بطولات المقاتلات المسلمات في معارك فتح دمشق
- هل من مُثُل عليا قدمتها سيدات مسلمات عبر التاريخ لخوض المرأة ميادين استأثر بها الرجال؟!
- لماذا وضعت المرأة في إطار تربية النشء أكثر من ممارسة العمل الدنيوي؟
___
خطبة الجمعة التي ألقاها أمير المؤمنين
سيدنا مرزا مسرور أحمد أيده الله تعالى بنصره العزيز
الخليفة الخامس للمسيح الموعود والإمام المهدي بتاريخ 2/9/2022م
في المسجد المبارك في إسلام آباد ببريطانيا
دمشق وحصارها
لا يزال الحديث جاريا عن الحروب التي دارت في عهد سيدنا أبي بكر ، سوف أذكر في هذا السياق اليوم بعض التفاصيل عن فتح دمشق الذي كان في العام الثالث عشر من الهجرة، وكانت هذه آخر المعارك في عهد سيدنا أبي بكر .
ورد عن دمشق وتاريخها أنها كانت عاصمة بلاد الشام ومدينة تاريخية. في البداية كانت مركزا كبیرا لعبادة الأوثان، ولما جاءت المسيحية جُعل معبدها الوثني كنيسة. كانت دمشق مركزا تجاريا هاما، كذلك كان يسكنها العرب، وكانت قوافل المسلمين التجارية تفد إليها، ولذلك كانوا يعرفونها. وكانت دمشق مدينة محصنة تمتاز بالمنعة والحماية. كان يحيطها سور مبنى من الحجارة الكبيرة ارتفاعه ستة أمتار، وجُعلت فيه الأبواب بمنتهى الإحكام. وكان عرض السور ثلاثة أمتار، وكانت أبوابه تغلق بإحكام فائق. وكان يحيط بالسور خندق عميق عرضه ثلاثة أمتار، وكان دائما ملآنَ بمياه النهر۔ وهكذا كانت دمشق محصنة منيعة لم يكن من السهل اقتحامها.
لما أرسل سيدنا أبو بكر جيوشا عديدة إلى الشام، جعل أبا عبيدة رضي الله عنهما أميرا على أحد هذه الجيوش وأمَره بالمسير إلى حمص التي كانت مدينة قديمة وشهيرة وكبيرة بالقرب من دمشق. وبعد أن وصل خالد بن الوليد إلى دمشق بأمر من سيدنا أبي بكر قام بمحاصرتها مع جنود الإسلام. فكان أهل دمشق يصعدون على سور حصنها ويمطرون المسلمين بالحجارة والسهام، وكان المسلمون يحتمون منها بأتراس جلدية، ويرمونهم بالسهام كلما سنحت لهم الفرصة. وطال الحصار عشرين يوما دون نتيجة. وكان أهل دمشق المحاصَرين في الحصن في معاناة شدیدة، إذ نفدت مؤونتهم، ولما كانت حقولهم خارج الحصن فقد تضررت أعمالهم الزراعية أيضا، وأصبح وصول الغلال داخله متعذرا، فقلّت المؤن، فذاقوا كربا وضيقا شديدين بطول الحصار.
حصافة رأي أبي عبيدة
وفي اليوم العشرين من حصار دمشق بلغ المسلمين أن الملِك هرقل قد جمع جندا كثيرا من الروم في أَجْنادَين. فما إن سمع خالد بن الوليد هذا الخبر حتى جاء من الباب الشرقي إلى أبي عبيدة رضي الله عنهما الذي كان على باب الجابية، وأخبره الخبر، مقترحا عليه رفع الحصار ولقاء جيش الروم في أجنادين، فإن كتب الله لنا الفتح رجعنا هنا ثانية لحل قضية دمشق. فقال أبو عبيدة إني أرى خلاف هذا، لأن أهل دمشق قد ضاقوا ذرعا من الحصار الذي طال عشرين يوما، وقد دخل رعبنا في قلوبهم.
لو رحلنا من هنا رافعين عنهم الحصار فسوف يرتاحون ويدّخرون في الحصن المأكل والمشرب بكثرة، وعندما نرجع من أجنادين يكونون جاهزين لقتالنا فترة طويلة. فنزل خالد على رأي أبي عبيدة رضي الله عنهما، وواصل الحصار، وأمر جميع زعماء المسلمين على مختلف أبواب الحصن أن يشدّد كل واحد منهم الهجوم من جهته. فشنّت الجنود الإسلامية هجمات شديدة من كل طرف كما أمرهم خالد، حتى انقضى اليوم الحادي والعشرون من حصار دمشق. وتحريضا للمسلمين على الاستمرار في شدّة الهجمات لم يزل خالد يشن الهجمات الشديدة من الباب الشرقي، حتى تضايق أهل دمشق كثيرا وكانوا ينتظرون المدد من ملِكهم هرقل. أما خالد فواصل الهجمة تلو الهجمة، وبينا هو في قتالهم إذ رأى أن الروم الذين كانوا على سور الحصن قد بدأوا فجأة في التصفيق والرقص مبتهجين. فأخذ المسلمون ينظرون إليهم في حيرة. ورأى خالد بن الوليد في ناحية نقعًا مثارا أظلمت به السماء، وصار الظلام مخيما وقت النهار أيضا. فأدرك خالد مِن فوره أن جيش الملِك هرقل قادم لنجدة أهل دمشق. وبعد قليل أكد الجواسيس مخاوفَ خالد وأخبروه أنهم قد رأوا جيشا جرارا في ناحية شعب الجبل، ولا شك أنه جيش الروم. فلم يلبث خالد أن جاء إلى أبي عبيده رضي الله عنهما وأطلعه على الوضع، وقال أريد أن نذهب بجنودنا كلهم لمواجهة الجيش الرومي الذي أرسله هرقل، فماذا ترى أنت؟ قال أبو عبيدة: هذا ليس برأيٍ، لأننا لو تركنا موطننا هذا فإن أهل الحصن سيخرجون منه ويقاتلوننا، فيهاجمنا جيش هرقل من طرف، ويهاجمنا أهل دمشق من طرف آخر، فنقع بين فكَّي الجيشين الروميين. قال خالد: فما ترى إذن؟
قال أبو عبيدة: الرأي عندي أن تختار أحد الشجعان المغاوير، وترسله مع جماعة لمواجهة العدو القادم. فجعل خالد مع ضرار بن الأزور جيشا مكونا من خمسمائة فارس وأرسله للتصدي لجيش الروم القادم. وفي رواية أن عدد فرسان كتيبة ضرار كان خمسة آلاف فارس.
على كل حال، سار ضرار بخمسة آلاف مقاتل ناحية جيش الروم، فقال له بعض جنوده لما رأوا جيش الروم: إنه جيش كبير جدا، ونحن خمسة آلاف فقط، فالأفضل أن نعود إلى جيشنا ثم نقاتلهم معًا. قال ضرار : لا تخافوا من كثرة العدو، فكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله، وسوف ينصرنا الله الآن أيضا. رفاقي إن العودة من هنا تعني الفرار من الجهاد، واللهُ لا يحب التولي يوم الزحف. أتريدون أن تلطخوا شجاعة العرب وبسالتهم بوصمة عار. ألا مَن أراد منكم فليرجع، أما أنا فسوف أقاتل العدو وأرفع كلمة الإسلام. لا رآني اللهُ فارّا مدبرا. فقال المسلمون كلهم بصوت واحد: إنا مستعدون للقتال وسوف نفدي الإسلام بأرواحنا ونفوز بالشهادة، فسرَّ ذلك ضرارا، فأمرهم بالقضاء على العدو بهجمة موحدة. ثم لم يزل ضرار والمسلمون يشنون على جيش الروم غارات متواصلة وأبلوا بلاء حسنا. وحمل ابنُ قائدِ الروم على ضرار وطعنه برمحه في يده اليسرى، فنزف منها الدم بشدة، وفي اللحظة التالية طعن ضرارٌ في قلبه بالرمح وأرداه قتيلا. ودخل الرمح في صدره وانكسرت فيه سنُّه، ولما رأى جيش الروم رمح ضرار بدون السن انقضُّوا عليه وأخذوه أسيرا، إذ لم يكن بيده سلاح.
وفيما هم في ذلك إذ رأى خالد في جيشه فارسا على متن جواد أشقر بيده رمح طويل يلمع، وكان يبدو من وضعه أنه ذو شجاعة ودهاء وحنكة قتالية، وكان يلبس ثوبا على درعه مغطيا جسده كله بما فيه الوجه، وكان يتقدم الجيش المسلم. فتمنى خالد أن يعرف مَن هذا الفارس، وقال والله إنه لشجاع مغوار على ما يبدو. كان كل الجند يمشي وراء هذا الفارس، ولما اقترب جند المسلمين من العدو رأوا هذا الفارس قد انقض عليهم انقضاض البازي على العصافير، وأحدث بغارته الواحدة زلزالا في جيش العدو، فظل يقتلهم دون هوادة ويتقدم حتى وصل إلى قلبهم.
خولة بنت الأزور، ونساء مسلمات طاولن الرجال في التضحيات
ولما رأى الصحابة وقوع ضرار في الأسر حزنوا حزنا شديد، وشنوا هجمات مضادة عديدة، ولم يستطيعوا إطلاق سراحه. ولما بلغ خالدا خبر أسر ضرار في أيدي الأعداء حزن بشدة، وجمع من رفاقه المعلومات عن جند الروم واستشار أبا عبيدة في الهجوم عليهم. فقال أبو عبيدة: يمكنك شن الهجوم عليهم بعد تدبير حصار دمشق جيدا، ذلك أن أبا عبيدة كان قائد الجيش حينها. فدبّر خالد للحصار، ثم خرج مع أصحابه في أثر العدو، وأمرهم بأن يباغتوا العدو بالهجوم بمجرد أن يروهم، وقال إن كانوا لم يقتلوا ضرارا بعدُ فلعلنا نفكُّ أسره، أما إذا كانوا قد قتلوه فوالله سوف ننتقم منهم شر انتقام، غير أني آمل من الله تعالى أنه لن يفجعنا في ضرار.
وفيما هم في ذلك إذ رأى خالد في جيشه فارسا على متن جواد أشقر بيده رمح طويل يلمع، وكان يبدو من وضعه أنه ذو شجاعة ودهاء وحنكة قتالية، وكان يلبس ثوبا على درعه مغطيا جسده كله بما فيه الوجه، وكان يتقدم الجيش المسلم. فتمنى خالد أن يعرف مَن هذا الفارس، وقال والله إنه لشجاع مغوار على ما يبدو. كان كل الجند يمشي وراء هذا الفارس، ولما اقترب جند المسلمين من العدو رأوا هذا الفارس قد انقض عليهم انقضاض البازي على العصافير، وأحدث بغارته الواحدة زلزالا في جيش العدو، فظل يقتلهم دون هوادة ويتقدم حتى وصل إلى قلبهم. كان قد ألقى نفسه في التهلكة، فكَرَّ راجعًا يشقّ طريقه ويقتحم في صفوف الكفار ويمزق كل من يتصدى له، حتى ظن البعض أن هذا الفارس ليس إلا خالد نفسُه. وقال رافع لخالد مندهشا: مَن هذا الفارس؟ قال لا أدري، وأنا الآخر أريد أن أعرف من هو.
وبينما خالد واقف أمام الجيش إذ ظهر ذلك الفارس من جند الروم راجعا وهو يقاتل عدة مقاتلين في وقت واحد، ولم يقو أحد منهم على الصمود أمامه. فشنّ خالد الهجوم على الكفار وأخرج الفارس من حصارهم حتى لحق بجيش المسلمين. فقال له خالد: يا هذا قد صببت جام غضبك على أعداء الله، فمَن أنت؟ فلم يجبه الفارس، وتجهز لشن هجمة أخرى. فقال له خالد: يا عبد الله، حيرتني في أمرك وحيَّرت المسلمين جميعهم، تقاتل بلا هوادة غير مبال بالعواقب، فمن أنت؟ ولما أصر عليه خالد قال: إني لم أعرض عن الجواب عصيانا لك، وإنما خجلا وحياء، لأني لست رجلا بل أنا امرأة، لقد أنزلتني صدمتي إلى ساحة القتال. قال خالد: من أنتِ؟ قالت: أنا أختُ ضرارٍ، خولةُ بنت الأزور. لما علمتُ بأسر أخي، فعلتُ ما قد رأيتَ. فقال خالد: يجب أن نشن هجوما موحدا، عسى الله تعالى أن يفكّ أسر ضرار. قالت خولة: سوف أكون أنا أيضا في مقدمة المهاجمين. ثم قام خالد بشن غارة مكثفة فزلت أقدام الروم، فتشتّتوا. وأبلى رافع في المعركة بلاء حسنا.
خطة إنقاذ ضرار بن الأزور من الأسر
بينما كان المسلمون يستعدون لهجمة مكثفة أخرى، إذ جاء إليهم بعض الفرسان من جنود الكفار مسرعين يطلبون الأمان، فقال خالد: آتُوهم الأمان وأْتوني بهم.
ثم سألهم خالد: من أنتم؟ قالوا نحن من جنود الروم ومن أهل حمص ونريد الصلح. قال خالد: أما الصلح فسيتم بعد الوصول إلى حمص، ولا يمكن أن نعقد الصلح هنا قبل أوانه، غير أننا نعطيكم الأمان، وعندما يحكم الله بأمره ويجعلنا غالبين عندها سنتكلم معكم في حمص. وهل تعلمون شيئا عن أحد شجعاننا الذي قتلَ ابن زعيمكم؟ قالوا: لعلك تسألنا عن الذي كان عاري الجسد وقتل العديد من رجالنا بمن فيهم ابن زعيمنا. قال خالد: نعمْ، هو هو. قالوا: عندما أُسر ذلك ونُقل أو أُحضر إلى وردان أرسله إلى حمص في مائة من الفرسان ليوصلوه إلى الملِك.
ففرح خالد بسماع ذلك ودعا رافعا وقال إنك لخبيرٌ بالطرق، فاخترْ جماعةً من الفتيان ممن شئت، واذهبْ بهم وأطلِقْ سراح ضرار قبل أن يصل إلى حمص، وخذْ أجرك عند الله تعالى.
فاختار رافع مئة من الفتيان، وبينما كان يهمّ بالمسير إذ توسلت خولة إلى خالد وحصلت منه على الإذن في المسير معهم، فخرج هؤلاء جميعا إلى حمص تحت قيادة رافع لإطلاق سراح ضرار. وسار رافع على جناح السرعة، ولما وصل إلى مكان في الطريق قال لأصحابه افرحوا فإن جماعة الأعداء لم تتقدم هذا المكان بعدُ. ثم إنه أخفى جماعة من أصحابه هنالك كمينا للعدو. وبينما هم كامنون إذا بغبرة لاحت لهم في الأفق، فقال رافع للمسلمين: أيقِظوا خواطركم. وكان المسلمون جاهزين في الكمين، فوصلت جماعة الروم التي كان ضرار أسيرا فيها، وهو ينشد الأبيات التالية بمنتهى الألم والحرقة:
ألا بلِّغا قومي وخولةَ أنني
أسيرٌ رهينٌ موثَقُ اليد بالقيدِ
.
وحولي علوج الروم من كل كافرٍ
وأصبحتُ معهم لا أعيد ولا أبدي
.
فيا قلبِ مُتْ همًّا وحزنًا وحسرةً
ويا دمعَ عيني كُنْ معينًا على خدّي
فنادته خولة بصوت عال: قد أجاب الله دعاءك وجاءك المدد، أنا أختك خولة. ثم كبّرتْ عاليا وحملتْ على العدو وكبّر وحمل معها المسلمون الآخرون. فتمكنوا من هذه الكتيبة وقتلوهم عن بكرة أبيهم. وخلّص الله ضرارا، ونال المسلمون الغنائم. وفكّت خولة قيد أخيها بيدها، وسلّمت عليه. فأشاد ضرار بما فعلته أخته ورحب بها، ثم ركب جواده آخذا بيده قناة طويلة، وشكر الله تعالى. لقد غمرت المسلمين الفرحة بنجاة ضرار في ذلك الموضع الذي أطلق فيه سراحه، أما في دمشق فحمل خالد على وردان حملة شعواء وألحق به هزيمة نكراء، وفرّ القوم فتعقَّبَهم المسلمون، والتقوا بضرار وغيره من المسلمين. وأُرسلتْ بشرى النصر إلى أبي عبيدة، وأيقن المسلمون أن فتح دمشق وشيك الآن.
حكمة أبي عبيدة تتجلى ثانية
كان الجيش الإسلامي رابضا عند دمشق محاصرا لحصنها، إذ جاء إلى خالد بن الوليد عبّادُ بن سعيد من بُصرى وبلّغه أن الروم قد جمعوا في أجنادين جيشا قوامه 90 ألف مقاتل. فاستشار خالد أبا عبيدة رضي الله عنهما، فقال أبو عبيدة إن جنودنا متفرقون في أماكن مختلفة في بلاد الشام، فاكتبْ لهم جميعا أن يلتقوا بنا في أجنادَينِ، ونحن أيضا نسير إلى أجنادين تاركين حصار دمشق. وكان خبر هزيمة وردان وتفاصيل مقتلِ ابنه قد بلغ هرقلَ، فزجره زجرا شديدا وكتب إليه: بلغني أن العرب العراة الجياع قد هزموك وقتلوا ابنك، فلم يترحم عليه المسيح ولا أنت، ولولا أنك شهير بالشجاعة والضرب لقتلتك. على كل حال، لقد مضى ما مضى، وإني قد سيّرت إلى أجنادين جيشا قوامه 90 ألف جندي، وقد جعلتك أميرا عليهم. أمرَ خالد جنوده بإنهاء حصار دمشق والمسيرِ إلى أجنادين. فما لبثوا أن بدأوا ينزعون الخيام ويحملون الأسباب على الجمال، وجعلوا الإبل التي عليها الغنائم والأموال والأسباب في الوراء مع النساء والأطفال وكان باقي الجنود في الأمام، وقال خالد لأبي عبيدة: أرى أن أكون وراء الجيش مع جماعة النساء والأطفال وتكون أنت مع باقي الجنود أمامنا. فقال أبو عبيده قد يكون وردان خرج بجنوده من أجنادين إلى دمشق وقد نلتقيه في الطريق، فإن كنتَ أمام الجيش تصديت له وقاتلتَه، فالأفضل أن تبقى في مقدمة الجيش وأنا أكون في مؤخرته. قال خالد الرأي رأيك ولن أعمل خلاف ما اقترحتَ.
فقال بطرس: أمسكوهن حيَّاتٍ وأوصى باعتقال السيدة خولة حية. فكان حولهن ثلاثة آلاف من الروم ولم تزل النساء لا يدنو إليهن أحد من الروم إلا ضربن قوائم فرسه فإذا تنكس عن جواده بادرت النساء بالأعمدة فيقتلنه ويأخذن سلاحه وهكذا قتلن ثلاثين فارسا، فلما نظر بطرس إلى ذلك غضب غضبًا شديدًا وترجل وهاجم النساء مع أصحابه، لكنهن اجتمعن وتماسكن وقاومن جميعا ولم يقترب منهن أحد. ثم قال بطرس مخاطبا السيدة خولة: ارحمي نفسك فإني مكرمك، أما ترضين أن أكون أنا مولاك ويكون لك كل عقاراتي؟ فقالت له: أيها الكافر الشقي، والله لئن ظفرتُ بك لأقطعنّ رأسك بهذا الخشب، والله ما أرضى بك أن ترعى لي الغنم والإبل فكيف أرضاك أن تكون لي كفؤا
رؤيا امرأة بولص
لما رأى أهل دمشق جيش المسلمين قد سار رافعًا حصاره لها بدأوا يقفزون ويصفقون مبتهجين واختلفت آراؤهم في مسير جيش المسلمين، فقال بعضهم: بلغهم خبر اجتماع جيشنا العظيم في أجنادين، وهم ذاهبون للحاق بجيشهم الآخر في بلاد الشام. وقال بعضهم لقد ضاقوا ذرعا من طول الحصار وهم ذاهبون الآن للهجوم على مكان آخر، حتى قال بعضهم إنهم يفرون عائدين إلى بلاد الحجاز.
واجتمع أهل دمشق كلهم عند شخص يدعى بُولُص، ولم يكن قد واجه الصحابةَ من قبل، وكان وراميا بارعا وموضع ثقة عند هرقل، وجعله أهل دمشق أميرًا عليهم وأقنعوه بكل نوع من الإغراء بقتال المسلمين، حالفين له أنهم لن يولوا الدبر في ساحة القتال، ومن هرب منا فله أن يقتله بيده. ولما فرغوا من إعطاء العهود والمواثيق له دخل بولص بيته وبدأ يلبس الدرع، فقالت له امرأته أين تذهب؟ قال: لقد اختارني أهل دمشق أميرا عليهم وإني ذاهب الآن لقتال العرب. قالت: لا تفعل هذا، بل اجلس في بيتك، فلا قِبل لكم بالعرب، ولا تحاربهم بدون داع، فقد رأيت اليوم في المنام أن في يدك قوسا صدتَ بها العصافير في الجو، فسقطت بعضها جريحة، ولكنها قامت وطارت مرة أخرى. وبينما كنت أستغرب من ذلك إذ جاءت عديد من العُقبان وانقضت عليك وعلى أصحابك ودمرتكم تدميرا. قال بولص: هل رأيتني أنا أيضا في المنام؟ قالت نعم، وكان أحد العقبان نقرك نقرة قوية فأغمي عليك. فلما سمع بولص كلامها لطم وجهها وقال: قد وقر رعب العرب في قلبك وهو مسيطر عليك في المنام أيضا، فلا تخافي ولا تحزني، فإني سأجعل أمير العرب خادمًا لك، وأصحابه رعاة أغنامك وخنازيرك. ثم لم يلبث بولص أن خرج بسرعة وراء المسلمين لقتالهم في ستة آلاف من الفرسان و10 آلاف من المشاة، وتعقبَ جيش المسلمين المكون من ألف شخص تحت قيادة أبي عبيده والذي كانت فيه النسوان والولدان والأموال والمواشي. فاستعد المسلمون لمواجهتهم، وأدركهم جيش الكفار بسرعة فائقة يتقدمهم بولص، فلم يلبث أن هجم مع 6 آلاف من جنوده على أبي عبيدة.
وتقدم بطرسُ أخو بولص مع المشاة ناحيةَ النساء وأسرَ بعضهن ورجع بهن إلى دمشق، وجلس في الطريق ينتظر أخاه. لما رأى أبو عبيدة هذه الفاجعة المفاجئة قال: لقد كان خالد مصيبا في رأيه بأن يبقى هو وراء الجيش. كانت النسوة والأطفال يصرخون، فقاتل المسلمون الذين كان عددهم ألف جندي الكفارَ ببسالة، وهجم بولص على أبي عبيدة مرارا، فتصدى له بقوة. ووصل سهلٌ إلى خالد رضي الله عنهما على صهوة جواد سريع وأخبره الخبر. فقال خالد: إنا لله ..، ثم أرسل لحماية النسوان والأطفال رافعًا وعبد الرحمن بن عوف بجيش قوامه ألف فارس. ثم سيّر جيشا آخر من ألف فارس تحت إمرة ضرار، ثم سار بنفسه مع الجنود للقاء العدو. وبينما كان أبو عبيدة يقاتل بولص، إذ جاءه مدد المسلمين من مناطق مختلفة، فشنوا على الروم المهاجمين القادمين من دمشق حملة شعواء، فأيقن الروم بالخزي والهوان، وتقدم ضرار نحو بولص كأنه شعله، فلما رآه بولص عرَفه وارتعدت فرائصه، ثم نزل من حصانه وفرّ، فتعقبه ضرار وأخذه حيًّا وأسَره.
في هذه المعركة بقي مائة شخص من مجموع ستة آلاف من الكفار، وكان سيدنا ضرار قلقا لأن السيدة خولة كانت قد أُسرت، فقال له خالد: لا تجزع، لقد أسرنا منهم أناسا نستطيع أن نخلص أسرانا مقابلهم بسهولة.
أخذ خالد معه ألفي جندي، وسلّم بقية الجيش لسيدنا أبي عبيدة لحماية النساء، وخرج بنفسه متعقبا الأسيرات المسلمات. فوصل سريعا إلى مكان كان العدو قد أسرهن فيه، فرأى الغبار وتعجب لماذا القتال هنا؟ فتبين له أن بطرس أخا بولص توقف هنا بعد أَسر النساء ينتظر أخاه ثم بدأوا يتوزعون النساء فقال بطرس عن السيدة خولة: هذه لي. فحبسوا النساء في خيمة وبدأوا يستريحون وكانوا ينتظرون بولص أيضا، فكانت من بينهن فارسات باسلات يعرفن فنون الحرب والقتال. فاجتمعن وقالت لهن السيدة خولة: يا بنات حمير وبقية تبَّع أترضين بأنفسكن أن يجعلكن كفار الروم إماء؟ فأين شجاعتكن وبراعتكن التي نتحدث بها عنكن في أحياء العرب ومحاضر الحضر ولا أراكن إلا بمعزل عن ذلك، وإني أرى القتل عليكن أهون من هذه المصائب فقالت لها صحابية:
ووالله يا خولة أصبت فيما قلت، لكننا أسيرات وليس بأيدنا سيف ولا نملك خيلا ولا سلاحا، إذ قد أسرَنا العدو بغتة، فقالت لها خولة تعقلن، فلدينا أعمدة الخيمة، فلنهاجم بها هؤلاء الأشقياء، فسوف ينصرنا الله وإما أن ننتصر أو نُقتل. تناولت كل واحدة عمودًا من أعمدة الخيام وألقت خولة على عاتقها عمود الخيمة وتقدمت ثم قالت لهن وكنَّ كالحلقة الدائرة ولا تتفرقن فتقتلن جميعا، ثم قدمت فقتلت أحد الكفار الروم فذهل الروم بشجاعتهن فقال بطرس، يا ويلكن ما هذا؟ قلن: اليوم قررنا أن نعالج بهذه الأعمدة أدمغتكم ونحفظ شرف أسلافنا بقتلكم. فقال بطرس: أمسكوهن حيَّاتٍ وأوصى باعتقال السيدة خولة حية. فكان حولهن ثلاثة آلاف من الروم ولم تزل النساء لا يدنو إليهن أحد من الروم إلا ضربن قوائم فرسه فإذا تنكس عن جواده بادرت النساء بالأعمدة فيقتلنه ويأخذن سلاحه وهكذا قتلن ثلاثين فارسا، فلما نظر بطرس إلى ذلك غضب غضبًا شديدًا وترجل وهاجم النساء مع أصحابه، لكنهن اجتمعن وتماسكن وقاومن جميعا ولم يقترب منهن أحد. ثم قال بطرس مخاطبا السيدة خولة: ارحمي نفسك فإني مكرمك، أما ترضين أن أكون أنا مولاك ويكون لك كل عقاراتي؟ فقالت له: أيها الكافر الشقي، والله لئن ظفرتُ بك لأقطعنّ رأسك بهذا الخشب، والله ما أرضى بك أن ترعى لي الغنم والإبل فكيف أرضاك أن تكون لي كفؤا. فقال بطرس: اقتلوهن.
كان جیشهم یستعد للهجوم مجددا حتى وصل إلى هناك جيش المسلمين تحت قيادة خالد بن الوليد الذي اطلع على الظروف السائدة، وسُرّ كثيرا بشجاعة النساء وتصديهن لجيش العدو. ثم أحاط بجيشه كله بالكفار وهاجم دفعة واحدة. صرخت خولة قائلة: لقد جاء النصر من الله، وقد رحمنا الله. فلما رأى بطرسُ المسلمين اضطرب بشدة وأراد الهروب، ورأى فارسَين مسلمَين قادمين إليه، وهما خالد والآخر ضرار. فرماه ضرارٌ بسهم فكاد يسقط من فرسه. ثم رماه ضرار ثانية فقُتل في الحال. قتل المسلمون عددا لا بأس به من الروم ومن بقي منهم هربوا إلى دمشق.
حصار دمشق للمرة الثانية
لما عاد خالدٌ دعا بولسَ وعرض عليه الإسلام، وقال: أسلِم وإلا ستُعامل كما عومل أخوك. سأل بولس: كيف عومل أخي؟ قال خالد: قُتل. لما عرف بولس ما جرى مع أخيه قال: لا طعم للحياة الآن، فأوصِلني أيضا مع أخي، فقُتل هو أيضا. ثم اجتمع جيش المسلمين في أجنادين، كما سبق ذكره.
فهكذا تمت محاصرة دمشق للمرة الثانية. وقد ورد عن محاصرة دمشق الثانية بعد هذه الحرب أنه بعد فتح أجنادين أمر خالد جيش المسلمين بالرحيل إلى دمشق. كان أهل دمشق قد اطلعوا سلفا على هزيمة جيش الروم في أجنادين. ولكن لما بلغهم أن جيش المسلمين قادم إلى دمشق قلقوا بشدة. وتحصّن السكان على أطراف دمشق في القلعة وجمعوا فيها قدرا لا بأس به من الغلال والأشياء الضرورية الأخرى. وأوصلوا إلى جدران القلعة الحجارة والتروس والسهام والرماة وغيرها من العُدة والعتاد لدفع الهجوم عن المحاصرين من جدران القلعة. نزل الجيش الإسلامي قرب دمشق وحاصر القلعة. عيّن خالدٌ القادة مع جيوشهم على جميع أبواب دمشق. كان توما حاكم دمشق آنذاك، فقال له زعماء دمشق وأصحاب الرأي السديد أن لا طاقة لنا بمواجهة جيش المسلمين. فإما أن نطلب المدد من هرقل أو أن نتصالح مع المسلمين، وننقذ حياتنا بإعطائهم ما يطلبون. فقال توما برعونة واستكبار: لا أرى للعرب أية أهمية، أنا صهر هرقل الأعظم وبارع في فنون الحرب فلن يقدر المسلمون على أن يطأوا المدينة بأقدامهم وأنا حيّ. وطمأن الزعماء قائلا: هناك جيش كبير قادم قريبا من هرقل لنصرتنا. وأمر توما بشن الهجوم الشديد على المسلمين من جميع النواحي.
لقد ظن أهل دمشق بأن المسلمين لا يستطيعون أن يصمدوا أمام طول الحصار وخاصة في أيام الشتاء، إلا أن المسلمين، صمدوا أمام تغيرات الطقس، فقد عمل المسلمون على إشغال الكنائس المتروكة بالغوطة والمنازل الخالية من أهلها ليرتاح فيها المجاهدون، وفق أسلوب أسبوعي تتبادل قوات الجبهة التي على الأبواب مع قوات من الخلف، وبهذا التنظيم يستمر الحصار مهما طال الزمن.
أم أبان بنت عتبة تثأر لزوجها
خلال الهجمات التي شنها الروم بقيادة توما، قُتل العديد من المسلمين. وأصيب أبان بن سعيد أيضا بسهم مسموم. بعد إخراج السهم ربط أبان العمامة على الجرح ولكن سرى السم في جسمه سريعا حتى سقط مغشيا عليه وبعد هنيهة نال مرتبة الشهادة.
وكان قران أبان قد عُقد على أمّ أبان في أثناء حرب أجنادين وكان لون الحناء في يدها ورائحة العطر في رأسها لا تزال موجودة. (أي كان الزواج حديثا) كانت أم أبان من العربيات الباسلات والسباقات في الجهاد. لما بلغها خبر استشهاد زوجها جاءت مسرعة متعثرة ووقفت عند جثة زوجها بالصبر والثبات ولم تنطق بكلمة تنم عن جزع، وأنشدت بعض الأبيات في فراق زوجها. صلّى خالد بن الوليد صلاة الجنازة على الشهيد. بعد مراسم الدفن دخلت أمُّ أبان خيمتها بعزم محكم وإرادة قوية، أخذت أسلحتها وكمّمت وجهها بثوب ووصلت إلى باب توما حيث قُتل زوجها وكانت الحرب هناك حامية الوطيس. ظلت أمّ أبان تقاتل مع المسلمين بشجاعة عظيمة وجرّحت وقتلت عديدا من الروم بسهامها. استهدفت توما منتهزة الفرصة، وكان في يده صليب كبير مصنوع من الذهب ومرصّع باليواقيت والجواهر الثمينة. كان توما يحث حَمَلَةَ الصليب الأعظم من الروم على القتال ويدعو بالفتح والانتصار بواسطة الصليب، وما لبث أن أصابه سهم أمّ أبان حتى سقط الصليب من يده وأخذه المسلمون. فلما رأى توما أن الصليب وقع في أيدي المسلمين نزل إلى الأسفل مع أصحابه لاستعادة الصليب وأخذ يقاوم المسلمين بفتح الباب. وفي هذه الأثناء بدأ الروم أيضا بشن الهجمات بشدة من فوق القلعة. عندها استهدفت أمّ أبان منتهزة فرصةً عين توما وأعمتها إلى الأبد. عندها اضطر توما إلى التقهقر مع أصحابه فدخلوا القلعة وأغلقوا أبوابها على أنفسهم. قال أهل الشام بالنظر إلى ما تعرض له توما: لقد قلنا لك أننا لا نستطيع مواجهة العرب لذا لا بد من إيجاد طريقة للصلح معهم. فاستشاط توما غضبا وقال لأصحابه: سوف أفقأ ألف عينٍ للعرب مقابل عيني الواحدة. كان أهل دمشق يتوقعون قدوم جيش من حمص قوامه عشرون ألفا، ولكن جيش المسلمين عينوا كتيبة على طريق دمشق، وأوقفوا الجيش القادم من حمص. أحكم المسلمون حصار دمشق، وضیقوا على العدو بوابل من السهام وقذائف المنجنيق. ويئس أهل دمشق من وصول المدد، وبالنتيجة نشأ فيهم الجبن والضعف، وتخلوا عن مزيد من الجهد والسعي. وكانت النتيجة أن ازداد حماس المسلمين لإلحاق الهزيمة بالعدو.
هل كان فتح دمشق صلحا أم قتالا؟!
لقد ظن أهل دمشق بأن المسلمين لا يستطيعون أن يصمدوا أمام طول الحصار وخاصة في أيام الشتاء، إلا أن المسلمين، صمدوا أمام تغيرات الطقس، فقد عمل المسلمون على إشغال الكنائس المتروكة بالغوطة والمنازل الخالية من أهلها ليرتاح فيها المجاهدون، وفق أسلوب أسبوعي تتبادل قوات الجبهة التي على الأبواب مع قوات من الخلف، وبهذا التنظيم يستمر الحصار مهما طال الزمن.
ولم يقف المسلمون عند هذا الحد، وإنّما استمرت استطلاعاتهم الميدانية والهندسية لمنظومة الموانع المعادية، وتمكن خالد بن الوليد من انتخاب منطقة عبور ملائمة في هذه المنظومة، يمكن من خلالها اقتحام مدينة دمشق، فوقع الاختيار على أحسن مكان يحيط بدمشق وأكثره ماء وأشده مدخلاً، كما جهز حبالاً كهيئة السلالم توضع على الجدران لتساعد على تسلق الأسوار.
وقد علم خالد بن الوليد أن بَطريق دمشق (الذي كان قائدا لكتيبة تضم عشرة آلاف جندي من جيش الروم) قد رُزق ولدا وأن الناس بمن فيهم حراسه في وليمة، فانشغل أفراد جيش الروم بالأكل والشرب وناموا وأهملوا واجباتهم. فوصل خالد مع جماعته إلى السور بعد أن عبروا الخندق بواسطة القِرب، ورموا عليه الحبال التي هي بهيئة السلالم ثم لم يدَعوا أحبولة إلا أثبتوها، فارتقى عدد كبير من المسلمين السور بواسطة الحبال، وانحدروا إلى الداخل ووصلوا إلى الأبواب، وقطعوا سلاسل الأبواب بسيوفهم وبذلك اقتحمت الجيوش الإسلامية دمشقَ. فحين فرضتْ كتيبةُ سيدنا خالد السيطرة على الباب الشرقي، طلب الروم الصلحَ فزعين من سيدنا أبي عبيدة الذي كان على الباب الغربي، مع أنهم كانوا قد رفضوا طلب المسلمين للصلح من قبل، وأصروا على القتال، لكن سيدنا أبا عبيدة وافق على الصلح بكل سرور. ففتح الرومُ أبواب الحصن، وقالوا للمسلمين تعالوا بسرعة وأنقذونا من المهاجمين من هذا الباب أي سيدنا خالد. فدخل المسلمون المدينة من كل أبوابها بصلح، ودخل سيدنا خالد من بابه مقاتلا، فالتقى بقية الأمراء الأربعة في وسط المدينة. ومع أن سيدنا خالدا كان قد فتح جزءا من دمشق بالقتال، لكن لما كان سيدنا أبو عبيدة قبِل منهم الصلح، لذا قد سُلِّم بشروط الصلح في المنطقة المفتوحة أيضا.
هنا أود أن أوضح أن بعض المؤرخين يقولون إن دمشق قد فُتحت في عهد سيدنا عمر لكن هذه المعركة كانت قد بدأتْ في عهد سيدنا أبي بكر وحين أُرسل خبر الفتح إلى المدينة كان سيدنا أبو بكر قد توفي. هذه كانت آخر الحروب في عهد سيدنا أبي بكر .
في نهاية الخطبة صلى حضرته جنازة الغائب على بعض المرحومين وذكر نبذة من حياتهم.