- بم يمكننا الرد على القائلين بأن الحجاب قيد إضافي مفروض على المرأة؟
- هل اعترف المعترضون على الحجاب بضرورته حقا؟ وكيف؟
- ماذا نعني من القول بأن الحجاب قيمة حضارية عليا؟
____
بين يدي هذه المراجعة
لا تحدثني عن عدد أتباعك ومريديك، ولكن حدثني عن مبغضيك، فإن لم يكن لك مبغضون، فلست بشيء يُذكر! ولقد اعتدنا سماع أقوال من قبيل أن المرء كلما ينجح يكثر حاسدوه، والحق أن هذا القول تؤيده مشاهد شتى من حياتنا اليومية، بل إنه ليصدق كذلك على تفاصيل العالم الروحاني.. وكما قال القاضي أبو بكر بن العربي:
ورسالة الإسلام الحقة، بما تتضمنه من مقدسات وتعاليم ورموز، لم تكد فيما خلا من الأيام تسلم من سهام انتقاد الأغيار، واليوم هي دريئة سهام المسلمين أنفسهم من أشياع أولئك الأغيار.
هذا الكتاب
هذا الكتاب موضوع مراجعتنا لهذا الشهر من اطلاعنا على عنوانه الثانوي، يبدو في مُجمله اقتباسات من إرشادات حكيمة وزاخرة بالمعرفة لسيدنا مرزا مسرور أحمد، (أيده الله تعالى بنصره العزيز)، الخليفة الخامس للمسيح الموعود .
وعلى مبعدة من الجدال المحتدم والفارغ بين القائلين بثبوت فرضية الحجاب وأولئك النافين لها، فإن الكتاب موضوع تناولنا يُعدُّ سباحةً في فَلَكِ الحكمة الإلهية من تشريع الحجاب، وغوصا في أعمق أعماق النفس الإنسانية.
يُفتتح هذا الكتاب القيِّم بمقدمة شديدة التركيز والإيجاز لحضرة أمير المؤمنين مرزا مسرور أحمد، الخليفة الخامس للمسيح الموعود ، بيَّن فيها طبيعة الكتاب ومحتواه، فذكر أن محتواه عبارة عن استلالات حول موضوع «الحجاب» من خُطب وخطابات حضرته المطولة، في مناسبات مختلفة في ضوء القرآن الكريم وأقوال المسيح الموعود ، كما أشار حضرته (نصره الله) أن تلك المقتبسات ترسم من جوانب مختلفة صورة الحجاب الذي ينبغي أن تجعله المرأة المسلمة بوجه عام، والمسلمة الأحمدية بوجه خاص نُصب عينيها في حياتها دائما، وأن عليها أن تُظهر نموذجا حسنا بهذا الشأن في كل موقف.(2)
ويضم هذا الكتاب بين دفتيه مقتبسات من خطب سيدنا أمير المؤمنين نصره الله وخطاباته ورسائله ودروسه وتوجيهاته الحكيمة ونصائحه القيّمة الموجهة إلى الهيئات الإدارية، على مدى أربعة عشر عامًا، تبدأ من عهد خلافة حضرته الميمون، والذي بدأ عام 2003م، وتمتد الفترة الزمنية التي تُعزى إليها مادة هذا الكتاب حتى عام 2017م.
فمن مزايا الحجاب في الشرع الإسلامي أنه يقبل بإمكانية أن يقع النظر على أحد فجأة، وهذا أمر طبيعي وعادي. ولكن قيل للنساء أن يخرجن من البيت مراعيات الحجاب، وألا يُظهرن زينتهن إلا ما ظهر منها عفويًّا. ومن ناحية ثانية أُمر الرجال أن يغضّوا من أبصارهم، وإذا اضطروا الجلوس في الطرقات فلا بد من غض البصر، وإذا وقع النظر فجأة، فيجب صرفه فورا حتى يتكون مجتمع طيب
حجاب النساء، إجراء وقائي من نظرة الفجأة
انطلاقا من انتقاد خصوم الإسلام لتشريع الحجاب، بدعوى أنه قيد إضافي مفروض على المرأة المسلمة، بينما الرجل المسلم في حِلٍّ منه، يشرع حضرة أمير المؤمنين (نصره الله) في تقرير حقيقة روحانية، مفادها أن التكاليف الشرعية موزعة بالتساوي من حيث المقدار على الرجل والمرأة، وإن اختلفت في النوعية، بمعنى أن الحجاب ليس قيدا إضافيا فرضه الله على المرأة، فإن كان للمرأة حجابها الذي ترتديه حفظا لنفسها وصيانة لجسدها، فللرجل أيضا حجابه، الذي يليق به، فقد أُمروا أولا وحتى قبل النساء، أن يغضوا من أبصارهم، فلو فعلوا ذلك لتلاشت الكثير من السيئات تلقائيا. يقول المسيح الموعود :
فمن مزايا الحجاب في الشرع الإسلامي أنه يقبل بإمكانية أن يقع النظر على أحد فجأة، وهذا أمر طبيعي وعادي. ولكن قيل للنساء أن يخرجن من البيت مراعيات الحجاب، وألا يُظهرن زينتهن إلا ما ظهر منها عفويًّا. ومن ناحية ثانية أُمر الرجال أن يغضّوا من أبصارهم، وإذا اضطروا الجلوس في الطرقات فلا بد من غض البصر، وإذا وقع النظر فجأة، فيجب صرفه فورا حتى يتكون مجتمع طيب.(4)
المعترضون على الحجاب يعترفون بضرورته
«لقد بدأ المعترضون على تعليم الإسلام يقرّون الآن بأنفسهم بأنّ الفصل بين الرجال والنساء في بعض المواطن هو الأفضل. وقد بدأت الأصوات تتصاعد في بعض الأماكن لإنشاء مجتمعات منفصلة للرجال والنساء، وقد نشأ الشعور في الأوساط الدينية والمجتمع الدنيوي كذلك بأن تكون للنساء والرجال هوية مستقلة وأن تبقى الفئتان منفصلتان عن بعضهما. والذين يتهموننا بالفصل بين الشريحتين بدأوا يقرّون الآن بأنه يجب الفصل بينهما في بعض الأماكن.»(5)
الحجاب قيمة حضارية عليا
في سياق الكتاب المتصل ربط حضرته نصره الله ارتداء اللباس المحتشم والوقور بالقيم الحضارية العليا فبين أن الخائضين في اللهو واللعب من أهل كثير من المجتمعات المحسوبة على التحضر يقومون بتصرفات مشينة في الشوارع والأزقة تحت دعوى حرية التعبير، وقد تردَّت حال لباسهم بحيث يَبدون وكأنهم عراة، وهم يحسبون هذا اللباس شبه العاري تحضُّرا.(6) وأيَّد حضرته هذا موقفه من اللباس العاري أو شبه العاري بقوله: «كان السكان الأصليون العائشون في الصحاري والبراري في بعض البلاد الفقيرة في العالم الثالث إلى الأمس القريب لا يلبسون الثياب، وكان أهل أوروبا ينعتونهم بالوحوش والهمج المتجردين من القِيم، ولكن عندما يقوم أهل أوروبا بأنفسهم بمثل هذه التصرفات، تُعدّ تصرفاتهم حضارة!
وأخيرًا، فهذا الكتاب
على الرغم من أن مُجمل مادته موجهة إلى السيدات بوجه خاص، وبقراءته تتبين جيدا أهميّة أمر الإسلام بالحجاب وبركاته، إلا أن فائدته لا تقتصر على السيدات وحسب، إذ اشتمل على تعاليم الإسلام الحكيمة للرجال أيضا حول العفّة وغض البصر، وبالعمل بتلك التعاليم كما هو حقها يمكن للرجال والنساء اجتناب المساوئ الأخلاقية المنتشرة في العصر الراهن. ندعو الله تعالى أن يوفقنا لنجعل هذه النصائح الثمينة والإرشادات الحكيمة نصب أعيننا دائما ويوفقنا للعمل بها.
الهوامش:
- أبو بكر بن العربي، العواصم من القواصم: 1\244
- انظر: مرزا مسرور أحمد، الحجاب، ص5، الطبعة 1، قسم لجنة إماء الله المركزية، لندن، 2021
- مرزا غلام أحمد القادياني، فلسفة تعاليم الإسلام، تقرير مؤتمر الأديان العظمى، ص 102-103، نقلا عن تفسير المسيح الموعود مجلد 3 ص: 444
- مرزا مسرور أحمد، الحجاب الطبعة 1، قسم لجنة إماء الله المركزية، لندن، 2021
- مرزا مسرور أحمد، خطاب إلى النساء بمناسبة الجلسة السنوية في بريطانيا بتاريخ 29/7/2017م، في حديقة المهدي
- انظر: مرزا مسرور أحمد، خطاب إلى النساء بمناسبة اجتماعهن السنوي في ألمانيا، بتاريخ 11/6/2006م، منشور في جريدة الفضل العالمية بتاريخ: 19/6/2015م.