الضرورة، دليل صدق المسيح الموعود
- كيف كان دليل الضرورة في صالح سيدنا المسيح الموعود (ع)؟
- كيف أن من شأن نبذ دليل الضرورة أن يصل منكره إلى إنكار كمالات الله تعالى تدريجيا؟
___
أيّها الناس.. تمّتْ عليكم حجة الله فإلامَ تفرّون؟ وإن آياته من كلّ جهةٍ ظهرت، والإسلام نـزل في غار الغربة وأوامره تعطّلت، وكلّ آفةٍ عليه نزلت، وكلّّ مصيبةٍ كشرت له أنيابها، وكلّ نحوسةٍ فُتح عليه بابها، والألْفُ السادس الذي وُعد فيه ظهور المسيح قد انقضى، فما زعمكم.. أأخلفَ الله وعده أو وفّى؟ ألا ترون كيف اتّفقت الأمم على خلاف هذه الملّة، وصالوا عليه متّفقين كسباع تخرج من الأَجَمة الواحدة، وبقي الإسلام كوحيدٍ طريد، وصار غَرَضَ كلِّ مَريدٍ، وللأغيار عيدٌ، وقمرُنا ذو القعدة، قَعَدْنا كالمنهزمين من الكَفَرة بكمال الخوف والرِّعْدة، وهم يطعنون في ديننا ولا كطَعْن الصَّعْدة؟ فعند ذلك بعثني ربّي على رأس المائة. أتزعمون أنه أرسلني من غير الضرورة؟ ووالله إنّي أرى أن الضرورة قد زادتْ من زمانٍ سَبَقَ، وولّى الإقبال كغلامٍ أَبَقَ. وكان الإسلام كرجل لطيف البُنْية، مليح الحلْية، والآن ترى على وجهه سواد البدعات، وقروح المحدَثات، ونُقل إلى الغثّ سمينُه، وإلى الكدر مَعينُه، وإلى الظلمات نوره، وإلى الأخْرِبة قصوره، وصار كدارٍ ليس فيها أهلها، أو كوَقْبَةِ مَشارٍ ما بقي فيها إلا نحلُها. فكيف تظنّون أن الله ما أرسل مجـدّدًا في هذا الزمان، وكان وقت نـزولِ المائدة لا وقت رفعِ الخِوان. وكيف تزعمون أن الله الكريم عند ازدحام هذه البدعات وسيل السيئاتِ، ما أراد إصلاح الخلق، بل سلّط على المسلمين دجّالا منهم ليهلكهم بسمّ الضلالات؟ أكان دجلُ النصارى قليلاً غير تامٍّ في الإضلال، فكمّله الله بهذا الدجّال؟ فوالله ليس هذا الرأي من عين العقول والأبصار، بل هو صوت أنكَرُ مِن صوت الحمارِ، وأضعف مِن رَجْعِ الحُوار. (الاستفتاء ص 28)