع ذلك، أرى أن من واجبي، كوني إمام الجماعة اﻹسلامية اﻷحمدية العالمية، أن ألفت انتباهكم نحو قناعتي الراسخة في ضرورة أن تدعو هذه الجائحة جميع الأمم وقادتها ليقفوا وقفة تأمل. وأنا أؤمن يقينًا بأن الاعتماد على الوسائل المادية والتدابير الدنيوية وحدها في مواجهة هذا الوضع الخطير والذي يواجهه العالم أجمع ليس كافيًا، بل على جميع اﻷمم أن تتساءل لماذا وكيف تفشى هذا الوباء بهذه السرعة وتسبب في كل هذه المعاناة وأدى إلى التعطل التام لعجلة الحياة في غالبية أنحاء العالم؟ فمن المحال أن تؤدي الأنشطة البشرية وحدها لأن يكون لهذا الفيروس هذه العواقب الوخيمة والمنهكة. وبالتالي، كإمام جماعة دينية وكرجل دين فإنني أؤمن بأن المحن التي نزلت خلال اﻷسابيع الماضية إنّما حدثت بتقديرٍ من الله تعالى كإنذارٍ شديد اللهجة للبشر ليصلحوا أحوالهم ويتخلوا عن كافة أشكال الظلم والبغي. هذا الوباء رسالة صارخة للبشر توجه أبناء العالم للإنابة إلى الله تعالى ولأداء حقوقه وحقوق أخوانهم من بني البشر.

يجب أن أوضح أن الجماعة اﻹسلامية اﻷحمدية قد تأسست عام 1889 في قرية قاديان الصغيرة في الهند، وقد أعلن مؤسسها حضرة ميرزا غلام أحمد (عليه السلام) أنه قد بُعث مصلحًا ربانيًا وأوكلت إليه مهمة إصلاح البشر من خلال توجيههم نحو خالقهم ولفت انتباههم جميعًا نحو أداء مسؤولياتهم تجاه بعضهم بعضًا.

يقول حضرة ميرزا غلام أحمد (عليه السلام):

“إنّ حقيقة إيمان الإنسان وكفره مسألةٌ يحكم الله تعالى فيها في اﻵخرة، والكوارث الطبيعية والبلايا التي نزلت بالأمم البائدة ودمرتها لم تكن بسبب كفرهم فقط، بل أهلكهم الله تعالى لــكبرهم وآثامهم وظلمهم، وحتى فرعون، لم يهلكه الله لكفره وحسب بل لطغيانه وللمظالم التي قام بارتكابها”

علاوةً على ذلك، فإنه لا يكفي أن نكون على دراية بماضينا فحسب، بل يجب أن نتعلم من الدروس التي حفظها لنا التاريخ. وبالتالي فلا ينبغي أن نتجاهل أو نقلل من شأن الكيفية التي تحدث فيها الكوارث الطبيعية أو النوائب والجائحات، بل يجب أن نقر بأنها تجلٍّ لقضاء الله تعالى ونذيرٌ للبشرية ليقلعوا عن جميع أنواع الظلم ويقروا بالله تعالى خالق جميع المخلوقات، وأنه من أجل نيل قرب الله تعالى ومرضاته يتحتم على البشر أداء حقوقه وحقوق خلقه.

لقد أعرب البابا فرنسيس مؤخرًا عن مخاوفه من أنه لو سأل الله تعالى عما إذا كان راضيًا عن ما تقترفه البشرية فسيكون الجواب هو عدم الرضا، وأشار البابا إضافة إلى ذلك إلى اعتقاده بأن انتشار الكوارث الطبيعية هو نتيجة حتمية لمعاصي العالم اليوم وغفلته. وأنا أتفق مع هذا الرأي تمامًا، وأرى لزامًا أن يتنبه قادة العالم وحكوماته وشعوبه بشكلٍ جاد إلى الحقيقة الناصعة الماثلة أمام أبصارنا.

في ظل الظروف الراهنة، فإنني أناشدكم بكل تواضع بصفتكم قائدًا لأمتكم، وحيث تقوم حكومتكم بصياغة الخطط وتنفيذها لوقف تفشي الفيروس، أن تحضّوا مواطنيكم على أداء حقوق بعضهم بعضًا وأن يكونوا جاهزين لتقديم التضحيات في سبيل الإنسانية.

وعلى حكومتكم كذلك أن تبذل المساعي الحثيثة لضمان سلام المجتمع وأمنه في بلادكم وعلى حدودكم وعلى المستوى الدولي على السواء. وأطلب منكم بإخلاصٍ أن تتمسكوا بمطالب العدالة والنزاهة من خلال العمل على تأدية حقوق شعبكم وشعوب جميع الأمم الأخرى.

دون أدنى شك، قد هزت جائحة كورونا الاقتصاد العالمي حتى النخاع، ومن الواضح أن اﻷسابيع والشهور والسنوات القادمة ستكون محفوفة بالمخاطر. وفي الواقع يغفل معظم الناس تمامًا عن مستوى الخطر الذي سيكون عليه العالم في الأشهر القليلة القادمة. فإذا كان التاريخ يعظنا بشيء فهو أنه عندما تعطي الحكومات الأولوية لمصالحها الوطنية الخاصة فوق المصلحة الجماعية، تكون العواقب كارثية. وستحدث لا محالة الحروب التجارية والاقتصادية والتي ستؤدي بدورها إلى إثارة العداوة والبغضاء وتُفضي في نهاية المطاف إلى الحروب والنزاعات الدامية التي ستُستخدم فيها أسلحة دمارٍ مروعة لا تبقي أمامها من باقية.

بناءً على ذلك، أحثكم بكل تواضعٍ وإخلاص كونكم على رأس قيادة بلادكم أن تصوغوا سياساتٍ قوامها العدالة عسى أن ينجو العالم من المزيد من البؤس الدمار.

كما آمل وأدعو من كل قلبي أن تلتفتوا لكلماتي المخلصة وأن تأخذوها على محمل الجد. ومن أجل السلام في بلادكم والعالم أجمع، أدعو الله أن تؤدوا دوركم في تشكيل سياساتٍ اقتصادية وجيوسياسية تحترم حقوق جميع اﻷطراف والتي يمكن من خلالها لجميع الشعوب والأمم أن تنتفع وتتحد.

أدعو الله تعالى أن يوفقكم ويوفق جميع قادة العالم للعمل لما فيه خير البشرية وأن تتركوا خلفكم ميراثًا من السلام والازدهار للأجيال القادمة.

مع خالص الدعاء وأطيب اﻷمنيات،

ميرزا مسرور أحمد

خليفة المسيح الخامس

إمام الجماعة اﻹسلامية اﻷحمدية العالمية

26/06/2020

فخامة محمد بخاري،

رئيس جمهورية نيجيريا الاتحادية

المجمع الرئاسي النيجيري

فيلا أسو روك الرئاسية

أبوجا، نيجيريا

عزيزي فخامة الرئيس،

أدعو الله أن تنتهي بفضل الله تعالى ورحمته الأزمة العالمية الحالية الناجمة عن جائحة كوفيد-19 بأسرع وقتٍ ممكن، وأن تُنقذ البشرية من الآثار القصيرة والطويلة المدى لفيروس كورونا قدر الإمكان.

في نيجيريا، قضت بعض الأرواح أيضًا نتيجةً لهذا البلاء، ولهذا، أقدم تعازيّ الحارة لكم ولحكومتكم ولجميع مواطني بلادكم.

بصفتي إمام الجماعة الإسلامية الأحمدية العالمية، أكتب لكم مباشرة للمرة الأولى، على الرغم من أن جماعتنا قد تأسست منذ فترة طويلة في نيجيريا وتضم عددًا كبيرًا من الأعضاء هناك. وبفضل الله تعالى، أنشأنا المدارس والمستشفيات الأحمدية في بلدكم، والتي تخدم السكان المحليين بغض النظر عن عقيدتهم أو دينهم. ونتيجة لذلك، فإن جماعتنا معروفة جدًا في نيجيريا.

وعلى المستوى الدولي، تأسست الجماعة الإسلامية الأحمدية بفضل الله تعالى الآن في أكثر من 210 دول ومنطقة في العالم، وهدفنا هو نشر التعاليم الحقيقية والسلمية للإسلام.

في هذا العصر، وفقًا لنبوءات نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم، كان من المقدر أن يأتي مصلحٌ يعيد البشرية إلى الله تعالى، ويلفت انتباه البشر نحو أداء حقوق بعضهم بعضا حتى يتم إحلال السلام والوئام في جميع أنحاء العالم.

بحسب معتقداتنا، فإن مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية، حضرة ميرزا غلام أحمد القادياني، قد بعث إلى العالم مصداقًا لنبوءات نبي الإسلام الكريم صلى الله عليه وسلم. وبناءً على ذلك، أعلن أنه قد كُلّف من الله تعالى مع هدفين أساسيين: لتنوير البشرية بالحاجة الملحة للوفاء بحقوق خالقها وبالحقوق المستحقة لبعضهم بعضًا. وكما تعلمون، بلا شك، الإسلام هو الدين الذي ركز بشكلٍ كبير وأكثر من أي دينٍ آخر على إحقاق حقوق الله والإنسانية.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: “سيد القوم خادمهم” أي أن القائد الحقيقي هو من يخدم أمته وشعبه بإخلاصٍ وتواضع. بالتأكيد، فإن أعظم خدمة يمكنك تقديمها لأمتك هي أن تنفخ في شعب نيجيريا روح الوفاء بحقوق الله تعالى وحقوق بعضهم بعضا. وعليه فإنني أناشدكم بإخلاص، بصفتكم رئيسًا لنيجيريا، أن تسعوا إلى غرس هذه القيم الأساسية في أمتكم.

على مدى القرن الماضي، شهد العالم تواتر أصنافٍ مختلفة من الكوارث الطبيعية وانتشار فيروساتٍ قاتلة. بالتأكيد، كان تأثير جائحة كوفيد -19 الحالية غير مسبوق، مما تسبب في حدوث عشرات الوفيات على مستوى العالم ودفع بجزء كبير من العالم إلى طريقٍ مسدود. ونحن نمر في هذه الأوقات غير العادية، يتحتم علينا أن نركز اهتمامنا على الله تعالى، وأن نؤدي حقوقه وحقوق خلقه، حتى تجني البشرية ثمار حبه ورحمته بدلًا من غضبه وعقابه.

كنتيجة مباشرة للوباء، فإن اضطرابًا اقتصاديًا عالميًا عاصفًا يلوح في الأفق، وأخشى أن يؤدي ذلك إلى انقلاب الدول، لاسيما القوى الكبرى، على بعضها بعضًا وإلى تأجيج الكراهية والتنافس واندلاع الحروب والصراعات. عندما تتورط الدول المهيمنة والقوية في الحرب، غالبًا ما تنغمس الدول الأضعف والبلدان النامية في الصراع بصورةٍ أو بأخرى، ولذلك يجب بذل كافة الجهود لمنع حدوث مثل هذه الظروف المروعة.

أعتقد أن لإفريقيا دورٌ مهم لتلعبه في سلام وازدهار العالم في المستقبل، وباعتبارها أكبر دولة في القارة الإفريقية من حيث عدد السكان، يمكن لنيجيريا، بل يجب أن تلعب دورًا رئيسيًا في هذا الجهد. إذا اندلعت الحرب في أجزاء أخرى من العالم، فيجب على القارة الإفريقية أن تبذل قصارى جهدها لإنقاذ نفسها من الانخراط أو التورط في ذلك حتى يقال إن جزءًا واحدًا على الأقل من العالم بقي مسالمًا وآمنًا وأن قارة تم فيها احترام القيم الإنسانية وأداء حقوق الله تعالى.

بالتأكيد، إذا اضطلع شعب نيجيريا وحكومته بمسؤولياتهم بأمانة وإخلاص وأدوا حقوق خالقهم وحقوق بعضهم بعضًا وتمسكوا دومًا بمبدأ العدالة المطلقة، فأنا على يقينٍ تام بأن لديكم القدرة على أن تصبحوا واحدة من أكثر الدول تقدما في العالم. في الواقع، لديكم أنتم والدول الإفريقية الأخرى القدرة معًا على قيادة العالم.

أدعو الله تعالى أن يوفقكم لأداء واجباتكم كرئيس لنيجيريا على أكمل وجه حتى تزدهر أمتكم وشعبكم.

مع خالص الدعاء وأطيب اﻷمنيات،

ميرزا مسرور أحمد

خليفة المسيح الخامس

إمام الجماعة اﻹسلامية اﻷحمدية العالمية

26/06/2020

فخامة الرئيس يوليوس مادا بيو

رئيس سيراليون

ستيت هاوس، ستيت أفينيو

فريتاون، سيراليون

عزيزي فخامة الرئيس،

بداية، أود أن أتقدم بأحر التعازي لكم حكومة وشعبًا على الخسائر في الأرواح، والمعاناة التي سببها الوباء الحالي في بلدكم. كما أدعو الله أن يظل عدد الوفيات والمصابين منخفضًا قدر الإمكان، وأن يتم إعلان سيراليون قريبًا خالية تمامًا من كوفيد 19.

عندما ننظر في التأثير الاقتصادي لفيروس كورونا، نرى بوضوح أنه يتسبب بأضرارٍ جسيمة على الاقتصاد في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك اقتصادات أقوى البلدان على وجه الأرض. يخبرنا التاريخ أن أسوأ ما في البشرية يظهر عندما ينهار النظام الاقتصادي، وتكون ثروة الدولة وقوتها على المحك. في كثير من الأحيان، تغلب الأنانية والجشع على العدل والإنصاف وتسعى الدول إلى اغتصاب حقوق البلدان الأخرى لإنقاذ نفسها، وبهذه الطريقة غالبًا ما أشعلت القوى الاقتصادية حروبًا مدمرة وصراعات دموية.

على مدى أجيال، تعرضت ثروات إفريقيا ومواردها للنهب والاستغلال الوحشي من قبل سادة الاستعمار. ومع ذلك، حتى بعد الاستقلال، لا يمكن القول إن الدول الإفريقية قد نالت الحرية الكاملة، بل تم منحها الاستقلال بطريقة تبقى فيها تابعة إلى حدٍ ما للقوى الكبرى وتحت رحمتها. ونتيجة لذلك، استمرت الدول الغنية والقوية في استغلال موارد إفريقيا والاستفادة منها بعد فترة طويلة من تحرّرها ظاهريًا.

وحيث تتعثر اقتصاداتهم الآن ويواجهون مستويات ديون لم يكن من الممكن تصورها سابقًا، فقد يمدون أعينهم مرة أخرى باتجاه الدول الإفريقية وقد يجددون جهودهم لاستغلال الموارد الطبيعية لإفريقيا لمصلحتهم الخاصة.

كما ذكرت آنفًا، فإن إلقاء نظرة على التاريخ يوضح أن الحروب غالبًا ما تشتعل نتيجة الضغوط الاقتصادية والإحباط الاقتصادي، حيث تسعى الدول بشكلٍ غير عادل إلى تحقيق مصالحها الخاصة من خلال الحرب والعنف. ومتى اندلعت حرب عالمية ثالثة، فلا يمكن افتراض أن إفريقيا لن تنجرّ إلى الصراع لأن العالم الحديث بات قرية عالمية أصبحت فيها كل دولة وقارة الآن أكثر ترابطًا من أي وقت مضى. وعليه، فإني أدعو الله تعالى من أعماق قلبي أن يحمي سيراليون من أي حروب أو نزاعات مقبلة، وأن ينقذ أمتكم من أن تستغلها قوى خارجية مرة أخرى. وأدعوه تعالى أن تزدهر سيراليون وتظل آمنة دائمًا.

وعلاوة على ذلك، فإنني أناشدكم بإخلاص أن تحافظوا على أمتكم آمنة ومزدهرة. أنتم تبذلون قصارى جهدكم باستمرار لخدمة شعبكم ورفع مكانة سيراليون في العالم حتى تظل محصنة ضد ظلم الآخرين ومحاولاتهم الشائنة. لهذا، على جميع الناس في بلدكم أن يقفوا متحدين وقفة رجلٍ واحد، ففي الاتحاد قوة. وبالتالي إذا كنتم متحدين فعندها فقط يمكن لأمتكم أن ترتقي وتستقل بالمعنى الحقيقي للكلمة وتنافس بقية العالم. بالتأكيد، إذا اضطلع شعب سيراليون وحكومتها بمسؤولياتهم بأمانة وإخلاص، وأدوا حقوق خالقهم وحقوق بعضهم بعضا وتمسكوا بمبدأ العدالة المطلقة دائمًا، فأنا على يقينٍ مطلق بأن لديكم القدرة على أن تصبحوا واحدة من أكثر الدول تقدما في العالم. في الواقع، لديكم مع الدول الإفريقية الأخرى القدرة على قيادة العالم.

أدعو الله بصدق القلب أن يضع أهل سيراليون جانبًا جميع الاختلافات القبلية والدينية والطائفية من أجل الصالح العام وأن يعاملوا بعضهم بعضًا بالحب والاحترام، ويؤدوا حق الله تعالى، لتستظل أمتكم بظل حماية الله وفضله ورحمته إلى الأبد.

مع خالص الدعاء وأطيب التمنيات،

ميرزا مسرور أحمد

خليفة المسيح الخامس

إمام الجماعة اﻹسلامية اﻷحمدية العالمية

02/06/2020

معالي السيد أنطونيو غوتيريش

الأمين العام للأمم المتحدة

نيويورك NY 10017

معاليكم،

بالنظر إلى الوضع الخطير الذي يواجهه العالم، وفي ضوء أزمة كوفيد-19، كتبت إلى قادة العديد من القوى الكبرى في العالم. وبصفتكم الأمين العام للأمم المتحدة، الهيئة الدولية الرئيسية المكلفة بضمان سلام وأمن العالم، فإن مسؤولية كبيرة تقع على عاتقكم. وعليه، أغتنم هذه الفرصة لأحثكم على استخدام منصتكم لما فيه صالح البشرية جمعاء.

برأيي، فإن الوسيلة الأنجع للأمم المتحدة لتحقيق أهدافها التأسيسية هي أن تجمع جميع دول العالم معًا على منصة واحدة يتم فيها معاملتها جميعًا على قدم المساواة دون أي تحيز، بدلاً من الانصياع إلى قوة وإرادة عدد مختار من القوى العالمية المهيمنة.

يجب وفي جميع الأوقات أن يكون الهدف الأساس للأمم المتحدة هو إقامة الوحدة والثقة بين دول العالم حتى يصبح السلام العالمي حقيقة حية، وليس حلمًا بعيد المنال. ولهذا، من الضرورة بمكان أن تلعب الأمم المتحدة دورها في ضمان احترام حقوق جميع الدول وتقديرها. وعندها فقط ستنال شعوب العالم بركات الله تعالى ونعمه.

لقد تسبب هذا المرض الخبيث بقلقٍ وكربٍ كبير لشعوب جميع اﻷمم، ولم يفرق بين صغير وكبير، أو غني وفقير، أو قوي وضعيف. وأماط الفيروس اللثام عن هشاشة البشر وضعفهم، ولم يعد أحدٌ منا يعرف على وجه اليقين ما الذي يحمله لنا الغد.

فلعدة شهور، عملت الحكومات جاهدةً، كلٌ وفق وسائله، للسيطرة على تفشي الجائحة وللقضاء نهائيًا على فيروس كوفيد-19 بالسرعة الممكنة. وقد اتخذت الأمم المتحدة، خصوصًا من خلال رعاية منظمة الصحة العالمية، التدابير لمكافحة تفشي الفيروس ولعلاج من يقاسون من آثاره السلبية. ولحسن الحظ يبدو أن إجراءات الوقاية والعلاج المتبعة قد أبطأت وتيرة انتشاره.

ومع ذلك، أرى أن من واجبي، كوني إمام الجماعة اﻹسلامية اﻷحمدية العالمية، أن ألفت انتباهكم نحو قناعتي الراسخة في ضرورة أن تدعو هذه الجائحة جميع الأمم وقادتها ليقفوا وقفة تأمل. وأنا أؤمن يقينًا بأن الاعتماد على الوسائل المادية والتدابير الدنيوية وحدها في مواجهة هذا الوضع الخطير والذي يواجهه العالم أجمع ليس كافيًا، بل على جميع اﻷمم أن تتساءل لماذا وكيف تفشى هذا الوباء بهذه السرعة وتسبب في كل هذه المعاناة وأدى إلى التعطل التام لعجلة الحياة في غالبية أنحاء العالم؟ فمن المحال أن تؤدي الأنشطة البشرية وحدها لأن يكون لهذا الفيروس هذه العواقب الوخيمة والمنهكة. وبالتالي، كإمام جماعة دينية وكرجل دين فإنني أؤمن بأن المحن التي نزلت خلال اﻷسابيع الماضية إنّما حدثت بتقديرٍ من الله تعالى كإنذارٍ شديد اللهجة للبشر ليصلحوا أحوالهم ويتخلوا عن كافة أشكال الظلم والبغي. هذا الوباء رسالة صارخة للبشر توجه أبناء العالم للإنابة إلى الله تعالى ولأداء حقوقه وحقوق إخوانهم من بني البشر.

يجب أن أوضح أن الجماعة اﻹسلامية اﻷحمدية قد تأسست عام 1889 في قرية قاديان الصغيرة في الهند، وقد أعلن مؤسسها حضرة ميرزا غلام أحمد (عليه السلام) أنه قد بُعث مصلحًا ربانيًا وأوكلت إليه مهمة إصلاح البشر من خلال توجيههم نحو خالقهم ولفت انتباههم جميعًا نحو أداء مسؤولياتهم تجاه بعضهم بعضًا.

يقول حضرة ميرزا غلام أحمد (عليه السلام):

“إنّ حقيقة إيمان الإنسان وكفره مسألةٌ يحكم الله تعالى فيها في اﻵخرة، والكوارث الطبيعية والبلايا التي نزلت بالأمم البائدة ودمرتها لم تكن بسبب كفرهم فقط، بل أهلكهم الله تعالى لــكبرهم وآثامهم وظلمهم، وحتى فرعون، لم يهلكه الله لكفره وحسب بل لطغيانه وللمظالم التي قام بارتكابها”

علاوةً على ذلك، فإنه لا يكفي أن نكون على دراية بماضينا فحسب، بل يجب أن نتعلم من الدروس التي حفظها لنا التاريخ. وبالتالي فلا ينبغي أن نتجاهل أو نقلل من شأن الكيفية التي تحدث فيها الكوارث الطبيعية أو النوائب والجائحات، بل يجب أن نقر بأنها تجلٍّ لقضاء الله تعالى ونذيرٌ للبشرية ليقلعوا عن جميع أنواع الظلم ويقروا بالله تعالى خالق جميع المخلوقات، وأنه من أجل نيل قرب الله تعالى ومرضاته يتحتم على البشر أداء حقوقه وحقوق خلقه.

لقد أعرب البابا فرنسيس مؤخرًا عن مخاوفه من أنه لو سأل الله تعالى عما إذا كان راضيًا عن ما تقترفه البشرية فسيكون الجواب هو عدم الرضا، وأشار البابا إضافة إلى ذلك إلى اعتقاده بأن انتشار الكوارث الطبيعية هو نتيجة حتمية لمعاصي العالم اليوم وغفلته. وأنا أتفق مع هذا الرأي تمامًا، وأرى لزامًا أن يتنبه قادة العالم وحكوماته وشعوبه بشكلٍ جاد إلى الحقيقة الناصعة الماثلة أمام أبصارنا.

دون أدنى شك، قد هزت جائحة كورونا الاقتصاد العالمي حتى النخاع، ومن الواضح أن اﻷسابيع والشهور والسنوات القادمة ستكون محفوفة بالمخاطر. وفي الواقع يغفل معظم الناس تمامًا عن مستوى الخطر الذي سيكون عليه العالم في الأشهر القليلة القادمة. فإذا كان التاريخ يعظنا بشيء فهو أنه عندما تعطي الحكومات الأولوية لمصالحها الوطنية الخاصة فوق المصلحة الجماعية، تكون العواقب كارثية. وستحدث لا محالة الحروب التجارية والاقتصادية والتي ستؤدي بدورها إلى إثارة العداوة والبغضاء وتُفضي في نهاية المطاف إلى الحروب والنزاعات الدامية التي ستُستخدم فيها أسلحة دمارٍ مروعة لا تبقي أمامها من باقية.

بناءً على ذلك، أحثكم بكل تواضعٍ وإخلاص بصفتكم الأمين العام للأمم المتحدة أن تصوغوا سياساتٍ قوامها العدالة عسى أن ينجو العالم من المزيد من البؤس الدمار.

كما آمل وأدعو من كل قلبي أن تلتفتوا لكلماتي المخلصة وأن تأخذوها على محمل الجد. ومن أجل السلام في العالم أجمع، أدعو الله أن تؤدوا دوركم في تشكيل سياساتٍ اقتصادية وجيوسياسية تحترم حقوق جميع اﻷطراف والتي يمكن من خلالها لجميع الشعوب والأمم أن تنتفع وتتحد.

أدعو الله تعالى أن يوفقكم ويوفق جميع قادة العالم للعمل لما فيه خير البشرية وأن تتركوا خلفكم ميراثًا من السلام والازدهار للأجيال القادمة.

مع خالص الدعاء وأطيب اﻷمنيات،

ميرزا مسرور أحمد

خليفة المسيح الخامس

إمام الجماعة اﻹسلامية اﻷحمدية العالمية

Share via
تابعونا على الفايس بوك