خطاب الاختتامي لحضرة أمير المؤمنين أيده الله في اجتماع لجنة إماء الله في المملكة المتحدة
حضرة ميرزا مسرور أحمد يخطب بأكثر من 6700 مسلمة أحمدية من جميع أنحاء المملكة المتحدة مع اختتام اجتماع لجنة إماء الله الرابع والأربعين المتزامن مع الذكرى المئوية لتأسيس اللجنة
“عسى أن تُسجل تضحياتكن وإخلاصكن الثابت لدينكن في تاريخ الإسلام” – حضرة ميرزا مسرور أحمد
في 24/09/2023، ألقى إمام الجماعة الإسلامية الأحمدية العالمية، الخليفة الخامس حضرة ميرزا مسرور أحمد، خطابًا ملهمًا للإيمان في ختام الاجتماع الوطني الرابع والأربعين للجنة إماء الله في المملكة المتحدة.
وقد حضر هذا الحدث الذي استمر ثلاثة أيام في مزرعة أولد بارك في كينغسلي أكثر من 6700 فتاة وسيدة، وكان بمثابة إلهام للنساء المسلمات الأحمديات لتعزيز إيمانهن من خلال الانضمام معًا في برامج مختلفة مصممة لتحفيز تدريبهن الروحي والأخلاقي والتعليمي.
صادف هذا العام الذكرى المئوية لتأسيس لجنة إماء الله في الجماعة الإسلامية الأحمدية، حيث تأسست في مطلع عام 1922.
في بداية خطابه أشار حضرة ميرزا مسرور أحمد إلى ذلك قائلًا:
“حيث إن هذه الذكرى المئوية مدعاة للسعادة، علينا أن نتذكر أيضًا أننا لسنا كأهل الدنيا الذين يلتمسون أي عذر لإقامة الاحتفالات، ويكتفون بفكرة بلوغ 100 عام من الوجود. وبدلاً من النشوة والابتهاج، يجب أن يكون هذا الحدث الهام بمثابة وسيلة للتأمل وفرصة للتعبير عن امتناننا لله تعالى على نعمه وبركاته”.
وقال حضرته إن على عضوات لجنة إماء الله السعي إلى تحقيق الأهداف التي حددها مؤسس لجنة إماء الله، الخليفة الثاني للجماعة الإسلامية الأحمدية، والذي أوضح أنه “لا ينبغي لأي امرأة مسلمة أحمدية أن تعتبر نفسها أقل شأنا من أي رجل أو أن تبقى مختبئة في ظله. فمن جميع النواحي، الرجال والنساء متساوون”.
وقال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
“من المؤكد أنه وفقًا لأمر الله تعالى ورسوله الكريم (صلى الله عليه وسلم)، يجب على المرأة أن تلعب دورًا أساسيًا في الحفاظ على بيتها وأسرتها ولاسيما فيما يتعلق بتربية أطفالها. وفي الوقت نفسه، أوضح حضرة المصلح الموعود (رضي الله عنه) أن السيدات المسلمات الأحمديات ملزمات بخدمة مجتمعهن والسعي لتحقيق ازدهاره، وخاصة من خلال تبليغ تعاليم الإسلام”.
وذكّر حضرته الحاضرات بأن نشر رسالة الإسلام مهمة لا تقتصر على الرجال فحسب، بل على النساء أيضًا.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
“اعتبرن أن مهمتكن هي نشر تعاليم الإسلام من خلال الالتزام بقيمه ومعتقداته ونشر رسالته في كل مكان. والأمر متروك لكنّ، كعضوات في اللجنة، لتظهرن للعالم ما هو الإسلام وما يمثله حقًا”.
وألقى حضرة الخليفة الضوء على كيف تثار الاعتراضات الكاذبة بشكل روتيني ضد الإسلام فيما يتعلق بحقوق المرأة.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
“إذا ردت المرأة المسلمة بشكل مباشر على مثل هذه الادعاءات من خلال إظهار عقيدتها بفخر واستخدام فكرها وتجاربها الإيجابية لتثقيف من يجهلون تعاليم الإسلام حول كيف أن هذه التعاليم تحمي حقوق المرأة، فسيكون لذلك وزن أكبر بكثير مما لو رد أي رجل بالنيابة عنها”.
وأوضح حضرة الخليفة دور الرجل والمرأة داخل الأسرة وكيفية الحفاظ على الحقوق المتساوية في الإسلام.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
“صحيح أن الإسلام قد نص على تقسيم العمل، حيث أعطي الرجال المسؤولية الرئيسية في إعالة أسرهم ماديًا، في حين أعطيت المرأة الواجب الأساس في إدارة شؤون المنزل وتربية أطفالها. فبغض النظر عن هذا التمييز، قد أكد الإسلام بشكل كبير على أهمية تعليم الفتيات والسيدات حتى يتم إطلاق العنان لإمكاناتهن، فيصبحن ذخرًا لمجتمعهن”.
وأضاف حضرة ميرزا مسرور أحمد قائلًا:
“علاوة على ذلك، فإن التعليم سيمكن الأمهات من رعاية أطفالهن وتوجيههم بطريقة تجعلهم مواطنين مثقفين ومسؤولين يساهمون بشكل إيجابي في مجتمعاتهم. لذلك، حتى لو كانت هناك درجة من الاختلاف في مسؤوليات الرجل والمرأة، فقد أعطاهما الإسلام حقوقًا متساوية من حيث قيمتهما كبشر ومن حيث مشاعرهما وعواطفهما.”
بعد ذلك، أوضح حضرته أنه في عهد النبي الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم)، وصلت المرأة المسلمة إلى مرتبة روحية سامية على الرغم من تعرضها للاضطهاد الشديد.
وذكر كيف اضطرت النساء المسلمات الأوائل إلى مغادرة أوطانهن بسبب الاضطهاد، لكنهن لم ينسين أبدًا الهدف من هجرتهن، “وهو نيل الحرية الدينية. وبعد ذلك، مارسن دينهن بإخلاص وآثرنه على كل شيء آخر”.
ودعا حضرة ميرزا مسرور أحمد عضوات لجنة إماء الله لتقييم التزامهن الديني وقال:
“اليوم، أُجبرت الكثيرات منكن أو أهاليكن أيضًا على مغادرة وطنكن بسبب الاضطهاد الديني. وبعد أن قمتن بذلك، يجب أن تسألن أنفسكن هل الآن، بعد حصولكن على الحرية الدينية، تؤثرن دينكن على كل شيء آخر؟ هل أنتن مستعدات لكل التضحيات الممكنة؟”
وقدم حضرة ميرزا مسرور أحمد المزيد من الإرشادات للأمهات وقال:
“تتجذر الأنشطة والمعتقدات المبتذلة والضارة بشكل لا يصدق وهي وسيلة لإبعاد الأجيال القادمة عن التعاليم الدينية والقيم الأخلاقية. ومن ثم، فإن توجيه أطفالكن ومساعدتهم على التمييز بين الخطأ والصواب أمر ضروري وتحدٍ كبير يجب على الأمهات المسلمات الأحمديات أن ينهضن له”
ثم ذكر حضرة الخليفة أمثلة عن كيفية إيثار المرأة المسلمة لدينها على الدنيا في عهد النبي الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم).
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
“بعد غزوة أحد، التي تكبد فيها المسلمون الخسائر، كانت حالة النساء المسلمات لدرجة أنهن لم يبالين بموت أزواجهن أو أبنائهن أو إخوانهن. ولم يسألن إلا عن سلامة النبي صلى الله عليه وسلم، فشعرن بالارتياح عندما علمن أنه حي وبصحة جيدة”.
ثم حث حضرة الخليفة النساء المسلمات الأحمديات على التفكير في أمثلة هؤلاء النساء الصالحات حيث قال:
“في ضوء هذه الأمثلة الرائعة من صدر الإسلام، أعرب حضرة المصلح الموعود (رضي الله عنه) عن اعتقاده الراسخ بأنه إذا نُفخت في النساء المسلمات الأحمديات في عصرنا الحالي نفس روح وحماس النساء المسلمات الأوائل، فإن الجماعة الإسلامية الأحمدية ستزدهر وتتقدم بسرعة كبيرة. وبالتالي، كنساء مسلمات أحمديات، عليكن إدراك واجباتكن في نشر رسالة الإسلام بين السيدات الأخريات بحيث يمكن توجيه أجيال المجتمع القادمة بشكل صحيح. ونظرًا للتأثير المحوري للنساء على ذرياتهن، فسيكون لتبليغ النساء تأثير بالغ وطويل الأجل على المجتمع”.
وتابع حضرة ميرزا مسرور أحمد قائلاً:
“أمام جميع النساء المسلمات الأحمديات يوجد مثال حضرة عائشة (رضي الله عنها) التي وصلت، من حيث المعرفة الدينية، إلى مرتبة تفوق بكثير رجال عصرها أو في أي عصر آخر. وبناءً على ذلك، تتمتع النساء بالقدرة على الوصول إلى أعلى المستويات الفكرية، لذا يجب ألا تقللن من شأن أنفسكن أبدًا. بل اسعين إلى تحقيق إمكاناتكن الغنية، لأنها ستزودكن بالقدرة على تربية أطفالكن بطريقة تجعلهم يكبرون ليكونوا مفيدين للمجتمع. وسيمكنكن هذا أيضًا من الدفاع عن دينكن ومعتقداتكن.
وفي ختام كلمته، ذكّر حضرة الخليفة بالمهمة الكبيرة التي تنتظر المرأة المسلمة الأحمدية.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
“بينما نقلب صفحة القرن الأول من عمر لجنة إماء الله، فإن أمامكن الآن صفحة بيضاء في القرن القادم، وسيحدد سلوككن ومعيار إيمانكن ما سيكتب عليها في النهاية. عسى أن تُسجل تضحياتكن وإخلاصكن الثابت لدينكن في تاريخ الإسلام، مثل النساء اللاتي أسلمن في زمن النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم). وأدعو الله أنه عندما يحين وقت كتابة تاريخ هذا العصر، فإن الصفحة البيضاء التي تحدثت عنها، ستكون مزينة بقصص عدد لا يحصى من النساء الأحمديات من هذا العصر اللاتي أثبتن أنهن مستعدات لكل التضحيات في سبيل دينهن. واللواتي قمن بمسؤولياتهن تجاه دينهن بشكل رائع”.
وتابع حضرة ميرزا مسرور أحمد قائلًا:
“عسى أن يشهد التاريخ على أن النساء المسلمات الأحمديات كن في الطليعة في توحيد الله في الدنيا ولعلنا نشهد قريبًا النصر الروحي الكبير للنبي الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم) بحيث يتحد الناس من جميع الأمم والأجناس روحيًا ويتبعون تعاليم الإسلام الحقيقية. بالتأكيد، في هذا فقط يكمن خلاص العالم”.